الإصلاح وقواه المجتمعية
هناك مفردات بالعادة تأتي متشابكة إما لغة ومعنى وما دلالة و مضمونا، فالتربية اقترنت بالتعليم في زواج كاثوليكي لا انفصال فيه، وكذلك مفهوم الاصلاح الذي ارتبط بالتأهيل كدلالة مجتمعية، فقد تعودنا على قراءة الاصلاح مع التأهيل كتلة واحدة وبقيت الاصلاحية منفردة فهي تختص في الاحداث او غير البالغين.
في خضم الحراك الشعبي انكسر المصطلح ودلالته، فظهر الاصلاح لاول مرة منفردا، لذا واجهته قائمة صعوبات طويلة ليس اولها غياب المؤهلين للقيام بالاصلاح المنشود ولا اخرها عدم توفر إصلاحية تعنى بتربية الاجيال وتأهيلهم للقيام بواجبات وحقوق الاصلاح.
التأهيل المقترن دوما بالاصلاح او معطوفا عليه، في جوهره هو البيئة الحاضنة للاصلاح وهذا غير متوفر لا في الاحزاب ولا النقابات ولا مؤسسات المجتمع المدني، فجزء من الاحزاب احترف المناكفة او المعارضة واختار الجزء الاخر مناكفة الاول بالموافقة على كل شيء وضاعت المحاكمة العادلة للقرارات والاجراءات المطلوبة.
النقابات بدورها غير مؤهلة للعب دور في الاصلاح والتأهيل لان ذلك يعني خروجها عن واجب رئيس من واجباتها وهو المهنية والاحترافية وعلى الوجه الاخر فإن عملها في الاصلاح والتأهيل فيه اعتداء على دور الاحزاب.
المجتمع المدني بعضه مؤهل و لكن اما بمال اجنبي او بتمويل خارجي، والجزء الوطني منه غير مؤهل نسبيا لضعف الامكانات والحوار، فضاع بين نقص الموارد وزيادة الكرامة الوطنية.
ما يجري الان من حراكات وشعارات في مجملها محكوم بمنهجيين اما منهج المعارضة التقليدية المعادي سرّا للمعارضة الحديثة والمناكف للحكومة، والا كيف يسمع حزب عريق وواسع الانتشار لقيادي فيه بالاساءة لنصف مليون مواطن اردني ذنبهم انهم احتفلوا بأعياد وطنية لو كان فعلا ويقينا مؤمنا ومؤهلا للاصلاح.
و المنهج الثاني منهج المعارضة الحديثة الخارج من رحم الحالة الرسمية والتي لم تكن مؤهلة ولا قابلة بالاصلاح ، لذا تراها تحوم يسارا لتهبط يمينا او العكس، فهي تريد العدالة وتخجل او تمتنع عن دعم الهيكلة وتتركها فريسة لاصحاب الصوت العالي وتطرح شعارات مرفوضة من مجمل جمهورها الطبيعي او بئيتها الحاضنة.
اعتقد اننا بحاجة اولا الى التأهيل والاصلاح والترتيب مقصود فالتأهيل اولا وبعده الاصلاح لان التأهيل يعني عدم وجود ساسة يخدشون وجدان شعوبهم والتأهيل يعني توفير البيئة الحاضنة لاصلاح حقيقي مدعوم من القاعدة العريضة التي نسجت علاقة حميمة مع الحراك الراقي والمعبر عن مصالحها وطموحها بدليل حراكها خلال الاشهر الماضية, ولا بد من العودة الى مفهوم الاصلاحية وهي الان وزارة التربية والتعليم التي تدفع كل عام بقرابة 120 الفا -خريجي الثانوية العامة- الى سوق الاصلاح ويجب ان يكونوا مؤهلين في الاصلاحية الحياتية والحياة العملية والجامعية.
الدستور