المرشح يتكلم "نَحَوي"
متابعة ما يكتبه المرشحون على يافطات الشوارع وإعلانات الصحف من شعارات أمر فيه قدر من الطرافة, ولكنها لا تكمن في محتوى الشعارات التي في أغلبها عادية وذات سقوف متواضعة وكتبت بلغة خجولة, وفي بعض الأحيان كتب بعضهم شعاراته وكأنه يتكلم مع خصوم أو أصدقاء, هم وحدهم يفهمون مبررها الحقيقي. كما أنها متشابهة كثيراً في مفرداتها مع تغيير بسيط في توزيع هذه المفردات, فقد يكتب أحدهم عبارة "العدالة هدفنا" فيكتب زميله "هدفنا العدالة", ومثل ذلك يجري في كلمات مثل التعليم والبطالة والفقر والحقوق والواجبات وصولاً إلى حق العودة.
الطرافة تكمن في مقارنة الشعارات المكتوبة بمجمل النقاش الذي سبق الترشيح, حينها لم يذكر المرشحون ولا أنصارهم أي من تلك الكلمات كمبرر أو هدف للترشيح, بل كان التركيز على الشخص من حيث هو على سبيل المثال: "قرابتنا" أو "مِنْ جماعتنا" أو أنه "فلوسه كثيرة", "شبعان", "وقّف معنا", "خَدَمْنا", "يمشي معنا", "أوْلى بيها من غيره", "غيره مِشْ أحسن منه", "خليه يجرب حظه"...وغير ذلك من كلام "واقعي".
لكن المرشح, وبمجرد أن يحسم أمر ترشيحه, ينتقل من هذا الكلام الواقعي إلى الكلام الرسمي الوقور, وعادة ما يجد بين أنصاره مَنْ يتقن ترتيب الكلام فيكلفونه بإعداد الشعارات.
اعتدنا في الرمثا أن نقول عن الشخص الذي ينتقل من الكلام العادي التلقائي إلى الكلام الفصيح المنظم أنه صار يحكي "نَحَوي". ويبدو أن المرشحين في كل البلد هذه الأيام صاروا يحكوا "نَحَوي".
العرب اليوم