الترقيع..ولا العدم

الترقيع..ولا العدم

لم يعد بوسع حكومة سمير الرفاعي إغلاق كافة الملفات المأزومة التي باتت تشكل سوارا صلبا يحيط بها ويضعف موقفها ويقلل من فاعليتها واستجابتها.

حكومة الرفاعي ووفق سيرتها الحالية، تبدوا وعلى القطع، غير مرشحة للاستمرار في الولاية العامة بعد الانتخابات النيابية المزمع عقدها في تشرين الثاني القادم.

 هذه الأجواء المأزومة المثقلة بحزمة القضايا العصية على الفهم والحل، وكذلك قرب انتهاء العمر الافتراضي للحكومة، جهلت الحكومة اقل لينا (سياسة)  في التعاطي مع هذه الملفات الساخنة.

وعلى ما يبدو أن السيكولوجية الحاكمة للفريق الوزاري اليوم، هي اقرب ما تكون لعقل جمعي يدير جرافة أو بلدوزر، يمضي في طريقه، ولا يعنيه ما يكون حوله من ضجيج.

هذا السياق التأزيمي والعرفي للمشهد السياسي والاجتماعي، جعل خيار تغيير الحكومة قبل الانتخابات مطروحا ومطالبا به من قبل الكثيرين، لكننا ومع مرور الوقت أدركنا تضاؤل حظ هذا التغيير من روزنامة مطبخ القرار، فأصبحت التصويبات حاجة مرحلية ملحة ولا مانع لها.

مشكلة المشاكل، أن الأزمات التي تواجهها الحكومة تتصف بالفرادة النوعية والكمية على السواء، وهي مرشحة أيضا للتبدل والتطرف وإنتاج مزيد من الأنواع، فالسياسي حاضر بقوة في الأزمة وكذلك الاقتصادي والخدماتي والإداري والثقافي والإعلامي، فالخلطة معقدة، والوزراء لا طاقة ولا علم لهم بها.

 إن اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي المعرقل بالمقاطعة، وظهور أزمة انقطاع المياه والكهرباء غير المسبوقتين،  وكذلك تفشي التذمر الشعبي والنخبوي من الأجواء العامة، هذه السياقات تستدعي وبأسرع وقت، القبول بحلول مرحلية تتناسب مع فلسفة الترقيع المرفوض إتباعها كسياسة دائمة.

فلا مانع اليوم من نقل بعض الملفات المأزومة والمعقدة ( قضية المقاطعة) إلى جهات متنفذة خارج الحكومة، رغم إصرارنا الدائم على ضرورة إبقاء جميع ملفات الولاية العامة بيد الحكومة فقط لا غير، إلا أننا اليوم أمام حكومة تراكم الملفات وتمهرها بخاتم الأزمة دون ابتداع مسارب أخرى.

المعلوم أن الوطن للجميع، والأزمات حين تلفه من أقصاه إلى أقصاه سيتضرر هذا الجميع وستؤرّقه الأوضاع، لذلك نحن مع الحلول الجذرية لمشاكل الوطن، والتي تبدأ وتنتهي عند مزيد من الإصلاح السياسي.

 لكننا وفي ظل الحالة اليوم نطالب بالتحرك وتخفيف الاحتقان وإجراء تحسينات ترقيعية، قد تمنع أو تؤخر المزيد من الأخطاء والأخطار.

أضف تعليقك