الإصلاح .. وجدناك ولم نحضر

الإصلاح .. وجدناك ولم نحضر
الرابط المختصر

استسهال كلمة الاصلاح يفرز خشية على دلالات المصطلح الذي بات اكثر المصطلحات شيوعا بوصفه موضة عربية بامتياز بعد ثورتي تونس ومصر وما لحقهما من حراك عواصمي مشروع ومبرر لكنه فاقد للرؤية والبوصلة حتى في عاصمتي النجاح القاهرة وتونس العاصمة.

حمى التظاهر والمطالبة التي طالت كل العواصم وخلاياها النائمة والمستيقظة تفتقد الى رؤية لمفهوم الاصلاح الذي نتغنى به ليل نهار ، فهو تارة يحمل تعابير اثنية وطائفية واقليمية وهذا في جوهره مناقض للاصلاح الذي يعتمد المواطنة والمساواة امام القانون ، كذلك يحمل شعاراته احيانا اشخاصا عرفيين ولا يقبلون الرأي الاخر مطلقا ، ولا نجد للان تعبيرا في كل احزابنا للاقليات التي تحمل رأيا مغايرا فهم اما مرتدون واما خونة واما انتهازيون وفي اقل التهم هم مراهقون سياسيون.

وسمعنا كثيرا عن قوائم اللائحة السوداء لاسماء وشخصيات مرفوضة من الاخر لمجرد انها اختلفت في الرأي مع هذا الحزب او ذاك وهناك مواقع اعلامية تدعو ليل نهار للحرية والديمقراطية ولكنها تحجب تعليقا مخالفا ولا تنشر الا لمن هم في ركبها او يحملون وجهة نظرها.

حتى اللحظة لا يوجد اردنيا تعبير واضح للاصلاح المنشود فهناك من يراه في اصلاح قانون الانتخاب وهناك من يراه تعديل في قانون الاحزاب واخر يراه في تصويب الواجهات العشائرية واخر يراه في رفع نسبة تمثيل هذا المكون ومحاصصة عادلة وهناك من يبحث عن تأبيد الوضع القائم والاحتفاظ باكسسوارات تجمّل المشهد.

الاصلاح الحقيقي ثقافة وسيرورة عمل طويلة تحتاج الى انتاج بيئة حاضنة للاصلاح وهي بيئة تقبل بدايةً الاختلاف وتلاقي وجهات النظر في منتصف الطريق فما لا يدرك كله لا يترك كله حسب القاعدة الفقهية والقانونية ونحن للان نتحدث عن اصلاح بعين واحدة فكل طرف يرى في نفسه اصلاحيا بوصاية على الاخرين الذين عليهم الانصياع لرأيه والا فهم خارجون عن الملة.

فما تراه جهة ما اصلاحيا تقذفه جهة اخرى بوصفات الرجعية والتواطؤ وخيانة رسالة الجماهير ، والعكس صحيح ، فثمة اصلاح مطلوب على قياس واحد وبمواصفات معدة مسبقا ، والمبررات موجودة وحاضرة فهناك من يرى ان اليمن غير تونس وهذا صحيح واخر يرى البحرين غير مصر وهو صحيح ايضا ولكن الثابت ان دور الشعوب بدأ يخرج من اطاره التقليدي والمرسوم سلفا ، وعلى الحكومات ان تدرك مسار شعوبها واولوياته العادلة دون خرائط طريق مسبقة او ارهاب شعبي يواجه حراكا شعبيا اخر على افتراض حسن النوايا.

وعلى المطالبين بالاصلاح ان يتقدموا برؤية لشكل الاصلاح المطلوب والمأمول وعلينا جميعا ان نعترف مسبقا ان الاجماع لم يتوفر حتى في بعض القضايا الدينية ويالتالي نحن بحاجة الى توافقات مجتمعية تحترم الخاصية المحلية لكل مجتمع.

الاصلاح قاطرة انطلقت وعلينا ان نمهّد الدروب لهذه القاطرة حتى لا تنقلب لا سمح الله او ان تبقى سائرة دون ركّاب ودون محطة وقوف نهائي او مرحلي فنخسر الاوطان والانسان ، فكثرة الحراكات دون بوصلة او هدف واضح تعطي للمطالبة بالاصلاح بعدا اما عبثيا او انتهازيا كما يسعى البعض من خلال الضغط على اعصاب الدولة لمصالح ذاتية تحتمل التأجيل ولكنهم يسعون الى تحصيلها ، مستثمرين حالة الاوجاع الحقيقية لكثير من العرب وانتشار حمى النقل المباشر عند فضائيات العالم.

الدستور

أضف تعليقك