انتـ ..خاب ظني
مثلما لم يكن صحيحاً ولا صحياً (قبل عشرين عاماً) صياغة قانون يستهدف تحجيم حضور الحركة الإسلامية في البرلمان، فإن البحث عن قانون يلبي رغبة الحركة ذاتها، هو كذلك غير صحيح وغير صحي.
قبل عشرين عاماً اتخذ التكليف بالبحث عن قانون جديد الصيغة التالية: "نريد قانوناً يحول دون تمكين فئة أو طرف من نيل عدد مؤثر من المقاعد"، ولإتمام هذه الغاية تم تكليف أحد الباحثين وهو خبير "دولي" في استطلاعات الرأي العام، فاقترح قانون الصوت الواحد بالصيغة الأردنية المعروفة، ثم جرت عليها تباعاً بعض التطويرات بحيث وصلنا في آخر مرة إلى تجسيد كامل لـ"روح الصوت الواحد"، وبالمناسبة لا يزال صاحب الفكرة لغاية هذه الأيام "يستحي" من الاعتراف علناً بما فعله.
يعرف الجميع أن الطرف المستهدف مباشرة بذلك القانون هو الحركة الإسلامية بالذات، مع أن أحداً في الحكم لا يريد أن يعترف بذلك علناً. ولكن في هذه الأثناء غاب عن النظر أن النتيجة السياسية والاجتماعية لذلك القانون كانت نتيجة رجعية ومتخلفة إلى درجة كبيرة، لقد انقسم المهتمون بالقانون بين غاضبين وفرحين، ولكن تلك النتيجة الرجعية والمتخلفة لم تلق ما تستحقها من اهتمام، ولهذا ينحصر النقاش اليوم حول ما الذي يرضي الإسلاميين، من دون الالتفات الكافي للمجتمع ولتدني مستوى الحالة السياسية فيه.
لقد أعيد المجتمع إلى حالة ما قبل السياسة، وما يجري الآن من بحث عن صيغ وتفاهمات جديدة، لن تعيد المجتمع إلى السياسة، بل ستنزع ما تبقى من دسم سياسي عند الإسلاميين، وفي أحسن الأحوال قد نكون بصدد انتخابات بنكهة سياسية صناعية.
العرب اليوم