الحكومة تؤمم مجلس النواب
احتفظ 28 نائب من أعضاء مجلس النواب السابق بمقاعدهم النيابية، أما الآخرون فأغلبهم من الوجوه الجديدة التي لا تتصف بالخبرة السياسية أو ليست مما يعرف عنها أنها تحمل سمات فكرية برامجية.
هذا المجلس الذي أفرزته انتخابات أول أمس الدامية، ووفق القراءة الأولية لخلفيات أعضائه، ستكون له من الملامح والسمات ما يجعله قابلا لتغوّل حكومي غير مسبوق على صلاحياته ومشاغباته.
فالجدد، غير الماهرين في العمل العام، غير المسيسين، وهم كثر، سيكونون بحكم خبرتهم وانبهارهم بالمواقع الجديدة نهبا لإغراءات الحكومات وتوجيهاتها، لا سيما أن معظمهم جاء إلى المجلس بشرعية عائلية خولته الحصول فقط على الخدمات، لذا سيكون أمر تطويعهم سهلا لا صعوبة فيه، فالمقايضات هي العنوان.
باقي أعضاء المجلس -باستثناء بعض الأسماء- فتاريخهم في العمل العام يقدم لنا أدلة كافية على أن هؤلاء ممن يؤثرون الوقوع في بؤرة المصالح الذاتية، أما قضية علاقتهم بالحكومات فهي لا تختلف عن تلك المآلات التي نتوقعها للجدد عديمي الخبرة.
هذه الأغلبية المسيطر عليها من السلطة التنفيذية، لا تمنع من أن المجلس الحالي يضم بعض البرامجيين والمخضرمين القادرين على ممارسة الإزعاج وكبح القليل من سرعة الاستفراد الحكومي بالمجلس.
لكن هؤلاء، كما ونوعا، تظل قدراتهم محدودة على إحداث الفارق، فعصب المجلس وثقافته النيابية ستحول دون أن يؤثر هؤلاء أو أن يضربوا الحكومة على حافرها.
صحيح أن البعض صفق للتغيير في الأسماء، واعتبر رحيل القديم المهيمن منها أمرا جيدا، لكن ما جرى كان شكليا لا يمس الجوهر بحال، فقد بقيت الحلقة المفقودة في المشهد الحالي على حالها، فالنواب بلا سياسة.
إذا، ورغم كثافة الوجوه الجديدة، إلا أن إمداد المجلس بطاقة حيوية يعد مستبعدا، فالمتوقع أن الركود والاستسلام سيكونان عنوانا للعلاقة بين المجلس والحكومة، وأن صفقات منتصف الطريق ستغيب وسيحل بدلا عنها صفقات أول الطريق غير المتوازنة.
ما قلته لا يتجاوز الاحتمال، فقد تظهر الصور أشد قتامة أو أفضل حالا، لكن الثابت عندي أن الحكومة تفرز المجالس على مقاساتها الخاصة، وأننا اليوم بصدد تأميم قاس لمجلس النواب من قبل الحكومة، وتلك قصة أخرى للانهيارات الوطنية.
السبيل