اللجوء السياسي: زوبعة في فنجان بارد!

اللجوء السياسي: زوبعة في فنجان بارد!
الرابط المختصر

انشغل الرأي العام الأردني بعدة أحداث في الأيام الماضية ومنها قرار ناشطين اثنين في الحراك السياسي طلب اللجوء السياسي إلى دولتين أوروبيتين هما تركيا والسويد. قرار الناشطين باللجوء السياسي تم تبريره من قبلهما بضرورة التخلص من “القمع” وأحيانا التضييق على لقمة العيش، كما ترافق بتهديد من قبل أحدهما بكشف اسرار ومعلومات تحرج الدولة في “المحافل الدولية”. تراوحت ردود الافعال ما بين تفهم هذا القرار وما بين رفضه واتهام الناشطين إما بمحاولة التكسب الشخصي أو الخضوع لأجندة خارجية لمهاجمة الأردن.

الحياة السياسية الأردنية شهدت الكثير من حالات اللجوء السياسي وخاصة في الخمسينيات والستينيات حيث كانت سوريا ومصر بالذات مقرا لمئات النشطاء السياسيين والعسكريين ومنهم من عمل على قلب نظام الحكم فعلا وليس “تقويضه” ببعض الشعارات غير المؤثرة. الغالبية العظمى من النشطاء السياسيين واللاجئين المعارضين عادوا للأردن ليس فقط ليعيشوا فيه بارتياح ولكن ليحصلوا على مناصب رسمية ويشاركوا ايضا في “قمع” معارضين سياسيين آخرين ضمن تحول مدهش في المواقف والتوجهات.

لا داعي للمبالغة كثيرا في تحليل ومناقشة حالتي اللجوء الفرديتين فهما على الاغلب نتيجة قرارات شخصية. من حق كل شخص يجد نفسه في حالة من الضيق أن يفكر بالهجرة وأحيانا يكون اللجوء السياسي الخيار الأسهل والأسرع خاصة أنه يتضمن إعالة من حكومة الدولة المضيفة والفرصة لممارسة دور سياسي وإعلامي. المهم في هذه الحالة هو إثبات “القمع” الحاصل فعلا أو تحت التهديد لأن مثل هذه الدول لا تفرط بالمال العام بسهولة لتغطية تكاليف إقامة لاجئ سياسي دون أن يكون هنالك سبب مقنع.

الدورة الزمنية للجوء السياسي معروفة وتكون أحيانا قصيرة. حماسة إعلامية في البداية ثم الكثير من المقابلات التلفزيونية والتهديد بكشف الأسرار ولكن ايضا يترافق ذلك مع معاملات روتينية وإقناع المحققين بجدية الخطر الذي يتهدد الشخص الذي يطلب اللجوء. بعد ذلك، وفي حال منح الموافقة تبدأ الحماسة الإعلامية بالتراجع ويصبح على اللاجئ تأمين حياته الجديدة في محيط مختلف وصعب كليا.

إنها زوبعة في فنجان من القهوة الباردة مثل ليالي ستوكهولم. في يوم ما، سيحزم الشباب حقائبهم ليعودوا إلى بلدهم نتيجة الملل والغربة وصعوبات الحياة. الأردنيون المحبون لوطنهم لا يستطيعون العيش خارجه، وأنا واثق أن واحدا على الأقل من الشابين وهو الذي أعرفه شخصيا لن يستطيع التنفس خارج الأردن وعندما يعود يجب أن يستقبله بلده بالترحاب والقبول وليس بمنطق الثأر!

الدستور