تحذيرات الوزير (وتخاصية الموظفين الجدد)

تحذيرات الوزير (وتخاصية الموظفين الجدد)
الرابط المختصر

في استعراضه لوضع خزينة الدولة, ابرز وزير المالية الدكتور ابو حمور في حديثه امس لـ "العرب اليوم" النقاط التالية:

1) تزايد الايرادات الضريبية الى الخزينة عنها في العام الماضي خلال الخمسة اشهر الاولى من هذا العام. وهي (الدخل, المبيعات, الجمارك). 2) تراجع دخل الخزينة من العملات الصعبة (السياحة, الحوالات من المغتربين). 3) ارتفاع رصيد الدين العام الداخلي.

لقد قيل في ذروة نشاط عملية الخصخصة قبل سنوات, بأن الهدف هو التخلص من دور القطاع العام في التنمية, وفتح الابواب على مصاريعها للاستثمار الاجنبي الذي سيخلق مئات آلاف فرص العمل (مثلاً: ذكر بأن منطقة العقبة ستشهد 70 الف وظيفة جديدة). وقيل ايضا بأن الهدف وضع سياسة مالية مستديمة ترسخ النظام المالي مع ثبات سعر الدينار. والواقع ان المستديم الباقي من هذه السياسة, وبنجاح, هو فرض الضرائب على المواطنين, فالايرادات خاصة من ضريبة المبيعات اصبحت المورد الثابت والاساسي (المستديم) من عملية الخصخصة.

نشعر بجدية تحذيرات الوزير من الوضع المالي, خاصة وانه يطلقها بعد وصول مليار و440 مليون دولار منها, اضافية, حتى الشهر الماضي. فماذا ستكون عليه الحال لو ان هذه المساعدات لم تصل? وعلى اي حال, فإن في تصريحات وزير المالية تفاصيل كثيرة اترك مسألة تقويمها وما ذهبت اليه من توصيفات لوضع الخزينة الى خبراء المال والاقتصاد. واكتفي, بأن اجدها مناسبة للتذكير بأن الاصلاح الاقتصادي لا يقل اهمية عن الاصلاح السياسي والاداري.

السياسات الاقتصادية سيئة الذكر, في مرحلة الليبرالية المتوحشة هي المحرك الاساسي لجميع الحركات الاحتجاجية في الشارع العربي منذ يناير من العام الحالي. لقد فشلت التنمية الاقتصادية القائمة على الخصخصة العمياء, وعلى مبدأ طرد الدولة من الانشطة التنمويةوخاصة دورها الرقابي على الاقتصاد والاستثمار.

لقد اثمرت عملية التخاصية المنفلتة من كل الضوابط عن شيء واحد ملموس هو ظهور طبقة "الموظفين الجدد" سماسرة الليبرالية المتوحشة, الذين تصرفوا كعصبة صغيرة تسعى الى ادارة القرارات العامة خارج اطار الانشطة الدستورية للحكومات. والنتيجة عوائد كبيرة من السمسرة التي تقاضاها الموظفون الجدد من الاستثمار الاجنبي ومن عملية تسليع الأرض, نمّت ثرواتهم. بالمقابل لم يخلقوا عوائد للنمو تطال الفئات الشعبية الفقيرة والمتوسطة. لقد زاد الاغنياء غنى فيما ازداد الفقراء فقراً.

لقد ادخلوا البلاد والعباد في دوامة من الاوهام والمغامرة من اجل الربح السريع في مضاربات اسواق البورصة, جرياً خلف اقتصاد من النمو الورقي وتضخم رؤوس اموال بأرقام خيالية لا تستند الى وقائع اقتصادية وانتاجية على الارض. وهو ما فجر الازمة العالمية التي يمر بها العالم منذ 2008 ، وقاد ايضا الى وقوع الاف الضحايا من المواطنين البسطاء في فخ اسواق البورصة الوهمية والورقية ليخسروا كل مدخراتهم.

واذا كان وزير المالية قد اجاد توصيف الوضع المالي للخزينة فإن واقع الاقتصاد الاردني خلال السنوات الثلاث الاخيرة قد استقر على ما يلي: 1) تعميم الركود وتراجع النمو 2) تراجع الارباح التي تجنيها المؤسسات والشركات وكذلك واردات الخزينة 3) تراجع الاستثمار الاجنبي لقلة الفرص الجاذبة اضافة الى مخاوف المستثمرين.

كما تخلق الظروف والتطورات الحالية في العالم العربي, التي لا توجد تنبؤات دقيقة بالمدى الزمني الذي ستنتهي فيه, ازمات مالية واقتصادية على مستويات مختلفة تؤثر على حوالات المغتربين و السياحة والتجارة الخارجية.

هذه الاوضاع, المالية والاقتصادية, هي التي تقف خلف عفوية الاحتجاجات والاعتصامات في اكثر من شارع عربي. واكثر الشعارات جاذبية للجماهير هو "محاربة الفساد" مما يؤشر على اهمية الاصلاح الاقتصادي. والخطوة الاولى الحاسمة هي ملاحقة الفاسدين الذين ضيعوا ثروات البلاد وإيداعهم خلف القضبان. لان في هذه الخطوة بداية للاصلاح الذي يجلب (المساعدات الخارجية) ويشجع الاستثمار المحلي والاجنبي .

العرب اليوم

أضف تعليقك