مصنع الاسمنت الابيض في الحلابات ... حين يتحول الاستثمار إلى (دمار)
العرب اليوم - حمد العثمان
حين تقرر انشاء مصنع للاسمنت الابيض في قرية الحلابات في العام 1982 لم يكن يدرك اهالي القرية بعد اضرار المصنع على البيئة والانسان والارض وذلك لحداثة انتقالهم من حياة الحل والترحال كـ ( بدو) الى التوطن والعيش في المنازل الاسمنتية.
كان اهتمامهم ينصب في تلك السنوات بالمرحلة الانتقالية في حياتهم وكانوا يعتقدون ان مصنع الاسمنت الابيض هو احد اهم المعالم الرئيسية في منطقتهم وان العمل في هذا الاستثمار هو المستقبل للكثير من الابناء.
ومع مرور الوقت بدأت النظرة تتغير شيئا فشيئا حتى وصلت الى حد الاصطدام مع انجلاء الصورة الجميلة للاستثمار في ذهنية الاهالي.
بدأت بالغبار المنبعث بشكل كثيف من فوهات المصنع وامتدت الى تصدعات المنازل جراء التفجيرات غير المنضبطة التي تجريها كسارات المصنع الى تراكم اكوام مادة الباي بص الى معاناة موظفي البلدة من عدم التثبيت وتدني الرواتب.
المصنع الذي لا يبعد اقل من كيلومترين عن المساكن اصبح مصدر قلق حقيقيا للاهالي وفق حديث رئيس بلدية الحلابات خلف هليل لـ العرب اليوم فالغبار المنبعث من فوهات المصنع اثر بشكل كبير على صحتهم وعلى حقهم في استنشاق هواء نظيف خال من الاسمنت.
ويطالب رئيس البلدية بتعويض الاهالي جراء التصدعات التي اصابت منازلهم واصبحت المعيشة بها غير مطمئنة مؤكدا ان مصنع الاسمنت اقلق معيشة الاهالي.
ويعتزم محامون رفع دعاوى تعويض عن اصحاب المنازل المتضررة جراء التفجيرات التي يقوم بها المصنع لاستخراج المواد الاولية الاسمنت الابيض.
وقال المحامون ان هناك عشرات القضايا رفعها متضررون من اهالي الفحيص ضد مصنع الاسمنت هناك وحصلوا على تعويضات شكلت جزءا من جبر الاضرار التي اصابت منازلهم ومزارعهم وصحة اطفالهم.
هليل اوضح ان كل استثمار يقاس نجاحه بمدى مساهمتة بتنمية المجتمع المحلي وتوظيف اكبر قدر من العمالة المحلية في منطقة المشروع ليؤكد ان مصنع الاسمنت مساهمته في تنمية القرية متواضع جدا حتى انها لا تكاد تذكر.
ودعا ادارة المصنع الى تركيب الفلاتر على فوهات المصنع لوقف تدفق رذاذ الغبار الى اجواء القرية.
العرب اليوم قامت بجولة الى المصنع واطلعت على واقع العمل والتقطت العديد من الصور التي تثبت حجم الضرر.
الاهالي والموظفون نفذوا الاسبوع الماضي اعتصاما امام المصنع بعدما طفح الكيل اكدوا خلاله ان المصنع تنبعث منه في سماء المنطقة خمسة أطنان من الاتربة الناعمة كل ساعة مطالبين بضرورة ايجاد الحلول المناسبة للضرر الذي لحق بهم من مصنع الاسمنت الابيض والمتمثلة بالغبار والاتربة المنبعثة من المصنع والتي تسببت بحدوث الامراض الصدرية المزمنة كذلك امراض الحساسية والربو للاهالي.
وبينوا ان من ابرز سلبيات المصنع التفجيرات العشوائية الناتجة عن المصنع والكسارات المجاورة والتي ادت الى تصدع المنازل وتشققها وتنذر بسقوط المنازل على قاطنيها والتأثير السلبي على المزروعات نتيجة عدم مراعاة الشروط البيئية الاردنية في عمليات التفجير مؤكدين ان المصنع يقوم بمنح الحارس الامني المشرف على التفجير مبلغ (20) دينارا على بند الاكراميات التي ينجم عنها التغاضي عن تجاوزات التفجير.
واوضح الاهالي ان من التجاوزات طرح مخلفات المصنع من مادة (الباي بص) التي تطرح بشكل عشوائي وادت الى تلوث المياة الجوفية واثرت على المزروعات والثروة الحيوانية.
وتمثلت مطالب الاهالي بوقف عمليات التفجيرات العشوائية المخالفة للانظمة والقوانين المعمول بها وصيانة المنازل التي تضررت من هذه التفجيرات وايجاد الحلول الجذرية لمشكلة الغبار المتطاير من المصنع من خلال تركيب وحدات فلترة, ووقف التعيينات من خارج المنطقة الا في حالة عدم وجود شواغر من أبناء المنطقة كما هو معمول بالمصانع الاخرى.
وطالبوا الالتزام بايجاد الحلول لطمر مادة ( الباي بص) بحيث تقلل من السموم المنبعثة منها والتي أعطبت وعطلت الاراضي الزراعية,و بناء مركز صحي شامل في منطقة الحلابات لمعالجة الاضرار التي تسبب بها المصنع عبر السنين وتوفير اجهزة التبخير الغائبة عن المراكز الصحية بالمنطقة, وتثبيت العاملين من ابناء المنطقة خاصة ان أغلبهم يعملون بنظام العقود وهم الاكثر تضررا من المصنع وعائلاتهم وتحسين رواتبهم المتدنية, وتوفير المواصلات للعاملين من المصنع من أهالي المنطقة اسوة بباقي العاملين من المحافظات الاخرى.
إستمع الآن