مزارعو الورد: خسائرنا بالملايين والجمعيات

الرابط المختصر

قطاع غزة - أحمد بركات - مضمون جديد

يشهد قطاع زراعة الورود في غزة تدهوراً كبير بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ ما يزيد عن الأربع سنوات.

الحصار كبّد مزارعي الورود خسائر مالية فادحة بفعل إغلاق المعابر تارةً والتباطؤ المتعمّد من سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تصديره تارةً أخرى.

المزارعون لا يكفّون عن المناشدة لإعانتهم في تحمل جزءاً من الخسائر المالية، كي يتمكنوا من تسديد جزء من ديونهم المتراكمة، بعد الخسائر التي تكبّدها المزارع في الأعوام الماضية جرّاء الإغلاق المتكرر للمعابر التجارية إلى جانب تدنّي الأسعار في الأسواق الأوروبية.

وقال المزارع خالد حجازي "إن الحصار الإسرائيلي تسبب بتكبد المزارع الفلسطيني خسائر فادحة وصلت لمليارات الشواقل، الأمر الذي أدى إلى تراكم الديون المستحقة عليهم للجمعيات الزراعية ولأصحاب محال الأسمدة الزراعية."
خسائر فادحة..
حجازي الذي زرع هذا الموسم 17 دونماً في حين كان يزرع في السابق ما يقارب السبعين، قال " بدلاً من جني الأرباح يتوجب على مزارعي الورد التفكير في كيفية سداد الديون المتراكمة عليهم، مشيراً إلى أن الكثير منهم اضطر لبيع قطع من أرضه والاستدانة ليتمكن من سداد ديونه."

ولفت إلى أن خسائر المزارعين تمثلت في إغلاق المعابر التجارية، وتدني الأسعار في الأسواق الأوربية، وتعمد الاحتلال بتأخير الورود حتى تتفتح وتصل للمستورد دون المواصفات المطلوبة الأمر الذي يدفعهم لرفض استلامها.

وأوضح أن التصدير حالياً يتم إلى هولندا وتباع باسم المزارع الفلسطيني في البورصة عن طريق التجّار الأوروبيين، من خلال شركة "جريسكو" الإسرائيلية، مؤكداً أن عائدات الزهور في العام الحالي لم تكد تغطى مصاريفها، كما أن السوق المحلي في قطاع غزة لا يمكن له تحمل كميات الزهور المنتجة.

وأضاف "طالبنا الحكومة الهولندية بصفتها الراعي لمشروع زراعة الورود منذ عام 2009 المساعدة في تسديد الديون المتراكمة على المزارعين إلا أنها رفضت الأمر، واستكفت بتقديم 43% من تكلفة إنتاج الورد، متسائلاً عن فائدة المساعدات في ظل استمرار إغلاق المعابر التجارية من الجانب الإسرائيلي.

وأوضح حجازي أن الجهات الفلسطينية الرسمية سواء في رام الله أو غزة تتجاهل بشكلٍ متعمد معاناة مزارعي الورود والخسائر الفادحة التي تعرضوا لها، وكانت الملفات ترسل ولا نتلقى أي ردٍ منها.

بدوره قال مجدي عوكل الذي فضّل زراعة ثلاثة دونمات ليضمن صمت الدائنين آملاً أن يكون العام الجاري أفضل من سابقه وقال:"منذ بداية الحصار الإسرائيلي على غزة وزراعة الورود تشهد تدهوراً كبيراً، تعرّض خلالها المزارع لخسائر جسيمة" مشيراً إلى أن الجمعيات الداعمة لزراعة الورد لعبت دوراً في خراب بيوت المزارعين، على حد قوله.

وأوضح عوكل أنه أُجبر على الزراعة لكي لا يتعرض للسجن بعد أن قامت الجمعيات برفع قضايا حقوقية على المزارعين الذين توقفوا عن زراعة الورد لمطالبتهم بالديون المستحقة عليهم، منوهاً أن الجمعية عرضت عليهم خيار السجن أو الزراعة.

وبيّن أن الحرب الأخيرة على غزة أدت إلى تدهور الوضع الزراعي للورود أكثر مما كان في السابق، وأن الاحتلال شدد من إجراءاته في المعابر، سعياً منه لتدمير الاقتصاد الفلسطيني وضياع المنتج الوطني.

وأشار عوكل أنه خسر في السنوات الخمس الأخيرة خمسة ملايين شيقل إسرائيلي، كما جازف بالزراعة لكي يضمن حريته وعدم مطالبته بالسداد لحين حل الأزمة، موضحاً أن الجمعيات تقوم بسلب المساعدات المقدمة لمنتجي الزهور دون أي حقٍ قانوني. حسب قوله

وتابع :"بعد الحرب أُبلغنا بقرب حصولنا على تعويضات مالية بلغت 8000 شيقل للدونم الواحد، ومنتجي الفراولة على 6000 شيقل، حصل عليها مزارعي الفراولة فيما لم يصلنا منها شيء يُذكر"، مطالباً الجهات المسئولة بتحرير المزارع من الديون المتراكمة عليه.
الجمعيات تنفي..
ونفت الجمعيات الاتهامات التي وُجهّت إليها من قِبل بعض المزارعين والتي تمثّلت بتواطئها في خراب بيوتهم، وسلب المساعدات المقدمة لهم، معللةً ذلك أن مزارعي الورود من وجهة نظر المموّل الأجنبي صاحب رأس مال ومصدّر لسلعة فكيف لها أن تقدّم له المساعدة.

وقال جهاد قاسم عضو الجمعية التعاونية الزراعية في بيت حانون والتي كان لها النصيب الأكبر من الاتهامات :"إن خسارة المزارع الفلسطيني جاءت بسبب إغلاق المعابر، والعراقيل التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي على عملية التصدير" مشيراً أنه في السنوات الماضية شهدت الدول الأوروبية تراجعاً في الحركة الشرائية على الورود.

وأوضح قاسم أن الجمعية اضطرت لرفع قضايا حقوقية على المزارعين الذين توقفوا عن زراعة الورود وذلك للاستيفاء بالتزاماتها المالية المستحقة عليها للشركات الإسرائيلية ولمستوردي لوازم الزراعة، موضحاً أن الجمعية تزود المزارع بالأشتال ولوازم التعبئة وبعض الأسمدة الزراعية.

وأشار إلى ضرورة وضع المنتج الزراعي على برنامج الحكومة الفلسطينية، على أن يكون برنامجاً واضحاً، فالزراعة بحسب قوله أساس الإنتاج القومي.

وبين أن غياب الإرشاد الزراعي والتوعية للمزارعين كان السبب الأكبر في خسارتهم، حيث أنه بدل من استيراد بعض الخضار والفاكهة يمكن زراعتها في غزة وبالتالي سد احتياجات القطاع وتعويض خسارة المزارع.

وكانت شركة "جريسكو الإسرائيلية " التي تتولى تصدير الورود والتوت الأرضي من قطاع غزة إلى أوروبا أعلنت مؤخراً إفلاسها لعدم تمكنها من الاستمرار في تصدير المزروعات للسوق الأوروبية، فيما ينظر المزارعون التوقيع مع شركات إسرائيلية أخرى، فيما لا يُخفي المسئولين أن إفلاس جريسكو أخّر مواعيد التصدير.

ويواجه المزارعين والجمعيات الزراعية المشرفة على عملهم القلق الشديد من عدم ضمان تصدير منتوجاتهم هذا الموسم بعد إفلاس الشركة والقيود المتوقع أن تفرضها سلطات الاحتلال على معبر كرم أبو سالم.
السوق الذهبي للاحتلال..
من جانبه أكد المحلل الاقتصادي محسن أبو رمضان أن قطاع إنتاج الورد يتعرض لخسائر قُدّرت بـ200 مليون دولار سنوياً بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة والتعنّت والمماطلة الإسرائيلية في السماح للمزارعين بتصدير مزروعاتهم.

وقال أبو رمضان:"إن التصدير يساعد كثيراً في زيادة الناتج الإجمالي وزيادة قدرات المزارعين، إلا أن الخسائر التي تعرضوا لها أدت إلى تقاعس معظمهم عن الزراعة واستبدالها بمزروعات محلية، الأمر الذي أدى إلى نقص التصدير وضعف الإنتاج".

ويرى أن الهدف من إبقاء غزة تحت الحصار هو إبقاء الاقتصاد في حالة ركود وغير منتج ويعتمد على المساعدات الإنسانية، فالشركات الإسرائيلية تنظر لقطاع غزة على أنه سوق مناسب وذو أهمية للمنتج الإسرائيلي.

ونوّه أبو رمضان أن المسئول عن تعويض المتضررين جرّاء الحصار وخاصة قطاع التصدير هو المجتمع الدولي الذي حسب رأيه هو الذي فرض الحصار على غزة وأن الاحتلال أداة له، كما أن هناك مسئولية دولية تجاه ذلك، مشيراً إلى ضرورة محاسبة إسرائيل على حصارها لغزة.

وأوضح أن قطاع المزارعين بحاجة لجهود محلية متمثلة في المؤسسات الحكومية والدولية والمحلية لتعزيز صمودهم، والعمل على تعويضهم ولو عن جزء بسيط من الخسائر المالية الفادحة التي تعرضوا لها.