البرلمان السادس عشر: بداية جيدة رغم المطبات

البرلمان السادس عشر: بداية جيدة رغم المطبات
الرابط المختصر

لقد كانت بداية المجلس السادس عشر بداية وعرة قليلا إلا أن رئيس مجلس النواب فيصل الفايز أثبت أنه سريع التعلم، فرغم أن منصب رئيس المجلس كان معروفا منذ فترة وطبعا بعد انسحاب المنافسين إلا أن المناصب الأخرى في مكتب الأمانة وفي اللجان كانت ساحة للصراعات، فالكتل التي كان البعض يعتقد أنها متماسكة سرعان ما انهارت، وحتى أعضاء الكتلة الواحدة شاركوا في ملاسنات كلامية أفقدت المجلس هيبته وتجلى ذلك عند احتلال بعض النواب الجدد المقاعد المخصصة للحكومة فور خروجها من تحت قبة البرلمان.

الفايز لم يتوانى كثيرا في استرجاع زمام القيادة حيث بدأ بحسم الأمور الخلافية بالاعتماد المطلق على النظام الداخلي للمجلس خاصة عند احتداد الأمر حول عضوية اللجان، فالخلاف على التوافق على اللجان أجبر الفايز على الإصرار على إجراء انتخابات للجان بحسب الأنظمة الداخلية لمجلس النواب.

وعند ما وصل لعلم رئاسة المجلس الاحتجاج على فشل البرلمان بتطبيق القانون الذي سنّه المجلس نفسه بمنع التدخين في الأماكن العامة (بما في ذلك مقال للكاتب في عمان نت ) سرعان ما تحرك رئيس وأمانة البرلمان لمنع التدخين تحت القبة وعند احتجاج العديد من الإعلاميين حول ضيق مقرهم في البرلمان تحركت أمانة المجلس وبسرعة لمعالجة شكوى الإعلاميين.

فعلى الجانب الإعلامية تم حل الإشكالات حول موضوع البث المباشر لجلسات البرلمان، حيث بثت ولو بصورة غير رسمية من قبل موقع "جوردن ديز تي في" وراديو البلد إضافة إلى قيام المحطة الثانية الأردنية الأرضية ببث جلسات الثقة وغيرها من الجلسات المهمة.

ورغم من سرعة تعلم رئيس المجلس للعمل البرلماني إلا أن البعض انتقد المبالغة في بعض الأمور، فعندما قام القيادي الإسلامي زكي بني رشيد بنقد الحكومة والبرلمان عبر راديو البلد وموقع عمان نت طلب من أحد النواب بالرد رغم أن الجلسة كانت مخصصة للثقة الأمر الذي وفر للإسلاميين ما قد فقدوه عندما نفذوا مقاطعة الانتخابات وهو الحضور الإعلامي، فمن لم يكن يعرف بتصريحات بني رشيد تعرف عليها من خلال تسليط الضوء عليها من خلال نقدها.

ومن أخطاء المجلس من الناحية الشكلية أيضا الموافقة على إعطاء كل نائب الحق في الحديث لمدة 15 دقيقة وهي مدة طويلة جدا إذا ما علمنا أن غياب الأحزاب والكتل المتماسكة سيعني نحو 110 خطاب لمدة 15 دقيقة لكل واحد علما أن معظم الكلمات كانت مليئة بالعموميات والجمل الخطابية الإنشائية، فلو كانت مدة الخطب محصورة ب 5 دقائق لكان كل نائب مضطرا للتركيز على المطالب الهامة والتي في غالبها جاءت في الدقائق الخمس الأخيرة من معظم الخطب.

لقد شكل غياب الإسلاميين نقصا واضحا في الحراك البرلماني بسبب عدم وجود أي تحد حقيقي لعمل الحكومة وأدائها، فمعظم انتقادات النواب لم يكن لها تأثير قوي على الحكومة والرأي العام بسبب قناعة الجميع بأن غالبية مريحة بما في ذلك من النواب ذوي الخطابات الرنانة والمعارضة سيصوتون لصالح قرار الثقة بحكومة الرفاعي الثانية.

أما عملية التأقلم مع العمل البرلماني فستحتاج وقتا وخبرة خاصة أن المجلس السادس عشر يشمل 80 نائبا ونائبة جددا بما في ذلك الرئيس وغالبية أعضاء مكتب الأمانة واللجان، ولكنه من الفرح رؤية المجلس الجديد وحيوية النواب الجدد مليء بالشجاعة والعفوية الصادقة، فمشاكل الأردن كبيرة وبحاجة إلى دقة وتركيز وصدق في التعامل معها، فالبلد بحاجة إلى حكمة النواب ودورهم الجاد في توجيه القوانين وترميم التضخم المالي والسهر على رقابة أداء السلطة التنفيذية، وسيحتاج المجلس الجديد وقتا للتأقلم مع الفرص والتحديات التي تواجهها المملكة وأفضل الوسائل البرلمانية لمعالجة تلك المشاكل.

أما حكومة سمير الرفاعي في دورتها الثانية فستحتاج إلى التعامل مع مجلس نواب تفاعلي بعد سنة من العمل الحر في ميدان التشريع والعمل بدون أي رقيب أو حسيب، فتشكيلة الحكم في الأردن يتطلب استقلالا واحتراما بخصوصية كل من السلطات الثلاث ولكن وفي نفس الوقت ضرورة التعاون بينها حيث تحتاج كل سلطة إلى التنسيق والتفاعل مع السلطة الأخرى لمصلحة الوطن.

فالسنة القادمة ستشكل فاصلا هاما في حياة الدولة خاصة من الناحية الاقتصادية مما سيتطلب من ممثلي الشعب الجرأة والحكمة في المشاركة في تسير دفة الوطن خلال السنوات القادمة، والمطلوب بالأساس من النواب أن يتذكروا دائما أنهم ممثلي الأمة والشعب لدى الحكومة وليس ممثلي الحكومة لدى الشعب.