الياس فركوح كُلّه مات.. حقاً مات
هكذا انسلّ بخفّة، كما نسمة، مؤثرا الرحيل بهدوء، دون ضجيج.
موجع هذا الغياب، ها أنا لمَا أنفض غبار الحزن عن قلبي، ولا قتامة الوحشة عن روحي، بعد، إثر وفاة أخي إبراهيم، لم أودّع آخر المعزّين، حتى أتي خبر رحيل الياس فركوح الصديق الشفيف النقي الصادق المخلص المبدع الأديب الحقيقي الإنسان الرهيف.
هذا كثير، موحش، محزن، مربك، يدمي الروح.. والله حطم قلبي غياب الياس كما هو موت أخي وأكثر، وقد كان الياس كتب لي معزيّا مواسياً قبل أيام، فبأي كلمات يمكن أن أعزّي بها نفسي وأصدقائه وعائلته اليوم؟!
تنفتح أبواب الذاكرة كلها، تُشرع ثكلى، فيقف الياس فركوح كما هو دائما باسما، واثقا، ولكنه هذه المرّة يلوّح بيديه صامتا؛ وكأني أراه الآن عند بوابة مكتبة الجامعة الأردنية حين استعرت في نهاية الثمانينيات مجموعته القصصية "الصفعة"، كانت أول ما قرأت له، ومن كثرة ما اعجبتني وأثّرت فيّ، بقيت لديّ واعتبرت نفسي سارقا لها عن سبق إصرار من الجامعة الأردنية. ها هو يبتسم لي ببهجة المحب، أمام باب "أزمنة"، في عام 1993م، يتلقف منّي مخطوط مجموعتي القصصية الأولى، كأنه يعمّدني قاصاً حين قال ستكون من إصدارات تباشير أزمنة، وصدرت الرحى، يا الله لو بقينا عند تلك اللحظة ولم تدر الأيام كما الرحى، لتوصلنا إلى هذه اللحظة، ولكن بين الدورة الأولى والآن تتجلى ملامح الياس فركوح ومواقفه أمام أبواب كثيرة هو المفتاح لها، وهو الذي وضع بصمته عليها في الأدب والصداقة والإنسانية والمواقف المشرّفة..
رحمة الله عليك يا صديقي الياس فركوح، فطرت القلب بغيابك، والروح مني حزينة باكية منكسرة على رحيلك.. فعليك السلام.. عليك السلام.