اللحام ..مهنة جديدة

اللحام ..مهنة جديدة
الرابط المختصر

تعلو ثقافة الاستهلاك في رمضان ، وتعلو كميات الاطعمة الملقاة في الحاويات ، وتكثر الشكوى من ارتفاع الاسعار و جشع التجار ، وانقطاع الخيار والسلطة لا يقدر عليها احد ، هكذا دواليك فاللحمة نار والدجاج جعل جيوبنا بيضاء مثل قطعه المثلجة .

يعجبني الاستنفار الاردني في رمضان ، واتابع يومياً تجهيز ثكنات المواد الاستهلاكية وحواجز الحبوب والبقوليات وذخيرة من المعلبات ، تكفي لحصار طويل ، واكثر ما يلفت النظر اقبال المواطن على اللحوم والدواجن ، اقبالاً يفوق نظراءنا الاستراليين او البلغار الذين يعيشون في مراع اساساً واعتادوا اكل قطع اللحم حسب جدول زمني تم تفصيله حسب اجزاء الخراف ، الاحد"كستليته ، الاثنين"موزات"وهكذا ، ونحن ايضاً لنا نفس الثقافة .

اذكر ان مهنة"اللحام"مهنة حديثة في بلادنا والى منتصف السبعينيات ومرحلة ما قبل البلغاري لم يكن في جبل النصر كله الا لحام واحد فقط ، نسير الى حدود سكة الحديد حتى نصله وكان الشراء بأعلى الأحوال و في حالات الولائم" بالرطل"ودون ذلك بالوقية او الوقيتين على ابعد تقدير .

لن ارجع بالذاكرة اكثر ، واستعيد مرحلة كان فيها العجل او الجمل يعيش معنا معززاً مكرماً لحين اكتمال جمع ثمنه و كان الشعار انذاك فعلاً"الدفع قبل الرفع" ، فقد كان"بيوّض"اللحام الموسمي يجمع ثمن العجل او الجمل قبل ذبحه ، واذكر الاهم ليلة الذبح حين كان يتم تزيين الجمل او البقرة وتدور في شوارع المخيم ايذانا بالذبح وكنا ندور معها مصفقين .

ثقافة اللحمة ليست اصيلة في وجداننا او ثقافتنا واستذكر شكر رئيس مجلس الادارة الاستاذ سيف الشريف للسفير البلغاري حين داعبه قائلاً"لحم اكتافنا من خيركم "فنحن لم نعتد ثقافة اللحمة والتواصل معها الا بعد اللحم البلغاري في النصف الثاني من السبعينيات فلماذا كل هذا السخط على اسعارها .

نحن نسير الآن خلف ثقافات ليست لنا ونستحدث مهام و ادوارا ليست لنا واعود لاستذكر كيف كان رمضان شهر خير فعلاً و شهر بركة وتعدد اطباق ، ليس من بوابة مطبخنا البيتي بل من بوابات الجيران الذين كنا نتبادل معهم صحون الطبيخ والحلويات يومياً ، ولذا كانت سفرتنا متعددة ومن هنا جاءتنا ثقافة تنوع الاطعمة في رمضان و ليس من بوابة الخيلاء والاستعلاء .

ثقافتنا الاصلية والاصيلة تسير نحو النهايات في حين نسعى لامتلاك ثقافة الاخر التي ازالت كل دسم من علاقاتنا الاجتماعية ، بالمناسبة خارج عمان والمدن الكبرى حسب توصيف رجل الاذاعة قبل اطلاق الاذان ما زالت الدنيا بخير ، اقسم ان لي جارين ما زلنا نتبادل اطباق الطعام و الفواكه و الحلويات الى اليوم والشكر لهم والأمل ان نعود لتعود البركة ويعود الخير