الترانسفير أخطر من الإبعاد

الترانسفير أخطر من الإبعاد
الرابط المختصر

يخطئ من يعتقد أن قرار الحاكم الإسرائيلي الأخير عبارة عن مقدمة لإبعاد الآلاف من الفلسطينيين، فالقرار الأخير أخطر من ذلك بكثير، لأن خطورة القرار تأتي في مجال سياسة الترانسفير الإسرائيلية والتي تهدف إلى التهجير و"التطفيش" الذي يطبقها  الفلسطينيون "طوعا" بسبب صعوبة الحياة، فبدلا من الإبعاد الإجباري والتي تتمثل بقيام السلطات الإسرائيلية بتحميل أشخاص عبر حافلات و "رميهم" عبر الحدود، يتم إجبار المواطنين على الهجرة.

  فالمعروف أن إسرائيل توقفت رسميا عن تنفيذ قرارات إبعاد أحادية الجانب منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث كانت آخر عملية إبعاد جماعي لمجموعة من قادة الحركات الإسلامية والتي تم إبعادها إلى قرية مرج الزهور في الجنوب اللبناني عام 1992، كما أن هناك عمليات إبعاد من نوع آخر وهي رفض إدخال مواطنين عبر الحدود، إضافة إلى قضية مبعدي كنيسة المهد والذين تم إبعادهم من خلال اتفاق مع السلطة الوطنية والدول الأوروبية و"برضا" المبعدين أنفسهم.

 إن الترانسفير أكثر خطورة لأنه يحصد أعدادا أكبر بكثير ويتم  بدون ضجة إعلامية وبدون القدرة على تحريك الرأي العام حوله، وفي هذا المجال كان سكرتير عام الجامعة العربية محقا، نوعا ما، في تصريحه الأخير رغم أن ما قاله كان كما قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية غازي السعدي "مضحكا."

 فقد قال عمرو موسى إن على الفلسطينيين عدم الانصياع للقرار الإسرائيلي الأخير وهو أمر غير منطقي، وما هو منطقي وربما ما كان موسى قد أراد قوله هو أن على الفلسطينيين الصمود على أرضهم وعدم الرضوخ للضغوط أو الإغراءات بالهجرة الطوعية، وما لم يقله موسى أو غيره من القادة العرب، بطيعة الحال، أنهم على استعداد لتوفير مقومات الصمود الذي يطالبون الفلسطينيين بها.

 وعودة لموضوع قرار 1650 للحاكم العسكري الإسرائيلي الجنرال جادي شمني والذي كان قد أصدره في تشرين أول 2009 (ويسري مفعوله بعد ستة أشهر) وكتعديل لأمر صدر عام 1969.  الجديد في الموضوع هو العقوبات المرعبة والمرتبطة بمن يتم ضبطهم "متسللين" وهي غرامة بمبلغ 7500 شيكل أي حوالي ألفين دولار إضافة إلى سجن فعلي قد تصل مدته إلى سبع سنوات. (الملفت إن الجنرال شمني أصبح منذ تشرين ثاني الماضي ملحقا عسكريا في السفارة الإسرائيلية بواشنطن.)

 لقد بدأ الإسرائيليون كعادتهم بالتطبيق الهادئ (نسبيا) لهذا الأمر المخالف لاتفاقية أوسلو ولاتفاقيات جنيف، فقد تم رفض السماح لمعتقل فلسطيني البقاء مع زوجته وأولاده في طولكرم حيث اعتقل، وإجباره على السكن في مسقط رأسه في قطاع غزة دون فرض غرامات أو حبس إضافي، ولكن من الممكن أن يتم لاحقا العمل على فرض الغرامات والحبس من أجل "ترويض " الشعب لعدم تحديهم وعدم تجاوزهم فترة التصاريح الممنوحة والتي هي أصلا شحيحة.

 إن أهم الأمور الذي يجب الاهتمام بها هو ضرورة إعادة مبدأ وحدة المناطق الفلسطينية بين الضفة والقطاع بما في ذلك وحدتهم مع مدينة القدس المحتلة، أما أمر الصمود فهو عنوان كبير وبحاجة إلى برنامج وطني وعربي واسع يبدأ بتوفير الأمن الشخصي وحرية التنقل وينتهي بتوفير السكن والعمل الكريمان.