الإصلاح بين برلمان محبِط ومعارضة بائسة!
يستمر الاستقطاب في الحياة السياسية الأردنية ما بين حكومة وقوى مؤيدة لها تريد اقناع الناس بأن مجلس النواب الجديد يمثل مرحلة متميزة ونقلة نوعية في الإصلاح السياسي وما بين معارضة أدمنت تماما على النقد وغياب الرؤية البديلة. راهنت قوى المعارضة وخاصة الأخوان المسلمين والحراك على تدني نسبة التصويت في الانتخابات فوصلت إلى 56% وهذا يتجاوز انتخابات 2007 و 2010 ومن ثم راهنت على حدوث حالات واسعة للتزوير فلم يحدث وكانت الانتخابات منظمة باستثناء خروقات بسيطة معظمها تم من قبل المرشحين وأنصارهم وبطريقة لا تقارن بالانتخابات الماضية.
ماذا بقي إذا من أدوات للمعارضة في اضعاف مصداقية الانتخابات الأخيرة؟ حاول البيان الأخير الذي أصدرته الجبهة الوطنية للإصلاح تبيان مظاهر الخلل في الانتخابات ولكنه ايضا لم يغادر مربع النقد السلبي. حاول البيان إظهار أن النسبة الحقيقية للمشاركين في الانتخابات هي 35% من الذين يحق لهم التصويت محاولين إظهار عدم تمثيل المجلس للغالبية العظمى من المواطنين. ولكن لعبة الأرقام هذه قد ترتد على الأخوان بالذات والذين فازوا في انتخابات نقابة المهندسين الأخيرة بما مجموعه 8% من أصوات المهندسين المسجلين و4% من مجموع المهندسين في النقابة!
أما إذا قارنا ارقام الانتخابات الأخيرة بمنظومة الانتخابات المصرية التي أوصلت الأخوان إلى الحكم وإلى فرض دستورهم الخاص فمن المفيد مراجعة الإحصائيات التالية. في استفتاء ديسمبر على الدستور في مصر قال 10.7 مليون نعم بنسبة 62% من 17 مليون مشارك من وبنسبة 20.5% من52 مليون يحق لهم التصويت وبنسبة 13.3%من 80 مليون مواطن في انتخابات مجلس الشعب المصري شارك 27 مليون بنسبة54 % من 50 مليون يحق لهم التصويت وبنسبة 21% من 80 الشعب المصري.. في انتخابات الرئاسة المصرية حصل مرسي على 13مليون صوت بنسبة 52%من 25 مليون مشارك وبنسبة 26% من50 مليون يحق لهم التصويت وبنسبة 16.25%من 80 مليون مصري. هذه هي الانتخابات دائما تمر بعدة مراحل قبل أن يتجه الناس إلى التصويت ومن النادر أن تصل نسبة الاقتراع ضمن اي ظروف إلى أكثر من نصف الذين يحق لهم الانتخاب.
ينتقد الإخوان المسلمون نظام الانتخابات الحالي، وهم محقون في ذلك لولا أنهم لم يقدموا طوال سنتين من النقد والاعتراض أي قانون بديل. استنكفوا عن عضوية لجنة الحوار الوطني ورفضوا النقاش مع الحكومات التي عملت على إعداد القانون الجديد ولم يطرحوا حتى ورقة واحدة حول القانون الذي يعتقدون أنه مناسب. محاولتهم الوحيدة كانت في تنسيق ثنائي مع رئيس الوزراء الأسبق عون الخصاونة لإعادة إنتاج قانون 1989 وبشكل مستقل عن بقية القوى السياسية الأخرى التي يتحالفون معها.
يرفض الأخوان القانون الحالي لأنه نتاج “مجلس مزور وغير دستوري” ولكنهم قبل اشهر طالبوا بإعادة المجلس السابق (المزور طبعا) ليناقش قانون انتخاب جديد بدلا من الذهاب إلى الانتخابات وذلك بهدف تعطيل الانتخابات وإبقاء الحالة السياسية مجمدة في انتظار تطورات إقليمية ترفع من اسهم الإخوان، ولكن المشكلة هي في أن التطورات الإقليمية في مصر وتونس وسوريا أصبحت تظهر انطباعات سلبية كثيرة عن الإسلاميين.
يطالب الإخوان بالحوار والإصلاح من قبل الدولة وعدم العناد في اتخاذ المواقف ولكن قيادتهم ترفض حتى مجرد الاستماع إلى مبادرة إصلاحية من داخل الجسم الإخواني وتجرم كل من يتحاور مع تيار زمزم، فهل هذه عقلية ديمقراطية وإصلاحية. يطالب الإخوان بالإصلاح ولكن المراقب العام يعلن قبل اسابيع أن دولة الخلافة قادمة، وعندما يحدث رد فعل سلبي من حلفائهم السياسيين يعتبرون أن كلام المراقب العام هو “خطبة جمعة” فقط!
نعم هو قانون انتخاب قاصر ومجلس نواب مثير للإحباط، ولكنها ايضا معارضة بائسة ذات خطاب متناقض وغير واقعي وغير متجانس سياسيا واستعراضي بعيد عن تحمل المسؤولية وتقديم البدائل. فلتصلح المعارضة نفسها قبل إصلاح النظام.
الدستور