تشكل منحة مجلس التعاون الخليجي للأردن، للاستثمار في المشاريع التنموية، نقطة انعطاف مهمة في العلاقة الاقتصادية بين دول المجلس والأردن، وتُظهر في الوقت نفسه فرصة لتمويل مشاريع تنموية كبيرة في المملكة، يمكن استخدامها ضمن الأولويات التنموية.
وبالرغم من أن الحكومة وقعت اتفاقيات عدة مع بعض هذه الدول، إلا أن الحكومة لم تعلن، حتى الآن، خطة التنمية التي سيتم تنفيذها في الفترة المقبلة.
خلال الأسبوع الماضي، أعلنت وزارتا التخطيط والنقل بعض التفاصيل لعدد من المشاريع التي تم الاتفاق عليها ليجري تنفيذها خلال السنوات المقبلة.
فقد أعلنت وزارة التخطيط أنه سيتم استخدام جزء من المنحة للاستثمار في الخدمات الصحية والتعليمية، من خلال إنشاء المدارس، ودعم المستشفيات والمرافق الصحية الأخرى في المناطق المختلفة من الأردن.
كذلك، أعلنت وزارة النقل أن جزءاً آخر من المنحة سيخصص لتمويل شبكة سكك حديدية وطنية، يمكن استخدامها في المستقبل لربط دول الخليج بأوروبا.
ومن المثير للاهتمام فيما أعلنته وزارة النقل، هو أن سكة الحديد الوطنية سوف تستخدم لأغراض نقل البضائع والسلع، لكن ليس لنقل الركاب.
بالرّغم من أن الاستثمار في قطاع الخدمات الصحية والتعليمية لرفع مستواها وطاقتها الاستثمارية، كما في قطاع النقل من خلال الاستثمار في سكة الحديد، يعد مسألة حيوية، إلا أن الحكومة لم تفصح بعد عن خطة متكاملة تأتي في سياقها هذه الخطط.
والمطلوب من هذه الخطط هو الاستثمار في قطاعات حيوية؛ في البنية التحتية، وفي مشاريع استثمارية، تؤدي إلى إحداث نقله نوعية في هذه القطاعات، تفسح المجال لحيوية وديناميكية أكثر في الاقتصاد الأردني.
وبالرغم من أهمية الاستثمار في الخدمات الصحية والتربوية، إلا أن ذلك قد لا يكون كافياً لتحقيق الأهداف المطلوبة. فتحسين هذه الخدمات شيء مهم، ولكن أثره على الاقتصاد سيكون غير مباشر.
كذلك، فإن الاستثمار في شبكة سكك حديدية على المستوى الوطني هو مسألة حيوية غاية في الأهمية، ولكن المفاجأة في إعلان وزارة النقل هي أن الشبكة ستكون فقط لنقل السلع والبضائع، وليس لنقل الركاب.
وقد تم تبرير ذلك بأن جدوى ذلك غير كبيرة.إن الاستثمار في شبكة سكك حديدية لنقل المواطنين وربطهم، وتسهيل تنقلهم بين مختلف مناطق المملكة، لا يقل أهمية، إن لم يزد على أهمية نقل السلع والبضائع.
فقد بات من المعروف أن ضعف المواصلات أو غياب مواصلات عامة على المستوى الوطني هو من أهم العوامل المعيقة للنمو والتنمية الاقتصادية، وقد أدى ذلك إلى جعل المدن والمحافظات الأردنية كالجزر المعزولة عن بعضها بعضا، ويسهم في الهجرة الداخلية.
إن أي خطة تنموية في الأردن يجب أن تسجل أربعة مكونات هي: الاستثمار في مشاريع الطاقة، والمواصلات العامة، والمياه، كما الاستثمار في المشاريع الاقتصادية الاستراتيجية (بالتعاون مع القطاع الخاص) في المحافظات النائية، وبخاصة المحافظات الجنوبية.
وقد يكون هناك تصور لدى الحكومة للاستثمار في هذه القطاعات، ولكن لم تفصح الحكومة عن خططها إذا كانت موجودة فعلاً.إن المطلوب من الحكومة الآن بلورة خطة تنموية للسنوات الخمس المقبلة التي تشكل مدى المنحة من مجلس التعاون الخليجي.
كما يجب إشراك الخبراء والمجتمع المدني والقطاع الخاص في هذه الخطة التي عليها أن تأخذ بالاعتبار التحديات التنموية والاجتماعية التي تواجه البلد، حتى تستطيع أن تؤدي الأغراض والأهداف المرجوة منها.
الغد