مشروع الكلية العسكرية في برقش: سكان يريدونه ونشطاء يحذرون من عواقبه البيئية

الرابط المختصر

محمود الطراونة وأحمد التميمي

عمان - عجلون - بدت محمية برقش الطبيعية أمس، مركز "صراع" إرادات بين فريقين اعتصما، كلّ في مدينة، للدفاع عن وجهتي نظرهما. أحدهما يرى أن إقامة كلية عسكرية على جزء من غاباتها "فرصة لإحياء المنطقة"، والآخر يعتبر الأمر عملية "إعدام للمسطحات الخضراء التي تغطي المنطقة".

الفريق الأول ضم زهاء 300 شخص من أبناء لواءي المزار الشمالي والكورة، ومحافظة عجلون، واعتصموا في منطقة برقش، للمطالبة بـ"تثبيت" موقع الكلية العسكرية في مكانها ببرقش.
ورفع المشاركون في الاعتصام، الذي استمر نحو ساعتين، يافطات كتب عليها "نعم لإنشاء الكلية"، "نعم لرؤيا جلالة الملك".
ويأتي هذا الاعتصام، للتأكيد على أهمية هذه الكلية التي جاءت بمكرمة ملكية، إضافة إلى أهمية جميع المشاريع التي تأتي إلى المنطقة.

النائب بسام العمري، أكد أن إنشاء الكلية من شأنه إحياء المنطقة اجتماعيا واقتصاديا وسياحيا، ويسهم في حل مشكلتي الفقر والبطالة المتفشيتين بين أبناء المنطقة.
العمري يرى أنه لا تأثير على البيئة، حسب الدراسات التي أعدها القائمون على الكلية، داعيا المهتمين في البيئة إلى وقف الزحف العمراني نحو الأراضي الزراعية، خصوصا أن موقع الكلية لن يتسبب باقتلاع الأشجار.

بدوره، قال الناطق باسم المجموعة الوطنية على صفحة الموقع الاجتماعي "فيسبوك" محمد ملحم إن الاعتصامات مستمرة حتى إشعار آخر، من أجل تثبيت موقع الكلية في مكانها وعدم نقلها إلى مكان آخر.
وأشار أن إنشاء الكلية جاء بمكرمة ملكية سامية لأبناء المنطقة، من أجل تنمية المنطقة اقتصاديا، مؤكدا أن الكلية ستساهم في خدمة أبناء المنطقة، خصوصا أنها تعتبر "نوعية" في الأردن.

وكانت اللجنة الزراعية النيابية، أجازت الموافقة على طلب للقوات المسلحة الأردنية بإقامة مشروع بناء أكاديمية عسكرية في منطقة برقش ضمن غابات عجلون على قطع حرجية ضمن حوضي رقم (2) و(3) من أراضي قرية عرجان، وبمساحة تقدر بـ981 دونما، ما يعني تحول تلك المساحات الخضراء والحرجية إلى مجمعات إسمنتية.

اللجنة الزراعية النيابية دعت الحكومة إلى الاكتفاء باستملاك 100 دونم من غابات برقش لغايات إنشاء الكلية العسكرية. وقال رئيس اللجنة النائب وصفي الرواشدة إن اللجنة طالبت الحكومة بالاكتفاء باستملاك 100 دونم من غابات برقش لغايات إنشاء الكلية العسكرية، ووقف استملاك 600 دونم أخرى، وفق ما قررت سابقا.
الرواشدة بين أن مساحة الأبنية المزمع إنشاؤها تقدر بـ100 دونم فقط، ووجدت اللجنة أن استملاكها كاف لإنشاء الكلية، مؤكدا أن اللجنة لا تمانع في استخدام الغابات للتدريب، شريطة عدم قطع أي شجرة، أو إقامة الأبنية عليها.
غير أن الأمر "أفزع" ناشطين بيئيين، خصوصا أعضاء الحملة الوطنية لحماية غابات برقش التابعة لمحافظة عجلون اللذين اعتصموا أخيرا، احتجاجا على موافقة اللجنة النيابية المتخصصة ببناء أكاديمية عسكرية في الغابات، مطالبين بإعادة النظر في المشروع، ونقله إلى مكان آخر بعيدا عن الغابات، حفظا للثروة الحرجية.

وقال المحتجون إن إقامة البناء المذكور يهدد النظام البيئي في المنطقة، مع ما يرافقه من "جريمة" اقتلاع لنحو 200 شجرة معمّرة، تصل أعمارها إلى 500 عام ومعظمها من أنواع السنديان والبطم والقيقب.
الفريق الثاني، اعتصم في عمان أمس، وأمام وزارة الزراعة، مطالبين بوقف قرار "إعدام" غابات برقش.
وهدد عشرات المعتصمين بتصعيد برنامجهم الاحتجاجي، حتى تتم الاستجابة لطلبهم بحماية الثروة الحرجية المحدودة في المملكة، والتي لا تزيد نسبتها على 1 %.
وطالبوا نقابتي المهندسين الزراعيين والمحامين القيام بواجبهم في حماية القانون، داعين إلى تشكيل لجنة قانونية لمتابعة الموضوع، والعمل على وقف القرار فورا.

وأكد المهندس فراس الصمادي، وهو أحد الناشطين البيئيين في حديث إلى "الغد" أن "الحملة الوطنية مستمرة، حيث ندعو إلى تنفيذ قانون الزراعة، خصوصا المادة (28) منه، والتي تنص على "ضرورة الالتزام نصا وروحا بقوانين الزراعة والحراج والبيئة"، والتي لا تجيز تفويض الأراضي الحرجية إلى أي شخص أو جهة أو تخصيصها أو بيعها أو مبادلتها مهما كانت الأسباب.
بدوره، قال نائب نقيب المهندسين الزراعيين محمود أبو غنيمة إن النقابة ستعقد اجتماعا موسعا لسائر الفاعليات، لإطلاق "حملة لإيقاف إعدام غابات برقش لأجل خدمة المتنفذين".

أما مدير السياسات في الجمعية الملكية لحماية الطبيعة عمر شوشان، فحذر من الأخطار البيئية الناجمة عن تدمير الغطاء النباتي، خصوصا أن الأردن ملتزم باتفاقيات ومعاهدات دولية عديدة من شأنها المحافظة على الموارد البيئية.

أضف تعليقك