حادثة الرمثا : هل نتعلم درسا؟

حادثة الرمثا : هل نتعلم درسا؟
الرابط المختصر

نتوقع ونتمنى أن تتمكن قنوات الحوار ما بين الدولة ووجهاء مدينة الرمثا وأهلها الكرام من تهدئة غضب الشباب الثائرين وتعمل على إيقاف الإنفلات الأمني الذي حدث في الأيام الماضية.

لقد كانت زيارة رئيس الوزراء عون الخصاونة لأهل المرحوم نجم الدين العزايزة خطوة موفقة من الناحية السياسية والأخلاقية وأظهرت توجها جديدا من قبل الحكومات في زيادة الحرص على التماسك الوطني، بخاصة قول رئيس الوزراء أن “دم المرحوم في رقبته” وأن التحقيق سيعاقب كل مخطئ كما أكد الخصاونة حرص جلالة الملك عبد الله الثاني على الوصول إلى الحقيقة.

والبيان الصادر عن عشيرة الزعبي بعد الزيارة كان ايضا يعكس روحا وطنية عالية ومسؤولية كبيرة عهدناها دائما في هذه العائلة الشهمة.

هذه هي شيمة الأردنيين الذين يختلفون ويغضبون لكنهم في النهاية لا يستهدفون مكتسباتهم ولا يقبلون التأثير على استقرار بلدهم. 

ولكن يجب ألا نتوقف هنا ونلتقط الأنفاس في انتظار الحادثة التالية، فمن المهم جدا أن يتم التعامل مع هذه الحادثة من قبل الدولة بطريقة مختلفة عما سبق في حالات مماثلة بقيت فيها الحقيقة إما غائبة أو غير مقنعة مما ساهم في استمرار الغضب الصامت والذي قد يتحول إلى غضب منطلق من عقاله لأي سبب لاحق. 

في جوهر عملية الإصلاح في الأردن مطلوب من الدولة والمجتمع الوصول سريعا إلى توافق بشأن تحقيق التوازن في المعادلة الأمنية الداخلية بحيث يبقى لرجال الأمن حقهم في ضبط الخروج عن القانون أو ممارسة دورهم في حماية الأمن الاجتماعي، ويبقى للمواطنين الحق في عدم التعرض للإيذاء الجسدي بأية طريقة كانت ربما باستثناء الدفاع المباشر عن النفس في حال تعرض الجهات المطبقة للقانون لخطر داهم.

وما هو أهم من ذلك أن يتم تفادي إطلاق أية تصريحات أو تبريرات قبل الحصول على رأي علمي وطبي قاطع وموثوق يحدد اسباب وملابسات العنف أو حالات الوفاة التي تحصل في المعتقلات. 

إذا أردنا أن ننتقل بالفعل إلى الحالة المنشودة من الإصلاح السياسي المتوازن لا بد من احترام القانون من جهة وتطبيقه بعدالة وفعالية على الجميع بلا استثناء حتى لا يقع البعض ضحية إما لعنف السلطة أو لعنف وتهديد الجماعات الاكبر عددا.

ومن جهة أخرى لا بد من الصراحة والشفافية التامة في إعلان الحقائق وبدون مجاملة لأحد. لو كان الخطأ من الامن يجب الاعتراف به ولو كان هناك سلوك مناف للقانون من قبل المواطنين لا بد من إظهار ذلك. دولة القانون تعني عدم مجاملة اي طرف سواء السلطة أو المجتمع. 

التصريحات الرسمية المستعجلة وغير المقنعة هي تماما مثل انتشار الشائعات والاتهامات غير الموثوقة، ففي غياب الحقائق تزدهر المعلومات الخاطئة وتكتسب زخما كبيرا كما تمنح الفرصة لكل الجهات التي تريد صب الزيت على النار في تأجيج الغضب واستثمار الموقف ضد الدولة ومؤسساتها، وبالتالي لا نستطيع التفريق ما بين الغضب العفوي وما بين المخطط المنهجي للتخريب، وهنالك العديد من الأيادي التي ترغب نقل نموذج من الفوضى في المنطقة إلى بلادنا. 

نتوقع من الحكومة الحالية تعاملا أكثر حكمة من الحكومات السابقة، ونثق بقدرة أهالي الرمثا الكرام على استعادة الهدوء لتسهيل الوصول إلى الحقيقة، ولكن يجب أن نكون حريصين تماما على عدم تكرار مثل هذه الأحداث. وبالرغم من كل معرفتنا وتقديرنا لمستوى الضغط النفسي الذي وصلت إليه الأجهزة الأمنية بسبب الإنهاك من التعامل مع آلاف المسيرات في الأشهر الماضية، ومن تعقب اية مصادر محتملة للخطر على البلاد قد يأتي عبر الحدود فإن المسؤولية تتعاظم بخاصة في حماية حق الحياة ومنع ممارسة العنف ضد كافة المعتقلين والموقوفين، فهذا يجب أن يصبح النمط السائد في إدارة الملفات الأمنية. 

حمى الله الأردن، مع كل الشكر لرئيس الوزراء وأهل المرحوم على إظهارهم للروح الوطنية العالية. 

الدستور

أضف تعليقك