الإخوان ..نجاح الدعوة وفشل السياسة
بمعزل عن الموقف السياسي من جماعة الاخوان المسلمين لم اجد خلال استطلاع شخصي اي عضو من اعضاء الجماعة انتمى الى الحركة لبرنامجها السياسي بل كانت الاجابات تنحصر في السلوك الاجتماعي الديني الذي تنقله الجماعة الى اعضائها وذلك ينسحب على الشباب والكهول فكل الداخلين الى حضن الجماعة وجدوا عائلة اجتماعية تمنحهم الفرصة للعمل الاجتماعي والكشافة وسلوك منهج اخلاقي قويم، تحت لافتة كبيرة تحمل عنوانا عريضا اسمه المسلم الصالح الذي يستحضر تاريخ الصحابة وصحيح الاسلام .
اذا ولوج بوابة الجماعة لم يكن لسبب سياسي؟ فلماذا انطلقت الجماعة الى السياسة طالما ان الجذب اجتماعي وديني؟ وكيف تنجح الجماعة في تحويل الداخل اليها الى ناشط سياسي وقائد سياسي وهذا الحال ينسحب بشكل اوضح على جمهور الجماعة في الشارع الشعبي الذي يمنح صوته للجماعة لمجرد ان مرشيحها اصحاب دين واصحاب خلق، فلا احد يقول انه قام بانتخاب الجماعة لبرنامجها السياسي بل تنحصر اجابات الناخبين بأنهم منحوا صوتهم ( لرجل فاضل اوعالم جليل).
السياسة وبرنامجها العملي غائبان عن اصل التكوين ومن هنا يمكن الدخول بجرأة الى قراءة فشل تجربة الاخوان في العمل السياسي مقابل نجاح كبير في العمل الاجتماعي والدعوي ولعل تجربة مصر التي شهدت وصول مرشح الجماعة الى الرئاسة قد كشفت هذا الاختلال بشكل عميق فالرئيس السابق محمد مرسي نجح في استعداء شركاء الثورة بسرعة تفوق سرعة اي رئيس اخر في استعداء الشارع وقواه السياسية والاتهامات التي واجهها بالتفرد وغياب البرامج اتهامات صحيحة بالعودة الى آلية استقطاب جماعة الاخوان لأعضائها ويمكن التعميم اكثر بأن الجماعة لا تملك برنامجا سياسيا او خبرة سياسية لذلك خرجت من المشهد بسرعة شديدة .
بمحبة شديدة، على الجماعة ان تسمع صوت العقل السياسي وتعود الى قواعدها الدعوية وتراجع تجربتها السياسية بجرأة وصلابة من خلال منح الاحزاب التابعة لها او اذرعتها السياسية حرية القرار والحركة فنحن نعرف ان الاحزاب السياسية التابعة للجماعة بمجملها ناقلة لتجربة الاخوان لا مجددة , وهذا الامر كرّس الرأي السائد بأن الجماعة ليست سياسية وانها تضع الدعوة في خدمة السياسة وبالتالي لا تحصد سياسة وتخسر الدعوة.
ربما يرى اصدقاء الجماعة واعضاؤها ان هذه القراءة ظالمة لتجربة الجماعة التي نجحت في تحشيد اكبر عدد من الناس ونجحت في ساحات كثيرة من حصد اصوات شعبية ,وهذا صحيح لان الحشد والتوسع كان على اسس اجتماعية دينية وليس على اسس سياسية وكل البرامج السياسية التي طرحتها الجماعة تتحدث عن الامراض السياسية والمجتمعية مثل الفساد وانعدام الكفاءة وغياب النزاهة ولكنها لم تضع يوما برنامجا واضحا لمعالجة هذه الامراض والطب السياسي مثل الطب البشري يقوم الطبيب فيه بتشخيص الداء ووصف الدواء وهذا ما عجزت عنه الجماعة في ساحات عربية كثيرة بل ان تجربة وصولها الى سدة الرئاسة في مصر اثبتت ذلك رغم العمر القصير لتجربة الرئيس محمد مرسي .
على الجماعة ان تبدأ بالمراجعة السريعة والعمل على الفصل الكامل بين الدعوة والسياسة فهي مخزن بشري يمكن الاستفادة منه في السياسة والاجتماع ولكن بعد المرور في التجربة بوضوح كامل ولا يكفي الالتزام التنظيمي لإنتاج حالة زعاماتية او انتاج خبير يستطيع ان يصف الداء ويكتب الدواء.
الدستور