باريس في الزرقاء؟؟
لا اعرف شارعا اخر في الزرقاء تحتل فيه طاولات المطاعم والمقاهي الارصفة، سوى شارع مكة الشهير بشارع 36 في الزرقاء الجديدة.
والمشهد في الشارع اشبه الى حد بعيد بالمظاهر التي تمتاز بها الشوارع السياحية الباريسية، طبعا مع فوارق جوهرية لا تحصى بين الحالتين.
ولعل مقولة لأحد اوائل رؤساء بلدية الزرقاء، وهو قاسم بولاد، تلخص اهم تلك الفوارق، وهي المتعلقة بالثقافة والقيم.
حيث يروى عن بولاد رحمه الله قوله ذات مرة: "استطيع ان اجعل الزرقاء مثل باريس، لكن كيف اجعل من سكان الزرقاء فرنسيين؟"
ولنضع في الاعتبار قبل اي استنتاجات، ان الكثير من مفردات الثقافة الفرنسية مستوحاة من قيمنا الاسلامية التي تقوم على اساس احترام حريات الاخرين وحقوقهم وكراماتهم.
وبما ان الامر يتعلق هنا بالطريق، فقد حدد الاسلام ادابا حث المارة العابرين وكذلك المقيمين من تجار واصحاب مصالح على امتثالها والتقيد بها. واهم تلك الاداب "اماطة الاذى".
الا وان الطاولات على الارصفة هي الاذى بعينه، فهي لا تترك مجالا لعابر ولا تسلم النساء من تحرش بعض ندمائها، وإن سلمن، فان حياءهن يمنعهن من اختراق الصفوف فتضطر بعضهن للمخاطرة بالنزول الى الشارع ومزاحمة السيارات.
لا اظن ان هذا يحصل في باريس، وبالطبع فان اصحاب المصالح الذين تحتل طاولاتهم الارصفة عندنا ليسوا فرنسيين، ولا من يغضون الطرف عنهم ويسهلون لهم هذا الاحتلال من المسؤولين.
والمسالة كما اراها قيمية بقدر ما هي ايضا امنية، وهو ما يجعل مسؤولية الرقابة فيها متعددة الاطراف.
والخلاصة ان هذا الشارع الذي يعد معلما تجاريا صاعدا بقوة ينبغي ان يحظى بالرعاية، فهناك امال معقودة عليه لان يصبح رافعة اقتصادية في المحافظة ككل، ولكن مثل هذا المظهر وغيره يهدد بتبدد الامال وبتحوله الى مكان اخر تعمه الفوضى.