"المستقلة للانتخابات" : بضع أفكار لوجه الله

"المستقلة للانتخابات" : بضع أفكار لوجه الله

أكتب الملاحظات التالية على سبيل التعاطف مع الهيئة المستقلة للانتخابات:

لا يكفي القول بأن الانتخابات ستجري قبل نهاية العام الحالي لتحفيز الناس على التسجيل، كما أن الدعاية الحكومية للتسجيل، حتى لو كانت متقنة، لا تفيد كثيراً في هذه المرحلة من العملية الانتخابية نظراً لطبيعة العلاقة بين الجمهور والحكومة.

إن إقبال الناس على التسجيل هو في التطبيق العملي مهمة "أهلية" تقوم بها مجموعات من النشطاء في كل موقع بعيداً عن "وقار" العملية الانتخابية، والواقع أن التغيرات "الاصلاحية" التي جرت أخيراً على مسألة الانتخابات، لم تكن كافية لدفع النشاط الانتخابي نحو "السياسة"، وبعبارة أخرى إن ما جرى لم يرفع من عنصر السياسة في العملية الانتخابية التي سوف تستمر على حالها كنشاط محلي يجري على مستوى أصغر دوائر الانتماء. وبالمجمل قد تحافظ الانتخابات على كونها مجرد عملية تجديد أو إعادة نظر بالزعامات المحلية، وحتى بالنسبة للقائمة الوطنية فإن الأجواء السياسية الحالية تتيح المجال لتطويع القائمة للمتطلبات المحلية (قليلة السياسة) وفق آليات سيتوصل اليها النشطاء حكماً.

في التجربة الأولى للهيئة المستقلة، ومهما بذلت من جهد، فمن المرجح أن الاقتناع الشعبي باستقلاليتها لن يتحقق بدرجة عالية، وقد لا يكون دروها مستوعباً، وعلى الهيئة أن لا تتفاجأ بذلك لأنها غير مسؤولة عنه، بمعنى أن دور الهيئة سيبقى محسوباً على الحكومة، لا سيما أن الثقافة السياسية الشعبية لا تميز كثيراً بين مفهومي الدولة والحكومة، فكل ما هو رسمي أو مركزي يعد حكومياً، وهو ما سيشكل عبئاً على عمل الهيئة على الأقل في هذه الدورة.

حتى لا تضيع الفائدة من تجربة الهيئة المستقلة، وحتى تتمكن من التفرغ لمهمتها في الاشراف على الانتخابات وإدارة المراحل المهمة فيها، ينبغي فوراً تحديد يوم الاقتراع، وهو ما ينهي تردد النشطاء الأهليين، ويمكّنهم من مباشرة عملهم في تحريك ماكنة التنافس الانتخابي ذات المواصفات الخاصة، بما فيه من عمليات تبادل ووعود وتصفية حسابات انتخابية سابقة ورد نكايات محلية وغير ذلك من نشاطات تقود فعلياً الى رفع نسبة التسجيل وهي المهمة الأولى حالياً، ولكنها ليست مهمة أولى للهيئة نفسها.

من مصلحة الانتخابات ككل، أن لا تتحمل الهيئة المستقلة مسؤولية مسيرة أكثر من عقدين من الانتخابات التي جرت بلا هيئة مستقلة. عليها أن تحافظ على مسافة مع الحكومة وأن تعمل على تكريس نفسها كجهة متعدية للحكومات، من أجل المستقبل على الأقل .

العرب اليوم

أضف تعليقك