"مولات" تستدرج الزبائن بعروض وهمية والقانون لا يحمي المغفلين

طارق الدعجة - مشروع مضمون جديد

"العرض سار حتى نفاد الكمية"، و"الاسعار قد تتغير دون اشعار مسبق"، و"بعض الصور قد لا تتطابق مع المنتج"!،

عبارات تحتاج قراءتها الى مجهر معظم الاحيان، وتتعمد بعض المراكز التجارية، او ما تعرف بالمولات، وضعها في اماكن شبه مخفية ضمن الاعلانات التي تنشرها حول تخفيضاتهاالمزعومة على اسعار بعض سلعها.

ولكن كما تثبت الوقائع، فان الغرض من تلك العبارات وطريقة صياغتها وعرضها هو اصطياد الزبون الذي يفاجأ عند حضوره الى المول بانه وقع ضحية احتيال.

واذا ما حاول الزبون الذي يشعر بالغبن ان يحتج لان السلعة التي جاء من اجلها غير موجودة "نفدت" او انها تختلف عما هو معلن، فان هذه المولات تبرز في وجهه تلك العبارات التي لم يكن قد انتبه اليها او انه قرأها لكنه حملها على حسن النية.

وفي معظم الاحيان يسلم الزبون بالامر الواقع وبانه وقع في المصيدة، وبالتالي يبتلع شعوره بالاهانة والاستغفال، ونادرا ما يتحرك لتقديم شكوى لدى الجهات الرسمية.

وتتركز معظم الشكاوى حول قضية "نفاد الكمية" التي يصطدم بها زبائن المولات.

لكن مصير هذه الشكاوى يكون دائما الفشل لان تعليمات وزارة الصناعة تترك للمولات حرية تحديد الكميات ولا تلزمها بذكرها في اعلانات العروض، وهو الامر الذي يعتبر خبراء انه يشكل ثغرة تفتح الباب واسعا امام بعض المولات للاحتيال على الزبائن.

ويبلغ عدد المولات في الاردن نحو 35 موزعة في معظم انحاء المملكة.وقد سجلت المخالفات المتعلقة بالعروض الوهمية والمضللة لبعضها قفزة كبيرة ومقلقة مؤخرا.

فقد كشف المستشار الاعلامي لوزارة الصناعة والتجارة ينال البرماوي انه جرى تحرير 86 مخالفة من هذا النوع خلال اول شهرين من العام الحالي، وذلك مقابل 132 مخالفة حُررت على امتداد العام الماضي، وغالبيتها الساحقة في العاصمة عمان.
استغلال وغش

تصف ربة المنزل ايمان سيف العروض التي يتم الاعلان عنها في بعض المولات بانها "غير حقيقية، وفيها استغلال للمواطنين"، وذلك بحكم تجربتها الشخصية.

وتقول انها قرات ذات مرة اعلانا لاحد المولات عن تخفيضات على حزمة من السلع الاساسية، وعندما توجهت الى ذلك المول اكتشفت ان هذه التخفيضات كانت "وهمية" وان السلع المذكورة"ليست متوفرة".

وتضيف انها عندما استفسرت من مسؤول المبيعات عن السلع المعلن عنها ضمن عرض التخفيضات، اجابها بأن الكميات نفدت منذ يومين، وعرض عليها بدلا من ذلك شراء سلع مماثلة، ولكن طبعا بأسعار اعلى من الموجودة في الاعلان.

وكما ترى ايمان فان بعض المولات "تلجأ الى هذه العروض المضللة بهدف استقطاب المواطنين لزيادة مبيعاتها ". وهي اذذاك، تطالب الحكومة "بتشديد الرقابة على المولات التي تعلن عن عروض وهمية، لانها تمارس التضليل وتستغل المواطنين".

من جهته ايضا، يؤكد معتصم اسماعيل، وهو موظف في القطاع الخاص، ان هناك مولات تمارس "اساليبغش وخداع على المواطنين".

ويقول اسماعيل ان "اساليب الغش تتمثل في الاعلان عن تخفيضات بنسب كبيرة على اسعار سلع تكون في حقيقة الامر قد شارفت على انتهاء صلاحيتها او انها تكون ذات نوعية رديئة".

ويضيف انه حصل معه اكثر من مرة ان توجه الى مولات وصلته منها رسائل عبر الهاتف النقال تعلن فيها عن تخفيضات على بعض سلعها، ليجد ان هذه السلع قد نفدت رغم انه يكون قد قصد المول في ذات اليوم الذي تسلم فيه الرسالة.

ويعتبراسماعيل ان استمرار مثل هذه المولات في "استغلال وتضليل المواطنين يدل على ضعف الرقابةالحكومية".

ومن جانبه، يؤكد هاني عاشور ممثل المراكز التجارية في نقابة المواد الغذائية ان عروض المولات "وبخاصة الكبيرة منها، حقيقة وتعكس المصداقية، بدليل المنافسة الشديدة بينها".

ويقول عاشور ان "معظم السلع التي تدخل ضمن العروض تباع بسعر التكلفة ومن دون ان تعود بأية أرباح على المولات، والهدف منها هو استقطاب اكبر عدد من الزبائن لبيعهم سلعا اخرى الى جانب المعلن عنها، وبالتالي تحقيق مبيعات عالية".

ومع ذلك، يقر المسؤول في نقابة المواد الغذائية بان هناك مولات تمارس التضليل عبر الاعلان عن عروض وهمية، وقد دعا هذه المولات الى "التقيد بالقانون وتعليمات الاعلان عن العروض لتجنب المخالفات".

كما طالب وزارة الصناعة والتجارة بان "تشدد الرقابة على المولات التي تقوم بإجراء العروض، بهدف التأكد من مصداقية تلك العروض".
الوزارة: لا تهاون

على صعيدها، اكدت وزارة الصناعة والتجارة على لسان مستشارها الاعلامي ينال البرماوي، انها "لن تتهاون في اتخاذ كافة الاجراءات بحق أي مركز تجاري يقوم بالاعلان عن عروض وهمية على حزمة من السلع بقصد استغلال المواطنين".

وقال البرماوي ان الوزارة، وعبر فرق الرقابة والتفتيش التابعة لها "تنظم بأستمرار حملات مفاجئة على المراكز التجارية والمولات للتأكد من مصداقية العروض والتنزيلات التي تعلن عنها".

واكد البرماوي ان الوزارة "حررت في اول شهرين من العام الحالي 86 مخالفة بحق مراكز تجارية لارتكابها مخالفة الاعلان عن عروض وهمية تضلل المواطنين حيث تم تحويل المخالفين الى القضاء".

وبين البرماوي ان الوزراة ووفقا لقانون الصناعة والتجارة "تشترط على المراكز التجارية الراغبة بألاعلان عن عروض مخفضة امورا عدة اهمها وضع السعر الجديد والسعر القديم على الاعلان اضافة الى اظهار تاريخ التنزيلات ومدتها".

ويحظر القانون الاعلان عن تنزيلات صورية في اسعار البضائع لا تخفض فيها الاسعار عنها قبل التنزيلات او بعدها او الاعلان عن تنزيلات في الاسعار دون تحديد مدتها او تجاوزها المدة المحددة في ذلك الاعلان.

وينص القانون على معاقبة من يخالف احكامه الخاصة بهذه التنزيلات والعروض بغرامة لا تقل عن خمسمائة دينار ولا تزيد على ثلاثة آلاف دينار.

وتضاعف العقوبة اذا تكررت المخالفة مرة واحدة، وذلك في حدود حدها الاعلى سواء في الغرامة او الحبس فاذا تكررت خلال ثلاث سنوات اكثر من مرة يحكم بالغرامة في حدها الاعلى وبالحبس ايضا مدة لا تقل عن الحد الادنى لمدة العقوبة المقررة للمخالفة.
انتهاك لحقوق المستهلك

من ناحيته، اعتبر رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك محمد عبيدات ان اعلان المولات عن تخفيضات وهمية على سلع اساسية يمثل "انتهاكا لابسط حقوق المستهلك من خلال استغلاله عبر جميع السوائل المتاحة".

ودعا عبيدات "المواطنين الى التريث قبل شراء السلع المعروضة للبيع وخاصة تلك التي تعرض في موسم التنزيلات لانها تكون في الغالب تنزيلات وهمية وغير صحيحة".

كما شدد على ضرورة ان ينتبه المواطن قبل شراء السلع الغذائية المعروضة الى تاريخ الصلاحية، والذي قال انه "يكون غالبا قد قارب على الانتهاء".

كما طالب عبيدات "الجهات الرقابية ذات العلاقه بتشديد اجراءتها على جميع المحلات التي تقوم بالتنزيلات حيث ورد للجمعيه شكاوى كثيره عن محال تجاريه للالبسه وغيرها تقدم عروضا وهميه هدفها تضليل المستهلك وخداعه".

وقد اتفق استاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري مع عبيدات في اعتبار العروض الوهمية "انتهاكا لابسط حقوق المستهلكين، ومحاولة لاستغلالهم بشتى الطرق، خاصة اصحاب الدخول المحدودة والمتدنية ممن يبحثون دائما عن الاسعار الاقل".

وقال الحموري ان هذه العروض "تتضمن خداعا خاصة عندما ينص الاعلان عنها عبارة: حتى نفاد الكمية بخط ضغير لا يلفت الانتباه".

واكد الحموري ان "العروض الوهمية يتحمل كلفتها المستهلك بالدرجة الاولى خاصة فيما يتعلق بإجور المواصلات والوقت المستغرق للوصول الى المركز التجاري دون ان يعوضه احد عن ذلك".

ودعا الى "تكثيف الرقابة خاصة على العروض التي تجريها الأسواق والمولات على حزمة من السلع للتأكد من الالتزام بما يعلن من أسعار".

وطالب "وزارة الصناعة والتجارة بصفتها المسؤول عن تنظيم مراقبة المراكز التجارية بعدم السماح بأجراء اي عروض مالم يتضمن الاعلان عنها التاريخ والكميات، اضافة الى ازالة بند -حتى نفاد الكمية-".

كما شدد على "ضرورة تغليظ العقوبات بحق كل من يرتكب مخالفة ويكررهابقصد استغلال المواطنين، سواء كان في بيع السلع بسعر أعلى من المعلن أو اجراء عروض وهمية على سلع اساسية".

أضف تعليقك