آينشتاين يحلل الإصلاح في الأردن

آينشتاين يحلل الإصلاح في الأردن
الرابط المختصر

في الأوساط العلمية يعتبر آلبرت أينشتاين هو أذكى الأشخاص الذين عرفتهم البشرية، فقد تمكن من حل الجزء الأكبر من ألغاز التركيب الفيزيائي للكون وتمكن من إيجاد المعادلة السحرية البسيطة التي تربط ما بين الزمن والكتلة والسرعة، كما تمكن من تحليل النظرية النسبية المعقدة ووضعها في صورة يمكن فهمها للرأي العام، ولا زات نظريات آينشتاين تهيمن على علم الفيزياء حتى الآن. 

لو طلبنا نظريا من آينشتاين أن يعمل مستشارا لدينا في الأردن، وبعقد تلزيم ايضا ومن دون استدراج عروض مفتوحة، من أجل تحليل الوضع القائم حول الإصلاح السياسي في البلاد وكيف يمكن استخدام منطق الفيزياء والمعادلات الرياضية وربط السبب بالنتيجة من أجل الوصول إلى خريطة طريق منطقية حول الإصلاح السياسي فماذا سيحدث؟ بداية على السيد آينشتاين الإطلاع بدقة على الدستور الأردني الجديد والأدبيات السياسية والبرلمانية وكيفية اتخاذ القرار في البلاد ثم يمكن له أن يتابع بدقة الأحداث في الساحة. 

سيصل آينشتاين إلى البلاد ويتابع تصريحات رئيس الوزراء الجديد والذي يؤكد بأنه سيختار في الحكومة «أفضل العقول في البلاد» ثم يجد بأن التركيبة كانت رهينة للاعتبارات الجغرافية والجهوية والسياسية المختلفة، وسيضع آينشتاين بالتالي ملاحظاته حول علم الاجتماع السياسي في الأردن. 

يتابع آينشتاين الشارع والمسيرات ويلاحظ بأنه في نفس اليوم الذي يتم فيه تشكيل الحكومة تخرج مسيرات مطالبة بحكومات نيابية. يعجب آينشتاين بهذا الطرح الديمقراطي ويتجه نحو المسيرة ليسأل كيف تريدون تشكيل الحكومة من البرلمان الحالي ولكنه قبل أن يصل يستمع إلى شعار من نفس المسيرة مطالبا بحل البرلمان الحالي. يكتب آينشتاين أن النتيجة المطلوبة لا يمكن أن تتحقق نتيجة غياب أحد أهم العوامل المطلوبة وهو البرلمان. يقال لآينشتاين أن المطلوب هو حكومة نيابية منذ البرلمان القادم ويعرف بأن ذلك يعني حل البرلمان الحالي ويراجع الدستور الجديد ليجد فيه أن الحكومة التي تحل البرلمان تستقيل فورا، وقبل أن يستمر في الإعجاب بهذا المنطق السليم في توازن السلطات يقرأ أن رئيس الحكومة الجديد يريد تعديل الدستور الحالي من أجل أن يسمح له بالبقاء في الحكم بعد حل البرلمان. يفكر آينشتاين ويقول بإن خطوة إلى الأمام تتلوها خطوة إلى الخلف يعني البقاء في نفس المكان! حسنا، هذه مبادئ الفيزياء 101 فلماذا أحضروني إلى هنا؟ 

يفكر آينشتاين بان الحل قد يكون لدى المعارضة فيقرأ الأدبيات السياسية ويستمع إلى التصريحات وشعارات المسيرات ويعرف أن المعارضة تريد حكومات نيابية تتشكل من الأغلبية البرلمانية وأن يتم ذلك بتعديلات دستورية فورية تحدد ضرورة تكليف رئيس الأغلبية البرلمانية. ولكن ذلك يتطلب إذًا إجراء انتخابات جديدة، من قبل حكومة جديدة تكون مكلفة من الملك بسبب عدم وجود البرلمان وبالتالي تقوم بالترتيب لمجلس نيابي بناء على قانون انتخابات يسمح بالعمل الحزبي. يشعر آينشتاين بالكثير من الرضا تجاه كلمة الأحزاب والتي يجب أن تقود الحياة السياسية فيسأل عن الأحزاب السياسية في الأردن ويجد أنها باستثناء حزب واحد لا تمتلك المؤهلات الكافية من قاعدة شعبية أو مؤسسية في العمل تسمح لها بتكوين الحكومات وإدارة البلاد. يسأل آينشتاين عن هوية التركيبة السياسية في الأردن فيكتشف أن هنالك شبكة قوية من أصحاب المصالح والنفوذ تسيطر على صناعة القرار، وأن المتظاهرين في الشارع ينسبون أنفسهم إلى محافظات ومدن وأحياء وعشائر وليس إلى أحزاب ومؤسسات سياسية، ولا يدرك الذكي ذو الشعر الكثيف كيف يمكن لهذه الجهات والتيارات أن تسهم في تشكيل وتقوية أحزاب فكرية وسياسية تشارك في الحكومات؟ 

يعود آينشتاين إلى غرفته في الفندق ويمزق العقد ويستعد للسفر الفوري إلى مكتبه للتفكير بميكانيكا الكم الأكثر سهولة وراحة، ولكنه قبل ذلك يحجز لرحلة سياحية في أرجاء البلاد ليستمتع بالبحر الميت والبتراء ووادي رم وجرش والمحميات الطبيعية وغيرها من المواقع السياحية. وبعد ذلك يبدى إعجابه بالتنظيم والنظافة والرقي في التعامل والتهذيب والكرم الذي وجده لدى هذا الشعب متمنيا له أن يحقق طموحه في حياة سياسية حديثة ومعيشة كريمة لانه يملك كل المقومات لذلك، ولا يحتاج إلا إلى التعاون والتفكير المنطقي في الإصلاح السياسي. 

الدستور