السعادة الوطنية من منظور "بنزيني"

 السعادة الوطنية من منظور "بنزيني"

استمر تطبيق السعر الجديد المرتفع للبنزين حوالي 48 ساعة، وهو ما وضعنا أمام زمن انتقالي قصير حصل تغيير فيه على مستوى توزيع السعادة عند الأردنيين، مقاساً (أي التغيير) بالموقف من البنزين.

خلال هذه الزمن المستقطع، من المرجح أن أكثر الفئات سعادة تلك التي كانت تضم المواطنين الذين "طرموها بنزين" قبيل الرفع، أي باتوا بعد أن "فللّوا"، فهؤلاء أمضوا يومين من الانفراد بقيادة سياراتهم على السعر القديم وتمكنوا من تجاوز السعر الجديد كلياً، لكن هذا الانفراد تلاشى بعد وقف قرار رفع السعر، وللوصول الى حصيلة هؤلاء النهائية من السعادة او التعاسة يتعين إجراء المفاضلة اللازمة بين فوائد متعة الانفراد ليومين وبين فوائد عودة السعر القديم التي رافقها انتهاء حالة الانفراد.

يقابل هذه الفئة فئة أخرى من المواطنين الأكثر تعاسة "بنزينياً"، وهم الذين "طرموها" في بعد رفع السعر، وهؤلاء في الأصل ينقسمون الى فريقين: الأول يضم كل الذين ينطبق عليهم وصف "مش سائل عن الأسعار" عموماً، وهؤلاء نالتهم تعاسة شكلية، والثاني يضم المواطنين ممن "يحسبوها بالتعريفة" لكنهم أجلوا تعبئة البنزين قبل رفع السعر سعياً منهم للاحتفاظ بالنقود لزمن أطول في جيوبهم، لكنهم وجدوا انفسهم مضطرين للشراء بالسعر الجديد، وهذا الفريق احتل المرتبة الأدنى على سلم السعادة خلال هذا الزمن الخاص.

في الأيام الثلاثة الماضية، سمعنا وقرأنا من الأشخاص أنفسهم أحياناً، عن الحكمة من رفع السعر ومن وقف رفعه أيضاً، وقد يعتقد مراقب سطحي أن الأمور عادت الى ما كانت عليه، ولكن أرجو أن تقروا بأن أحداً غيري لم ينتبه الى الحكمة الخاصة من إعادة توزيع السعادة ذات المنشأ "البنزيني" بالمعنى الذي أوضحته آنفاً.

العرب اليوم

أضف تعليقك