«حقوق معيشية» وليس «مزايا خدماتية»!
قررت الحكومة أن تتخذ الخطوة الأولى في المسار الطويل نحو الحقوق المدنية الكاملة لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين. هذا أمر يستحق التأييد لأن الحكومة الحالية تجرأت على الخروج من مربع التجاهل والتردد لكنها لم تستطع أن تخطو المسار كاملا نحو النهاية العادلة والتي لا بديل عنها في منح الحقوق المدنية. من الواضح أن حجم الضغوطات الداخلية والحملات الاتهامية لم تترك للحكومة الفرصة للخطوات الأكبر وكذلك فإن غموض مفاوضات الوضع النهائي لا يساعد على تحقيق الهدف المنشود.
لدينا على كل حال بعض الفرص والمشاكل في هذا التوجه. المشكلة الرئيسية هي في المصطلح الذي تم استخدامه وهو “المزايا الخدماتية” وهذا بحاجة للتغيير لأن كلمة مزايا ليست مناسبة لوصف توجه يجب أن يكون طبيعيا وملائما دستوريا لمنح أبناء الأردنيات الحقوق التي يجب أن يتمتعوا بها. ما تم إقراره ليس “منة” يمكن أن تسحب في لحظة ما بل هو تقديم لجزئية من الحق الكامل، ولهذا يمكن تسمية المنظومة التي تم إقرارها وهي حقوق التعليم والصحة والسكن والتملك وغيرها بحقوق معيشية يحصل عليها الناس بكرامتهم وبدون اي تنازل وليست مزايا ولا مكرمات.
الفرص المتاحة مهمة ومنها كسر أول حاجز من العناد المستمر منذ فترة طويلة في منح الحقوق وكذلك فإن اللجنة المكلفة بدراسة القضية يمكن أن تحصل على البيانات والمعلومات الحقيقية حول عدد الأشخاص المعنيين وبدون تهويل أو تقليل، إضافة إلى تحديد الكلف الناجمة عن هذا التوجه في منح الحقوق ولكن ايضا بدون مبالغة في التقدير.
من المهم أن تكون نتائج الدراسة متاحة للراي العام حتى يتم قطع الشك باليقين في المعلومات التفصيلية حول عدد أبناء الأردنيات وبالتالي تستخدم المعلومة في مناقشاتنا القادمة حول الموضوع بدلا من السماح للبعض بترديد أرقام مبالغ بها والإدعاء بأن منح الحقوق المدنية هو تهديد وجودي للأردن.
الوصول إلى خط النهاية وهو الحقوق المدنية الكاملة لا يقبل التسويف أو التفاوض لأنه من اساسيات المواطنة في هذا البلد وخاصة التعامل مع المرأة كمواطن كامل الحقوق في كل ما يتعلق بالنسب. أنها قضية وجودية ترتبط بالمبادئ والقيم التي تستند إليها الدول الحديثة التي نتمنى أن تكون الأردن منها.
الدستور