اغتيال الشخصية يتطلب وجود (شخصية)
"وين عِلْمك فيه صاير شخصية".. هذه واحدة من العبارات التي يتداولها الناس وهي تنطوي على قدر من التهكم أكثر مما تنطوي على معلومات إضافية. الأمر ذاته يتكرر عندما ترى شخصاً -تعرفه جيداً- في هيئة جديدة فتصفه مستغرباً: "مْشَخّص!". وقد ترى شخصاً يثير إعجاب الآخرين لكنك بحكم معرفتك العميقة بحقيقته تبتسم وأنت تراهم يتوهمون أنه "شخصية", غير أن واحداً أكثر منك معرفة به وأكثر صراحة منك سيقول: "أبو الخـ..ى صاير شخصية".
أطرح هذه "المقاربة" الجديدة لمفهوم الشخصية لكي أصل إلى أن التخويف الدارج هذه الأيام مما يسمى "اغتيال الشخصية" لا يفيد كثيراً على المستوى الشعبي, لأن كلمة "شخصية" لا تحمل هنا المعاني ذاتها التي تحملها في الثقافة الرسمية, ففي الثقافة الشعبية لا يكفي أن يوصَف شخص بأنه "شخصية" لكي ينجو بنفسه من التداول السلبي.
هناك قائمة شعبية للفاسدين تختلف عن القوائم الرسمية بما فيها قوائم وسائل الإعلام, والقائمة الشعبية تتبدل مع الزمن, وتتبدل دلالاتها أيضاً, وهي قد تكون مادة للتندر والفكاهة, وكثيراً ما يرحب الناس بعودة فاسد شهير إلى موقعه الكبير لأنهم يرون أنه "لهط" ما يكفي وذلك أفضل من أن يأتي فاسد مستجد يبدأ من الصفر.
الملاحظ كذلك أن الناس يصبحون أكثر ميلاً للتدقيق في الأسماء عندما تُصَنّف رسمياً كأسماء فاسدة, بل إن بعض الأسماء عندما انتقلت من القائمة الشعبية إلى الرسمية نالت قدراً أكبر من التعاطف الشعبي.
كما ترون, في الثقافة الشعبية تموت شخصية الفاسد من دون الحاجة إلى الاغتيال.
العرب اليوم