«الأعيان» أمام فرصة لتصحيح خطأ كبير
تعتبر القيمة المضافة لمجلس الأعيان في التركيبة السياسية الدستورية في الأردن أن المجلس يشكل “بيت خبرة” من الشخصيات السياسية والاقتصادية ذات الباع الطويل في الحياة العامة والتي يمكن لها أن “تضبط” ايقاع التشريعات التي أحيانا لا تأخذ بعين الاعتبار الحقائق الموضوعية في القطاعات التي تتعلق بها، وخاصة عند تطوير هذه التشريعات من قبل حكومات متسرعة ومجلس نواب غير مدرك للصورة الكاملة.
أمام مجلس الأعيان حاليا فرصة كبيرة لتصحيح خطأ فادح وقعت فيه الحكومة والنواب في قانون إعادة هيكلة المؤسسات العامة والذي تضمن العديد من القرارات المتسرعة وغير المدروسة في دمج وإلغاء بعض المؤسسات وبخاصة هيئة التأمين، وهيئة تنظيم العمل الإشعاعي والنووي ولكن الخطأ الأكبر هو في إلغاء سلطة المصادر الطبيعية، وإلحاقها بوزارة الطاقة كمديرية صغيرة.
من عجائب الدنيا في الإدارة الأردنية أن يتم، وبجرة قلم إلغاء مؤسسة عمرها أكثر من 50 سنة تقدم للأردن دخلا أكثر باضعاف عما تحصل عليه من الخزينة العامة، وتنظم قطاعا في غاية الأهمية من الثروات الطبيعية واستثمرت طوال 50 سنة في الموارد البشرية والفنية وعملت بشكل ميداني لتمسح كافة الموارد المعدنية والثروات في البلاد بطريقة علمية سليمة. إذا كانت الحكومة ومجلس النواب لم يدركا طبيعة هذا الخطأ الكبير فمن غير المعقول أن لا ينتبه إليه مجلس الأعيان بكل خبرته. المعلومات الواردة من مجلس الأعيان وخاصة اللجنة القانونية ولجنة الطاقة تشير إلى وجود قناعة لدى المجلس بأن إلغاء السلطة خطأ وهذا ما يجب تعزيزه ولكن من المهم أن تنتشر هذه القناعة للحكومة ومجلس النواب وكذلك وسائل الإعلام والرأي العام.
سلطة المصادر الطبيعية تتبع لأحكام الخدمة المدنية وسلم الرواتب وليست ابدا مثل الهيئات المستقلة الأخرى التي ساهمت في استنزاف الخزينة العامة وبالتالي من غير المنطقي جمعها في نفس الأسباب الموجبة. على صعيد العمل الفني فإن السلطة تشرف على عشرات المشاريع الكبيرة مع الشركات الدولية التي تعمل في مجالات الصخر الزيتي والنفط وكذلك المعادن المختلفة إضافة إلى دورها المهم في التعامل مع ملف تعدين اليورانيوم حتى لا يخرج عن نطاق السيطرة. إلغاء السلطة سيترك فراغا كبيرا في هذا المجال سيؤثر على فعالية وسرعة عمل الشركات الدولية والفرص الحقيقية في استكشاف الطاقات الكامنة في مجال الموارد الطبيعية في الأردن.
الدستور