انتخابات 2010 من ضد من؟
اذا اصر الاخوان على مقاطعة الانتخابات ومعهم احزاب سياسية وحركات اجتماعية اخرى, فان انتخابات 2010 ستكون منزوعة الدسم, فلا توجد قوائم ضد اخرى, ولا برامج متعارضة ولا حتى شخصيات مستقلة تنتمي الى اليسار او اليمين, وبالتالي فانها لن تأتي بجديد في مجال الاصلاح السياسي ولا في القدرة على تمثيل الشعب.
سيُخلى الميدان لمرشحي العشائر والافخاذ والحارات والاثرياء الجدد وغيرهم, الذين عندما تجلس الى احدهم وتسأله عن الانتخابات حتى يبدأ في استعمال اصابعه (عندي كذا صوت من العشيرة, وكذا من الحارة الفلانية, وهذا وعدني وذلك على الطريق), وكأنك في سوق الحسبة تسأل عن اسعار السلع وليس امام انتخابات طابعها سياسي تمثيلي تشريعي.. الخ!!
اذا لم تكن انتخابات فيها (حدا ضد حدا) وبرنامج ضد برنامج آخر, فلماذا انا او غيري سيذهب الى صناديق الاقتراع? فغياب الحماس والمنافسة في اي انتخابات نيابية يفقدها صفة الديمقراطية. أما ان تكون المنافسة بِعَدّ الاصابع فانك لن تسمع جملة مفيدة واحدة في موضوع سياسي واقتصادي او اجتماعي.. الخ.
امام هذه الحكومة شهران قبل الحملة الانتخابية في تشرين الاول المقبل من اجل ان تعيد النظر بما آلت اليه الاوضاع في الساحة الانتخابية. أما العناد فلا يفيدها, واذا كان الاخوان سيصرون على المقاطعة فهذا شأنهم, لكن من يتحمل المسؤولية هو نظام الاحزاب ونظام الانتخابات الذي لم يترك فرصة لقيام منافسات برامجية خارج اطار حزب الاسلاميين.
العقيدة والايديولوجيا تجمع الاسلاميين, لكن ما الذي يمنع التيارات الاخرى من الاستمرار والتجذر والتحول الى ارقام انتخابية ببرامج وطنية? انها قوانين الاحزاب والانتخابات التي لا تسمح بتشكيل قوائم انتخابية, لان الدائرة الواحدة, والوهمية, والصوت الواحد تجزئ ولا تجمع, ولان جميع محاولات اصلاح قانون الانتخابات بدمج الصوت الواحد بالقائمة النسبية باءت بالفشل?
مع ذلك يمكن ان يقبل الجميع بخوض الانتخابات على القانون الجديد لو كانت الحكومة تصرفت كحكومة انتقالية مهمتها الرئيسية الاشراف على اجراء انتخابات حرة ونزيهة ودفع الاغلبية الصامتة للمشاركة فيها, لكن ما يجري انها حكومة تحرص على خلق خصوم جدد كل يوم, فاذا ما تابعت اخبار البلد مع مطلع كل نهار او عند مغيب الشمس, لن تجد إلا اخبار الاحتجاجات والبيانات ومواقف المقاطعة.
فاذا استمرت مقاطعة الاخوان واحزاب وفئات اجتماعية اخرى تلوح بها, عن اي نجاح ستتحدث الحكومة في تنظيم الانتخابات?
تملك الحكومة ورئيسها الوقت الكافي لنصب موائد للقاء (المعارضين) وليس المؤيدين و(المصفقين والمطبلين) والتباحث في مطالبهم ومناقشة اعتراضاتهم. ففي الثقافة البشرية ان الراعي لا ينتبه إلا للغنم الشاردة, ومع الاعتذار في استخدام هذا المثل, فان نسبة الشاردين تزداد كل يوم على الساحة الوطنية