الأردن والمفاوضات.. الرؤية واضحة

الأردن والمفاوضات.. الرؤية واضحة
الرابط المختصر

كان الملك واضحا في لقائه مع رؤساء التحرير في الدفاع عن المصالح الاردنية في كل وقت وفي جميع الظروف اذا ما تعرضت هذه المصالح الى الخطر. وهذا الموقف ليس جديدا, كما انه لا يعني ان الاردن يعارض انطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين. الاردن معني جدا في كل جهد يهدف الى اقامة دولة فلسطينية مستقلة لهذا أيّد ويُؤيّد باستمرار مواصلة العملية التفاوضية وانقاذها من حالات الجمود والتعثر وهذا يشكل جوهر سياسته في ترجمة شعار الدفاع عن مصالحه. فقيام دولة فلسطينية يضع حدا للمؤامرات والاحلام والاوهام التي تنطلق من جُحْرٍ هنا واخر هناك حول اقامة الوطن البديل على حساب الاردن كحل عندما تتعثر الحلول على الساحة الرئيسية للصراع.

الملك يبدو مطمئنا وواثقا كلما تطرق الحديث الى مواجهة الأخطار التي يمكن ان تحملها حلول مفروضة على الفلسطينيين والعرب. فالاردن لن يكون ساحة لهذه الحلول كما انه في الوقت نفسه يظل الداعم القوي للحقوق الوطنية الفلسطينية بما في ذلك اقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.

مصدر هذه الثقة الملكية, الايمان بقوة المملكة كدولة راسخة بشعبها وجيشها ومؤسساتها. وايضا بمكانتها وعلاقاتها الدولية والاقليمية التي تجعل منها حَجر أمان واستقرار واعتدال لا غنى عنه في معادلات المصالح الدولية. فالمملكة الاردنية الهاشمية ليست دولة مارقة ولا دولة ضعيفة, هي ركن اساسي في تاريخ امن واستقرار دول المنطقة وفي المركز من شبكة العلاقات والمصالح العالمية التي تجعل منها لاعبا اساسيا في حل القضايا الاقليمية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

لا شك بان الاردن, قيادة وشعبا, يعرف ما يدور في بعض دوائر المنطقة واسرائيل من طروحات مشبعة بالاوهام عن امكانية فرض حلول للقضية على حساب الاردن بما في ذلك مشاريع الفدرالية والكونفدرالية بين الاردن وبين دويلة فلسطينية تقوم على كانتونات مجزأة في الضفة المحتلة. من الناحية الرسمية, لم يؤكد اي مسؤول اردني قيام جهة امريكية او فلسطينية او اسرائيلية بعرض مثل هذه المشاريع على عمان.

من حيث المبدأ مثل هذه اقتراحات يرفضها الاردن جملة وتفصيلا لان محور سياسة الدولة التي لن تتراجع عنها في الملف الفلسطيني, هو التمسك باقامة دولة فلسطينية مستقلة على ارض فلسطين. وغير ذلك مجرد كلام وبالونات للاثارة وليس للاختبار مع التأكيد بان ارادة الاردن الرسمية والشعبية ليست في قاعة امتحانات امام الاخرين عندما يتعلق الامر بمستقبل الدولة والنظام والهوية. فهذه مسؤوليات وطنية, الدولة قادرة على النهوض بها لانه لا يوجد اردني في موقع رسمي او في المستويات الشعبية يجرؤ على التفكير ولو للحظة واحدة, بانه سيتخاذل في الدفاع عن مصالح بلاده اذا ما هددتها اطراف خارجية مثل اسرائيل او غيرها.

كما ان الوهم لا يعتري عمان بانه بمجرد انطلاق المفاوضات المباشرة يصبح الحل في متناول اليد. ومن خلال اللقاء مع جلالته وسط ما يَعُمّ سماء المنطقة من اجواء تدفع الى التشاؤم واليأس حول مستقبل المفاوضات تشعر بان مواقف القيادة وفهمها وتصوراتها لما هو عليه موقف الاردن في الحاضر والمستقبل, وامام اي تطور هو موقف جلي برؤية واضحة, قريبة من الاحداث وتقلباتها قادرة على استيعابها والتعامل مع آثارها في جميع الظروف. الى جانب ذلك وبفضل شبكة العلاقات القوية الراسخة مع البيت الابيض ومع الاتحاد الاوروبي والمجتمع الدولي التي اقامتها القيادة الهاشمية فان حركة الاردن في القضايا الاقليمية والدولية وعند التعامل مع ملفات المنطقة وازماتها هي حركة واعية مستنيرة متيقظة لكل حدث وتطور, مدفوعة دائما بالحفاظ على مصالح الاردن الوطن والشعب والدولة.