إصلاح أخلاقي

إصلاح أخلاقي
الرابط المختصر

في قصيد التغريبة للشاعر وليد سيف ثمة مقطع يقول «للاسنان مذاق مر.. تحت الاسنان»، وقبلها أكد مظفر النواب بأن الدم لا يحتاج الى معجم كي تفهمه.

هنا وهناك من يريد لنا استخدام المعجم السياسي كي نفهم الدم المراق ونمايز بين دم الشهادة، فهنا دم شهيد سقط من أجل الحرية في مصر وتونس وهناك دم مرتد سال في دمشق، وهنا يكون للاسنان طعم العلقم تحت الاسنان لأن الهراوة من يد شرطي او محقق في سجون ممتدة على مساحة الخريطة العربية وهناك اسنان بطعم الحلاوة تحت الاسنان لأن الهراوة تستهدف المجرمين والمارقين والمنبطحين فهي هراوة ممانعة.

اذا حاولنا ترتيب الاولويات الاصلاحية على أجندة الاصلاح فسنكتب في اول السطر «الاصلاح الاخلاقي» فهو بداية كل صلاح وليس اصلاح فقط، فهو للآن الغائب عن أجندة الاصلاح التي يحاول كل طرف ترتيب اولوياتها حسب البروفيل الشخصي او الحزبي او النقابي وكلها اسماء حركية «للمصلحي».

في عمان اصلاح النظام فرض، وفي دمشق قتل الابرياء مسألة فيها وجهة نظر، أجندات منزوعة الدسم الوطني تحيط بالساحة الشامية.

نعود الى اول السطر في الاصلاح الاخلاقي، وفي تراتبية الدم ومعناه في شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، حين تصبح التراويح مناسبة لاطلاق البلالين، وعدم توريد ثمنها لتكية أم علي او لاسرة فقيرة جنوب خط القلب تكون البوصلة مختلة ولا تشير الى الوطن.

حين يصبح لقاء سفير «ساركوزي» مهمة وطنية واستقباله في مقر الحزب من باب النوافل السياسية نكون بحاجة الى مراجعة حقيقية لكل منظومتنا الاصلاحية.

وحين يصبح التنابز بالألقاب والصفات والأوصاف على ارضية الموقف من دمشق وحراكها فقط تكون بحاجة حقيقية الى التوقف ومراجعة الذات.

حين يصرخ شاب على الفضائيات من تحت دوار الداخلية معصوب الرأس منادياً «المعتصم» كي ينقذه من هراوة الدرك ثم يخرج علينا منافحاً عن آلة القتل في عاصمة الشام يتوجب علينا ان نقرأ الفاتحة على روح الاصلاح.

في دمشق التي جعلت من الدمع شامة على خدود العرب، حدثت الفاجعة انتقل المثقف من حارس للوجدان وللروح ليصبح مثل السياسي، يحرس المصالح ويلعب على الأوتار والآلام.

في دمشق وبين أزقتها كما في كل مدن الشام ثمة بيت عزاء مفتوح، كان ينتظر فقط كلمة عزاء لا قصيدة رثاء لفقيده، لكننا وضعنا الملح في جرحه وضغطنا بقوة عليه.

الشام لا تريد دعاءكم والشام لا تريد سيوفكم؛ فدعاؤكم ملح على عطشهم في صيف رمضان وسيوفكم عليهم، الشام تريد فقط الوقوف دقيقة حداد على روح الاخلاق، التي ضاعت بين مصالح الساسة ومعاجم السياسة.

الدستور