القوائم تجربة تحتاج الحذر والمراجعة
رغم حداثة التجربة وعدم وجود خبرة سياسية او شعبية للتعامل معها سوى الصح والخطأ , الا ان القوائم البرلمانية تتوالد بطريقة عجيبة واخر احصائية انها تجاوزت الاربعين قائمة , فالحد الادنى للقائمة تسعة مرشحين وبمتوسط حسابي فإن عدد المرشحين على “القائمة” سيقارب الخمسمئة مرشح سيتنافسون على 27 مقعدا .
عدد القوائم سيكون رافعة لتعداد الناخبين على افتراض ان كل مرشح سيكون صفره الانتخابي الف صوت على الاقل مما يعني انعكاس الظاهرة على تعداد المصوتين , وهذه ايجابية تحتاجها اللحظة الانتخابية الراهنة , اذا ما اضفنا الى التعداد الصوتي تعداد المرشحين على المقاعد الفردية او الدوائر المحلية , الذي سيتجاوز تعدادهم حسب التجربة ال “ 800 “ مرشح , حسابات معظمهم مربوطة بالقائمة ومرشحيها , فقد وفرت القائمة الوطنية فراغات في المقاعد المحلية , فتحت شهية كثيرين لخوض غمار التجربة النيابية , بعد ان ازاحت من امامهم اسماء من العيار الثقيل .
العزوف الانتخابي مرشح للزوال والاهم ان النسبة المتوقعة في ظل الدلالة الرقمية لتعداد المرشحين ستكسر حاجز الامان المطلوب وتتجاوزه بحيث تفوق نسبة الناخبين حاجز ال 50% وهي النسبة المطلوبة لقبول شرعية البرلمان القادم , فالمرشحون سيحاولون جذب الناخب جذبا للتصويت اما من خلال البرنامج العام للقائمة او من الانحيازات الحزبية والعشائرية والمناطقية للمرشحين على المقاعد الفردية .
تجربة القوائم الانتخابية قرأتها اوساط النخبة السابقة بوصفها فرصة لاعادة انتاج ذاتها على مستوى الوطن بعد ان ضاقت الدائرة المحلية على بعضهم ويشعر بعض اخر ان الدائرة الانتخابية قد قفزت عن برنامجه وتجاوزته فصارت القائمة فرصته للتعويض , وهذه الافكار ستكتسب صحتها من التجربة والخطا في الانتخابات المقبلة , لكن هذا التوالد التعدادي يعطي انطباعا بأن فرصة فوز قائمة بأغلبية على صعيد المقاعد الوطنية ضعيفة جدا , فالمقاعد ستتناثر على القوائم وسيكون الحسم للمقاعد الفردية لأي ائتلاف حزبي او وطني .
الامر الذي سيصّعب من تحقيق النسيج السياسي المتكامل تحت القبة , لان اشتراطات الفوز في المقاعد المحلية مختلفة جذريا عن اشتراطات الفوز في القائمة , حيث سيتحدث النائب عن مطالب خدماتية ممزوجة برغائب وطموحات الدائرة المحلية فيما ستتحدث القوائم عن برامج اقرب الى البيانات الحكومية الواسعة والخشية ان تعجز رؤوس القوائم عن توفير التوافق بين الفائزين او ان تخضع لاشتراطات محلية ضيقة لتعظيم القائمة او الائتلاف تحت القبة وتفقد القائمة مبرر وجودها الاساسي , لانها ستصبح حاصل جمع رغائب مناطقية متباينة وليست حاصل توافق وطني .
فكرة القائمة جاءت لتعزيز التماسك الكتلوي قبل الانتخابات , بعد ان اثبتت التجربة النيابية ان الكتل تحتها مجرد كثبان رملية متحركة كما وصفها ذات مجلس نيابي رئيس الوزراء الحالي الدكتور عبد الله النسور , وهذا التوسع في تشكيل القوائم لن يخدم الفكرة المطلوبة , وعلى رؤساء القوائم ان يعيدوا حساباتهم جيدا وأن يلتفتوا الى مقاعد الكوتا التي تقارب نصف مقاعد القائمة ومع ذلك لا يجري الالتفات لها .
القائمة ربما اغرت كثيرا ممن يعتقد ان حضوره الوطني طاغ , او اغرت التنوعات داخلها فرصة حصد الاصوات للترشح وانتظار لوحة النواب , لكنها يجب ألا تغري الاحزاب الصغيرة نسبيا او الحديثة , خشية الصدمة السياسية والقاء اللوم على الناخبين , وعليهم الالتفات جيدا الى مقاعد الكوتا النسائية فهي فرصة سانحة لتعويض اختلال القائمة او سوء الحساب فيها .
من حق الاحزاب والشخصيات التفاؤل بالقائمة وفرص النجاح دون نسيان اغفال ان التجربة الجديدة بالعادة ما تأتي بمفاجأت غير محسوبة .
الدستور