الصحف بين مرهم العلاج ومرهم الوجع *

الصحف بين مرهم العلاج ومرهم الوجع *
الرابط المختصر

لافت الهجوم الحاد على الصحافة اليومية في سوق الجمعة التظاهري ، ولافت اكثر ان فلول الصحافة اليومية هي من تقود الهجوم وتتبناه ، فالاحزاب او الحزب المشارك في التظاهرة الاسبوعية أوعى من تبنّي معركة الهجوم على الصحافة ، لذا يقوم باستئجار من يقوم بالتقاط الجمر بيديه ، مقابل اعتماده معارضا أو إلصاق صفة النضال به بعد أن باعها ذات نضال حقيقي فتساقط وأعلن استنكاره لمبادئه، والتساقط في قاموس الأحزاب اليسارية والقومية هو الإدلاء باعترافات عن الانتماء الحزبي والرفاق اثناء الأحكام العرفية .

الربيع العربي أو هذا الاصطلاح أصبح موسما سياحيا لإعادة انتاج الأفراد وغسل ماضيهم وحاضرهم دون كلفة ، فيكفي ان تصرخ وان ترفع السقف – ربما بالتوافق – لكي تكون حراكيّا بامتياز ، وثمة حملة مباخر في الحراك يقومون بتزويق وتظهير الاسماء الجديدة ودون التمحص او قراءة سريعة لواقعهم وماضيهم القريب ، في اماكن عملهم ، الصحفية والنيابية والرسمية .

ثمة فاسد نيابي ركض نحو الحراك كي يحجز مقعدا في صفوف الثورات لضمان بقاء ملفه مغلقا ، فرفع السقف داخل الإعلام -للأسف- الذي كان يعرف وينشر ملفاته وشيكاته الخليجية والمحلية وثمة فاسد صحفي باع زملاء الحرف والضوء بغمزة عين من حكومة رحلت في الربيع العربي ، من اجل رد الجميل لنائب رئيسها الذي اغلق ملفات قضايا اخلاقية عنه ، وليس جديد انه بوق للهجوم على زملائه سواء لحساب الحكومة او لحساب المعارضة ، فهو يبحث عن بيضة ليرقد عليها عسى ان تفقس موقعا او زاوية في صحيفة ، بعد ان غادر الصحف اليومية مع رحيل مرضعته السياسية .

المنقلبون على ماضيهم الآن ، يحملون عقدة نفسية ، لذا تراهم يبالغون في كل شيء، في المعارضة وفي التأييد ، يحمل راية بشراسة كي ينسى الناس رايته السابقة ، في حين لا تختلف مع الثابتين على مواقفهم السياسية والاجتماعية ، لا تختلف على سياسي مثل حمزة منصور او سعيد ذياب بقدر ما تختلف معه، وتقبل قرارا حكوميا وترفض الآخر ، وتتقاطع انت وحزب تختلف معه عقائديا في موقف من قانون الانتخاب مثلا او من قضية حريات ولا تنضوي تحت رايته او تنتظر منه شهادة سلوك حسن او تنتظر منه حضنا او رقما متقدما على لائحة ترشيحاته القادمة او المسكوت عنها .

ما لا يعرفه كثيرون أن المعارضة تبارك ترشيحات لعضوية لجان أو مواقع ، فهي تختار يساريا سلفيا أو يساريا بعمامة خاضعا لمعيارها وبحاجة لبركاتها كي يغسل ماضيه وحاضره ، فهي لا تحب الأنداد ، وتبحث عن شراكات تضفي عليها مسحة التعددية وقبول الآخر ولكنها مطأطأة الرأس امامها وبحاجة لبركات دعمها لإخفاء ماضيها وحاضرها ، الذي قد تلجأ اوساط الى نشره بعد ان تقوم تلك الشخصيات الحديثة في المعارضة بعضّ الأيدي التي احسنت اليها وسترت عليها ، فتأتي الحماية من المعارضة التي تستهدف الحكومة وأزلامها ابطالها الشرسين من الذين نعرف ان زجاج الصحف -جازاه الله- هو الذي أخرجهم مطرودين ولم يحفظوا عهدا ولم يوصلوا امانة الى اصحابها حتى لو كانت شنطة كتب،بل انها ربما تكون – اي شنطة الكتب - الكتب الوحيدة التي تحتفظ بها مكتبتهم .

الصحف اليومية تعاني الكثير من الأوجاع والضغوط ، ومع ذلك فصفحاتها تضم تعددية لا يحتملها من قام بنقدها او استأجر دعّي على نقدها ، وصحافته لا يوجد بها عدد من الكتاب الاسلاميين يوازي عدد كتاب صفحة مقالات في صحيفة الدستور ، ومنذ الأحكام العرفية والصحف اليومية “ الدستور والرأي “ ملاذ آمن لمثقفين وكتاب من مختلف الألوان السياسية والمشارب الفكرية ، بل ان من يهاجمها الآن دخل رحمها من بوابة الفكر والشعر قبل ان يخرج منها من بوابة الاخلاق .

ما يحدث من ثغاء على الصحف اليومية بحاجة الى وقفة عميقة ، فهي آخر ما تبقى من صون للعقل في زمن الرويبضات ومحترفي تكسير كل شيء ، وهي آخر معقل لكي تكتمل الرواية للقارئ المحلي والعربي ، وهؤلاء يبحثون عن تكسير وتهشيم كل مكان لا يلحسون منه اصابعهم ، وسبق لنا أن رأيناهم على قوارع مكاتب رؤساء التحرير وبايعوا كل رئيس ، وعلى الصحافة اليومية العريقة ان تقف سدا منيعا أمام ظواهر الربيع العربي السلبية ومخرجات مصارف الحراكات الشعبية ، لأن مقتل كل الدول والمؤسسات من الخونة وناكري النعمة وجاحديها ، ولا تستهينوا فـ”مأرب” بالجرذ سقطت .

span style=color: #ff0000;الدستور/span

أضف تعليقك