الشعب يريد تزوير الانتخاب
لا أحد هذه المرة يتهم الحكومة بالسعي لتزوير الانتخابات، ومن المرجح أن الصورة لن تتغير في الأيام المقبــــلة. إن الملاحظ في الواقع أن جميع الجهات الرسمية "تتستر تستيرا" في سلوكــــها الانتخــــابي، ويتخذ ذلك أشكالاً متعددة من المبالغة في الحرص على النزاهة، ويخفي مشاركون سابقـــــون في عمليات تــــــزوير مشهورة ابتساماتهم وهم يشــــيدون بالنزاهة المقبلة. إن أطرافاً عديدة تحاول تأكيد جدية النزاهة هذه المرة.
المفارقة تكمن في الزاوية الثانية للمشهد، حيث يبدو أن مهمة التزوير انتقلت الى القطاع السياسي الخاص، والمقصود بالتزوير هنا مجمل مسار العملية الانتخابية، وليس مسألة اللعب بالنتائج. إن اللعب بالنتائج أو بالصناديق بصفته نشاطاً حكومياً، سيصبح مجرد شكل تقليدي للتزوير لا يناسب التقنيات الحديثة في ميدان التحكم بالعمليات السياسية، وهي تقنيات لا يتقنها إلا القطاع الخاص. ولعل ذلك يشكل اسهاماً مميزاً للفئات التي قادت مرحلة الفساد الاقتصادي في البلد، وها هي تقود الفساد السياسي.
تتصرف الحكومة وأجهزتها هذه الأيام بصفتها المقاوم الحقيقي الأبرز للتزوير الجاري على المستوى الأهلي، وهي أثناء ذلك تواجه معارضة شديدة، وهو ما قد يؤسس في المستقبل القريب، لنمط مستحدث من المعارضة الفاسدة، وستنشأ في البلد مشكلة جديدة إذا لم يبادر الطرفان بعد الانتخابات الى صياغة تحالف نوعي بين الفساد السياسي التقليدي والفساد السياسي الجديد.
إن جـــــهود الهـــيئة المستقلة تســــتحق التعاطف والاحترام، ولكــــــن يخشى أنها في تجربتها الأولى هذه، تواجه خصماً صـــــعباً .
العرب اليوم