المجلس‎ ‎الأعلى‎ ‎للإصلاح‎!‎

المجلس‎ ‎الأعلى‎ ‎للإصلاح‎!‎
الرابط المختصر

تفاجأت، كغيري من المراقبين، بإعلان تشكيل المجلس الأعلى للإصلاح الذي يتكون من مكتب جماعة الإخوان المسلمين؛ ومكتب حزب جبهة العمل الإسلامي التنفيذيين، بالإضافة إلى رئيس لجنة الإصلاح.

بداية، وفي الشكل، قد يبدو للقارئ أن هذا المجلس هو تحالف بين طرفين مختلفين، أرادا تجميع جماهيرهما في جهد واحد، من باب إقامة التحالفات، ورص الصفوف لتعظيم ثقلهما في الشارع، والسعي إلى تحقيق أهدافهما.

ولكن، الكل يعرف أنه لا فرق بين الجماعة والحزب، والقيادة هي نفسها إذا أخذنا في الاعتبار عامل التدوير بين الجماعة والحزب وتقاسم الأدوار.

كذلك، كان الجمهور هو نفسه من أعضاء الجماعة والحزب وأنصارهما من غير الأعضاء المنتمين إليهما.

في الشكل أيضاً، وقد يكون في الجوهر كذلك، فإن المجلس الأعلى للإصلاح مكون من مكتب تنفيذي لحزب سياسي من حقه وواجبه أن يهتم بالعمل السياسي، وأن ينشط في تحقيق أهدافه السياسية في الإصلاح والمشاركة السياسية، ومن "جماعة" غير سياسية من المفروض أن تعنى بالشأن التوعوي والخيري والتطوعي، بما يتناسب مع أهدافها.

إذن، فالمجلس الأعلى هو تحالف بين السياسي المسموح له بالعمل السياسي، وبين الخيري الدعوي.

في الشكل أيضاً، فقد كانت الحركة جزءاً من المجلس الأعلى للأحزاب المعارضة، وجزءاً من جبهة الإصلاح الوطني.

ويتساءل المرء فيما إذا كان إعلان تشكيل المجلس الأعلى للإصلاح هو إعلان نهاية جبهة الإصلاح والمجلس الأعلى للأحزاب المعارضة، أم أنه هيئة جديدة رافدة سياسياً للهيئتين السابقتين؟

ومن المهم جداً، سياسياً وأكاديمياً، التوقف عند فشل التجارب السابقة، كجبهة الإصلاح أو غيرها، وأسباب الخلافات التي أدت إلى موتها السريري، إذا كان المجلس الأعلى يريد أن يعمل مع أطياف أخرى من الشعب الأردني، أولم يكن حرياً بالمجلس الأعلى التشاور معها، أم أنه يتوقع أن تلتحق به أطياف المعارضة من الأحزاب الأخرى؟

في الجوهر، لا يغدو تشكيل المجلس أكثر من محاولة إعلامية موجهة لأعضاء الحركة وخارجها، لإثبات أنهم ما يزالون موجودين على الساحة، وأنهم ما يزالون يسعون إلى إنجاح برنامجهم الذي هو الوحيد الذي يعبر عن الإصلاح الحقيقي من وجهة نظرهم.

لقد كان للمعارضة بشكل عام، وللجماعة بشكل خاص، برنامج معلن للإصلاح، يتضمن تعديلات دستورية، بالإضافة إلى قانون انتخاب يمثل وجهة نظرهم. وبالرغم من أن جهود وضغوطات المعارضة من خلال الحراك كانت عاملاً مهماً، وإن كان غير مباشر في تحقيق الإصلاحات الدستورية وغيرها من القوانين، إلا أن البرنامج المعلن للمعارضة، سواء كان من خلال الجبهة الوطنية للإصلاح أو أحزاب المعارضة أو من خلال برنامج الإخوان وجبهة العمل الإسلامي، لم يتحقق منه شيء، وهذا قد يكون مؤشراً على بعدين أساسيين: الأول في الأهداف؛ والثاني في الاستراتيجية.

أما في الأهداف، فمن الواضح أن سقف البرنامج كان عالياً، ولم تستطع القوى التي تتبناه أن تحوله إلى حالة جماهيرية عامة متوافق عليها ومتحركة من أجل تحقيقها.

أما البعد الثاني، فهو مرتبط بالاستراتيجية التي تم اتباعها في تحقيق برنامجها، والتي تلخصت في رفض أي شيء أقل من ذلك، واتباع الأسلوب نفسه على مر الأيام، وهو الاجتماع والتظاهر.

وقد يكون كل ذلك مرتبطاً بافتراضات لم تكن دقيقة حول المرحلة، وما يمكن تحقيقه من إصلاح.

بشكل إضافي، ما نخشاه هو أن يكون الإعلان عن المجلس الأعلى للإصلاح ثوباً جديداً للوعاء نفسه، وليس تعبيراً عن أهداف واستراتيجيات جديدة تساهم في إخراج البلد من حالة الاحتقان السياسي.

الغد

أضف تعليقك