النخبة السياسية وفرص تحسين الصورة
أضاعت النخبة السياسية التي كانت في المشهد السياسي لفترات طويلة فرصة اختبار برامجها السابقة واللاحقة بعزوفها عن الترشح للانتخابات , بل مارست سلوكا فيه الكثير من الاختباء وقلة الجرأة , في زمن الربيع العربي وزمن حراك الشوارع العربية .
النخبة أضاعت فرصة تنويع الخيارات السياسية أمام الناخب الأردني وهذا الأخطر , فعدم وجود قوائم ذات مضمون سياسي برموز من العيار الثقيل خالف تطلعات الشارع وتوقعاته التي جاءت للمرة الأولى لصالح برلمان سياسي وتراجعت خيارات الخدمات الى الصفوف الخلفية , ليبقى المجال مفتوحا نسبيا لنواب الخدمات باستثناء بعض القوائم الحزبية .
عجز النخبة وتراجعها الى صفوف الجمهور او النظارة لن يخدم مشروع التغيير الذي تتحدث عنه معظم الشعارات الانتخابية المنثورة على الأعمدة الكهربائية والاشجار , ولن يسهم بدفع عجلة الإصلاح الى الأمام كما تتوقع الدولة من رجالاتها الذين وصلوا الى أعلى المناصب بدفع موضوعي من الدولة وليس بجهد فردي او بظروف ذاتية , فلا يوجد سياسي اردني حملته الجماهير الى الموقع ولم يتكلف رئيس وزراء عن قائمة برلمانية لها الاغلبية .
تنوع القوائم برامجيا كان يتطلب ولوج الرؤساء , ووزراء التكرار الطويل بوابة القوائم , فالمشهد سيصبح اكثر توازنا لو كانت خيارات الناخب مبنية على اساس تنوع القوائم بين التقدمية والوسطية والليبرالية والمحافظة , ما سينعكس نوعيا على سوية الحوار تحت القبة وعلى مخرجات العملية التشريعية من قوانين ورقابة ومحاسبة .
النخبة السياسية أثبتت ان الدولة كانت بلا سند نخبوي من ساستها بل أساءت الى رمزية النخب التي يقول كثير من المراقبين انهم بلا وجود شارعي ولذا انكفأت النخبة وتراجعت الى صفوف النظارة او الى مصاف الداعم الخجول للقوائم وللمرشحين , فالدولة لديها الماكينة القادرة على اعادة انتاج النخبة وتدويرها وفقا لحجم الاثر والحضور الشعبي ولن تعدم الوسيلة للخروج بنخبة جديدة لها حضورها السياسي والشعبي لتجاوز خطأ النخبة السابقة التي باتت في موسم الشتاء السياسي .
الانتخابات القادمة تحمل بذور نجاح خاصة على صعيد عدم التدخل والنزاهة فثمة رأي يحمل الكثير من خفة الدم يقول لو كانت هناك روائح تدخل لرأينا تلك النخب تتصدر المشهد , وهذه هي احدى فضائل غياب النخبة السابقة التي يرى كثيرون أنها سبب الازمة ولن تكون بأي حال جزءا من الحل .
وبعيدا عن روح الدعابة فإن النخبة امامها فرصة كي تقوم بدورها المأمول بتحفيز المشاركة من خلال تبني القوائم والمرشحين والتنظير لهم ودعم الاقرب الى فكر النخبة السياسية حتى تثبت موجوديتها في الشارع وتؤكد على دورها الوطني , ويمكن تبرير غيابها بوصفه فرصة لفتح المجال لجيل جديد من النخبة فرضته الوقائع العربية واحداث الربيع العربي رغم ان حضورهم في المشهد الانتقالي كان ضروريا بخاصة مع غياب طيف رئيس من اطياف اللون السياسي الاسلامي .
عجلة الانتخابات دارت ودخلت معترك المنافسة رغم غياب تلك النخب , وحتى لا تترك مجالا للتأويل عليها الدخول في معركة المشاركة ودعم الاقرب لها , والأهم دعم من قرر المشاركة وتحمل وزر المرحلة الانتقالية التي تحتاج لمهارة استثنائية للخروج من تبعاتها , ومتطلباتها الخاصة .
بارقة الأمل موجودة والفرصة لم تغلق نوافذها بعد وعلى الجميع اغتنام الفرصة حتى المقاطعين , فما ينتظر البرلمان القادم سينعكس على حياة الأردنيين جميعا ولا مجال لترك المستقبل السياسي للصدفة او للامنيات الجميلة .
الدستور