المادة "23" السوداء تدمر مصداقية الإصلاح

المادة "23" السوداء تدمر مصداقية الإصلاح
الرابط المختصر

يتعذر عليّ فهم الروحية العامة التي يعمل بها مجلس النواب, وتحيل مواقفه وقراراته المتعددة والمتناقضة الى استفهامات كبرى, مثل هل هو مجلس نواب اصلاحي, ام انه ممثل لقوى الشد العكسي المعادية للاصلاح والديمقراطية?!

إنها تريد لهذا الشعب ان يبقى متفرجاً, يتلقى اللطمات من كل جانب من دون ان يكون هناك امل ومخرج.

لم يكد المجلس يفرغ من اقرار التعديلات الدستورية المعنونة وطنياً بانها القوة الدافعة للحريات العامة والديمقراطية الاردنية المنشودة, حتى وجدناه يقر المادة 23 المعدلة من قانون هيئة مكافحة الفساد, حيث وقع في تناقض صارخ مع المادة (15) من الدستور الخاصة بالحريات العامة, ومنها حرية الصحافة والتعبير, التي هي المرجعية الدستورية لحرية التعبير للمواطنين وللإعلام.

هذه الخطوة تناقض روح الاصلاح خاصة أنها تقدم في سياق انباء تحدثت عن »هواتف« ترن في جيوب النواب تتابع الاسطر في مواد التعديلات الدستورية, وكذلك متابعة حجم العقوبات الغليظة في المادة ,23 المعيبة جداً بحق الحرية والديمقراطية الاردنية (وهو ما كشفه علناً وتحت القبة احد النواب الشجعان). فاذا كانت الديمقراطية الاردنية تُستهل بمثل هذه المادة وبالروحية السوداء التي دفعت إلى اقرارها فان البلاد تندفع باتجاه مسار يقود الى الخلف, وهو ما يبعث القلق ويدمر مصداقية الإصلاح.

كنت من الذين عبّروا عن املهم بأن يكون المجلس تاريخياً في حياة المملكة, رغم قصر (مدة ولايته), ان هو اقرّ التعديلات الدستورية وقانوني الاحزاب والانتخاب ولكن ما وقع فيه من اقرار للمادة ,23 انما (ينزع الدسم) عن كل اعماله, ويسوقه بعيداً عن التاريخ والجغرافيا, ليضعه في قائمة (المجالس المنحلة). التي ستذهب مذهب الامثال في احاديث الاردنيين وذكرياتهم.

ان لم تكن محاربة الفساد معطى رئيسيا, يحرك النواب لاقرار مشاريع القوانين الخاصة به, وتلك المتعلقة بتقوية (الرأي العام) ومنحه سلطات ردع اكبر للتأثير على المسؤولين ومراقبتهم, فان منسوب كراهية الفساد والمفسدين ستظل في اعلى حالاتها وخلف صدور الاردنيين في كل مكان, واذا كان هناك من يصطك غضباً انتصاراً لاشخاص شغلوا المناصب العامة وتتداولهم الاشاعات بارتكاب الفساد... اشاعات يؤمن قطاع واسع من الرأي العام بأنها صحيحة, ويسمى ذلك »اغتيالاً للشخصية« فان ما هو حريّ بالدفاع عنه سمعة وكرامة شعب كامل. يشعر بانه فاقد للاهلية وللحق في محاسبة من يتطاول على امواله ومصادر رزقه وفي ذلك اغتيال له ولحقوق الانسانية.

لقد حاولت ان ابحث عن الجهات والاشخاص الذين من مصلحتهم اقرار المادة ,23 ومعنى اصرارهم على هذا التوقيت بالذات, الذي فيه تحد صارخ لمطالب الاصلاح المنشغلة بها البلاد منذ 10 اشهر. فلم اجد الا المفسدين الحيتان الذي لا يعتبر الحديث عن فسادهم اشاعة. لقد كانت الاشاعة في البداية همس بالقول يتداوله الاردنيون بغزارة ثم تحول مع الايام الى سخط في العقول والصدور قبل ان ينتقل الى غضب وشعارات في الشوارع, وكان الاحق بالاصلاح ان نرى من القوانين ما يعجل بإلقاء الفاسدين خلف القضبان وليس الى ما يصون شخصياتهم ويحمي فسادهم.

لقد اساء الفاسدون الى الدولة, عندما شنوا حملة اشاعات معاكسة هدفها اغتيال شخصية اصحاب القرار حماية لأنفسهم عندما تواجههم أصابع الاتهام بفساد مالي او اداري فيزعمون بأنهم جزء من المؤسسة, وان ما يفعلونه يأتي بأوامر العليا, هؤلاء من يجب ان يطبق عليهم القانون لا ان تشرّع القوانين لحمايتهم!

وهؤلاء هم اصحاب الاشاعة »المدمرة« ضد رموزنا الوطنية التي يلوكونها من دون حسيب او رقيب لتصبح مادة للقول في البيوت ووسائل الاعلام.

اخيراً, اشعر مثل غيري من الاردنيين خاصة في الساحة الاعلامية بواجب الاعتزاز بمواقف النواب الاردنيين الذين عارضوا اقرار المادة 23 السوداء

العرب اليوم