الجامعة الأردنية وامتحان الشفافية

الجامعة الأردنية وامتحان الشفافية
الرابط المختصر

يشكو بعض المقربين من رئيس الجامعة الأردنية من أن حملة "المعلومات_حق" والتي أطلقها راديو البلد لدعم وحدته الاستقصائية في الحصول على المعلومات من الجامعة الأردنية قد تسبب بإساءة لها، الأمر الذي دفع الجامعة لمقايضة الحصول على المعلومات بتقديم اعتذار لها.

ولتوضيح الأمر، فقد قام الصحفي الاستقصائي البارع مصعب الشوابكة بمحاولة تقصي مدى فاعلية مجالس التأديب الخاصة بأعضاء هيئة التدريس في الجامعات الأردنية وتجاوبها مع الشكاوى المقدمة لها، ومقدار تنفيذ قرارات تلك المجالس.

ومن أجل أن يكون بحثه علميا ونتائجه مقنعة تواصل الزميل - والذي نالت تحقيقاته المؤثرة الاعتراف من نادي دبي للصحافة- مع عشر جامعات أردنية (بين رسمية وخاصة) طالبا معلومات إحصائية عن عدد الشكاوى التي وصلت هذه المجالس والقرارات والعقوبات الصادرة عنها.

وتجاوبت ست جامعات أردنية مع الطلبات الرسمية، المقدمة استنادا لقانون ضمان حق الحصول  المعلومات، والذي ينص في مادته السابعة على حق المواطن "في الحصول على المعلومات إذا كانت له مصلحة مشروعة "؛ ولكن الجامعة الأردنية رفضت الطلب في مخالفة واضحة للمادة الثامنة من نفس القانون والتي تنص "على المسؤول تسهيل الحصول على المعلومات، وضمان كشفها دون إبطاء."

الجامعة الأردنية رفضت ولمدة أربعة أشهر تقريبا التجاوب مع طلب الزميل مصعب الشوابكة، بحجة أن تلك المعلومات "سرية".

الزميل الشوابكة ومن خلال مديرة الوحدة الزميلة مجدولين علان تظلم لمجلس المعلومات، والذي قبل الطلب شكلا ومضمونا، وأصدر قراره برئاسة وزير الثقافة وأعضاء من لجنته المؤلفة من مسؤولين حكوميين، بأن المعلومات المطلوبة "ليست سرية" وعلى الجامعة توفيرها وبأسرع وقت.

رئيس الجامعة د. خليف الطراونة، ومستشاره القانوني الدكتور سهيل حدادين، رفضا التجاوب مع قرار مجلس المعلومات متحججين بأن هناك غزارة في المعلومات المطلوبة التي لا يمكن توفيرها تارة، وأن قرار المجلس غير قانوني لأن بعض الموقعين عليه في منصب "مندوبين" عن المخولين بالتوقيع تارة أخرة، علاوة على حجة أن نشر تلك المعلومات قد  "تضر بسمعة" الجامعة.

ومع استمرار المطالبة بالمعلومات من الجامعة الأردنية عن طريق التواصل مع أعضاء مجلس أمناء الجامعة، والعديد من الجهات ذات الصلة، خرج المستشار القانوني بطلب غريب عجيب، وهو ضرورة أن تقوم الإذاعة الحاضنة لوحدة التحقيقات الاستقصائية، والتي حصلت على عدة شهادات وتكريم ملكي لتحقيقاتها الاستقصائية  بالاعتذار للجامعة الأردنية، مبررا طلبه بأن كتاب الوحدة الملوح باللجوء للقضاء لعدم حصولها على المعلومات، قد أهان الجامعة ورمزيتها.

من الصحيح القول أن للجامعة الأردنية رمزية ينبغي احترامها، ولكن الاحترام مثله مثل أي صفة إيجابية، يجب أن تنتزع عن جدارة وشجاعة، وقد تكون الشفافية قمة الشجاعة، فالمفكر جون لانكستر سبالدنع يقول إن "أعلى درجات الشجاعة أن تجرؤ على الظهور على حقيقتك."

إن قرار الجامعة الأردنية بحجب معلومات عن الجمهور حول موضوع في غاية الأهمية؛ مثل قياس كفاءة عمل مجالس التأديب هو أمر في غاية الغرابة خاصة أنه صادر عن مؤسسة وطنية رائدة، ومنارة علم، ينبغي أن تكون المثال الأعلى في الشفافية والصراحة والمكاشفة، ودعم الإعلام وحقوقه.

التستر على المعلومات وحجبها؛ خاصة تلك المتعلقة بمجالس التأديب، يعطي الانطباع أن إدارة الجامعة تتستر على أمر أكبر من إحصاءات الشكاوى، وعدد القضايا التي نظرت بها هذه المجالس، فهل يعني ذلك أن إدارة الجامعة هي جزء من المشكلة بدلا من أن تكون جزءا من الحل.

لقد ازداد في الفترة الأخيرة البحث المعمق حول أسباب العنف الجامعي، ويعتقد البعض أن أحد تلك الأسباب هو عدم جدية عمل مجالس التأديب.

فهل إخفاء الجامعة الأردنية لمعلومات إحصائية عن عمل وقرارات المجالس، يساهم في كشف أخطاء التستر والواسطة؟ أم أن هناك ثقافة تستر وحجب للمعلومات، لا ترغب الجامعة لأبناء المجتمع الذي يدفع الضريبة معرفة ما يجري خلف أسوارها؟

·         الكاتب مدير عام راديو البلد وعضو مجلس تنفيذي لمعهد الصحافة الدولي

للاطلاع على: 

أضف تعليقك