توطين مذهبي وسكاني
نعم توطين الفلسطينيين بعيدا وخارج ارضهم التاريخية التي تحتلها العصابات اليهودية منذ عام 1948 يجري على قدم وساق, لكنه ابدا ليس توطينا سياسيا ولن يكون, بل يأخذ احد شكلين, المذهبي والسكاني.
اولا: التوطين المذهبي: وهو ما تؤشر عليه (المبادرات الانسانية المفاجئة في العراق ولبنان.. وقد سبق للزميل نقولا ناصر ان قارب الموضوع الاول بعد زيارة محمود عباس الى شمال العراق بعد احتلاله ثم الى لبنان, فيما يستعد البرلمان اللبناني لمناقشة (مبادرة انسانية) مقدمة من جماعة 14 اذار التي يقودها تيار المستقبل ولا تقول هذه المبادرات انها تسعى لتوطين اللاجئين في اطار اقتسام دول الاقليم لهذا التوطين, بل تحت شعارات انسانية لتخفيض معاناة هؤلاء اللاجئين.
واذا كانت هذه المعاناة كبيرة وتتراوح بين جرائم الحرب التي ارتكبت بحق هؤلاء اللاجئين سواء على يدي قوات الغزو الامريكية في العراق او على يدي جماعات جعجع في لبنان (مجزرة صبرا وشاتيلا) وقبلها مجزرة تل الزعتر.. وبين حرمان الفلسطينيين من مئات الوظائف وحصرهم في اعمال محددة بعضها يحط بالكرامة الانسانية.. الخ, فان هذه المعاناة هي آخر ما يفكر بها القتلة والرأسماليون...
اما الهدف الرئيسي من وراء ذلك فهو توظيف اللاجئين في اطار التوازن المذهبي السني مع الشيعة, وهو ما يستدعي اولا وقبل كل شيء اسكات او انهاء صوت الامل بالعودة واضفاء شرعية فلسطينية رسمية بالاعتماد على اتفاقية اوسلو واتفاقية عباس - يوسي بيلين وبيان جنيف (عبد ربه - بيلين).
ثانيا: التوطين السكاني وهو مشروع صهيوني يستهدف الاردن واللاجئين الفلسطينيين فيه.
وحسب مؤتمرات هرتزليا تتعامل الحركة الصهيونية مع الاردنيين والفلسطينيين كسكان يعيشون على ارض (اسرائيل) بين البحر والصحراء يمكن ان يديروا انفسهم بحكم محلي لحماية الامن وجباية الضرائب, وان اقامة وطن بديل بالمعنى السياسي لا يقل خطرا على اسرائيل من دولة فلسطينية في الضفة الغربية.. وعلى الدولة الاردنية نفسها ان تتحول الى (سلطة على سكان) وليس دولة على مواطنين اردنيين او فلسطينيين.