عرب 48 - هبة الزعبي - مضمون جديد

في كل عام تتجدد شكاوى الحجاج والمعتمرين من المعاناة التي يواجهونها مع اللجان والشركات الناقلة، وقد خلصت لجنة تقصي الحقائق، التي شكلت للسبب إلى توصيات بوقف عمل هذه اللجان لأسباب تتعلق بعدم المهنية والشفافية، الأمر الذي قد يرقى إلى شبهات فساد.

يقول احد المعتمرين، في رسالة بعث بها الى موقع "رادار" الالكتروني :"إلى متى سنبقى صامتين على المعاملات التي نتلقاها من جمعية الحج والعمرة وعلى رأسهم "أمراء" الحافلات (إلا من رحم ربي) والعاملين في الجمعية والأردنيين والسعوديين؟؟؟ متى سنقوى قلوبنا ونقاطع هذه الشخصيات التي أصبحت تسافر لأداء مناسك الحج والعمرة على حسابنا نحن؟؟؟ متى سنقضي على التذمر والتأفف مما نلاقيه من تعب ومشقة اثناء السفر لاداء مناسك العمرة او الحج؟؟؟؟ والتي تحولت من سفلا للعبادة الى سفر تعب ومشقة وبهدلة.

وأمام هذه الشكاوى المتكررة شكلت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية لجنة لتقصي الحقائق، عملت على مدار سنة كاملة استمعت خلالها إلى مظالم الحجاج والمعتمرين وقامت بفحصها مع الجهات ذات الصلة من لجان وجمعيات الحج والعمرة ووزارة الأوقاف الأردنية.
وشمل عمل لجنة التقصي فحص عمل اللجان خلال السنوات 2008، 2009 و2010.

ويذكر أن اللجنة التي تكونت بعد عدة اجتماعات عقدت مع ممثلي لجان الحج، تكونت من رجل الأعمال نواف العالم، ومراقب الحسابات طارق أبو رعد والمحامي حسن خطيب.

وقد سلمت اللجنة تقريرها إلى لجنة المتابعة، بعد أن أطمئنت إلى أنها :"تعاملت بمهنية تامة وأن النتائج التي حصلت عليها ذات مصداقية ونتاج جهد كبير ومدعومة بكافة المستندات التي تثبتها وهي مكشوفة للجميع"، كما أكد مراقب الحسابات طارق أبو رعد في تقريره المالي المرفوع.

التقرير المالي اشار ايضا الى ان الاستنتاجات والتوصيات التي تم التوصل اليها استندت الى مستندات تم الحصول عليها من اللجان والسلطات الاردنية المختصة ومن عدد من الحجاج والمعتمرين الذين تم الاستماع الى شهاداتهم..

غير ان التقرير المالي اشار الى انه :"في العام 2008 لم نلقى أي تعاون من قبل الجمعيات واللجان ،أخفيت عنا كافة المستندات بحجج مختلفة لا يمكن التأكد منها".

وقد خلص تقرير اللجنة الى استنتاج اساسي تمثل في ان اللجان فشلت في عملية تسجيل الحجاج والمعتمرين،وقد شاب عملها الضبابية، عدم الشفافية، عدم المهنية وعدم معالجة مشاكل الحجاج والمعتمرين، وفرض الامر الواقع عليهم، والزيادة المضطردة في تكاليف الحج والعمرة.

ويشار الى ان هناك ثلاث جمعيات ممثلة بلجنة التنسيق المشتركة للجان الحج والعمرة (التنسيق) والجمعيات هي: الجمعية الموحدة لشؤون الحج والعمرة (الموحدة)، جمعية هيئة السلام للحج والعمرة (الهيئة)، جمعية أمور الحج والعمرة (الأمور).

مبالغ وأرقام بدينار والشاقل لا يعرف مصيرها

وقد القى التقرير بظلال الشك على عمل اللجان عندما استعرض واقع عملها بالأرقام.

اذ فحص التقرير المبالغ التي تلقتها اللجان، بالدينار الاردني والشاق الاسرائيلي، خلال الاعوام قيد التحقيق وخلص الى ان هذه المبالغ لم يعرف مصيرها، اذ يقول تقرير اللجنة بهذا الصدد:" هذه الأرقام هي الحد الأدنى وقد واجهناهم (اللجان) بهذه الأرقام خلال الجلسات وتلقينا ردهم بأن هذه المبالغ صرفت كمصاريف بدون أن يقوموا بتزويدنا بأي مستند يثبت هذه المصاريف".

وبفصل التقرير هذه المبالغ على النحو التالي، مشيرا الى ان لجنة التنسيق ابقت في يدها في العام 2008 مبلغ 529.228 دينار أردني لم يتم تحويلها لوزارة الأوقاف الأردنية ويخص ثلاث جمعيات تابعة لجمعية التنسيق وهذه الأرقام مسجلة بالحد الأدنى وموزعة بين الجمعيات الثلاثة كالتالي، (الموحدة)لم تحول 410.921 دينار أردني وو(الهيئة) لم تحول 114.762 دينار أردني ،(الأمور) لم تحول 3.545 دينار أردني، كل هذه المبالغ لم يتم تحويلها إلى دائرة الأوقاف الأردنية.".

اما في :"عام 2009 فان (الموحدة) لم تحول لدائرة الأوقاف الأردنية 116.328 دينار أردني و(الهيئة) لم تحول 25.980 دينار أردني و(الأمور) لم تحول 3.109 دينار أردني.المجموع الكلي 145.419 دينار أردني.".

وفي :"عام 2010 ،فان (الموحدة) لم تحول 125.855 دينار أردني ، و (الهيئة) لم تحول 30.644 دينار أردني،و (الأمور) لم تحول 5.734 دينار أردني ، المجموع الكلي 162.233 دينار أردني.".

بالإضافة إلى الدنانير الأردنية هناك مدخولات بالشواقل الإسرائيلية حيث جبي منذ عام 2009 مبلغ 20 شاقلا من كل مسجل للحج أو العمرة. وبالحد الأدنى فقد جبي عام 2009، (الموحدة) 321.340 شاقل و(الهيئة) جبت 80.600 شاقل و(الأمور) 8.320 شاقل، المجموع الكلي، 410.260 شاقل".

وعام 2010 كالتالي:(الموحدة) 394.280 شاقل، (الهيئة) 91.920 شاقل، (الأمور) 14.820 شاقل ،المجموع الكلي 501.020 شاقل.".

وزارة الأوقاف الأردنية ترفض التعاون

ويؤكد التقرير أيضا بان هناك مبالغ اخرى في حوزة وزارة الأوقاف الأردنية التي لم تبد تعاونا واضحا في كشف مصيره، مشيرا :" هناك مبالغ لم نستطع تحديدها وهي موجودة ولكننا لم نستطع أن نصل للمبلغ الدقيق بها،عندما طلبناها من وزارة الأوقاف الأردنية ،رفض مدير دائرة الحج والعمرة عبد الإله دحيات أن يعطينا هذه الأرقام بإدعاء أن هذه المستندات داخلية وسرية وتتبع للوزارة".

وأوضح التقرير مثالا على ذلك بأنه:" في كل موسم حج تجبي الأردن مبلغ 20 دينار كرسوم تأمين وتسترد كاملة أو ما تبقى منها عندما لا يحدث أي مكروه للحاج.".

غير ان الجانب الأردني يزعم بأنه أعاد المبالغ المتبقية للجان، إذ ينقل التقرير عن الدحيات قوله، ردا على سؤال بهذا الصدد بأنه:" خلال جلستنا مع عبد الإله دحيات، اكد بأنه في عام 2009 و2010 أرجعت وزارة الأوقاف هذه المبالغ إلى لجنة التنسيق. هناك أمثلة مشابهة مدونة في تقرير اللجنة يمكن الاطلاع عليها".

اللجنة توصي بانها عمل التنسيق وتلقي بظلال شك على نزاهتها

وبناء على ذلك فقد خلص تقرير اللجنة إلى أن لجان الحج والعمرة والجمعيات فشلت في عملها الذي اتسم بالضبابية وعدم الشفافية وعدم المهنية في معالجة المشاكل بل واسهم في زيادة معاناتهم وفرض الامر الواقع عليهم، وحملتهم زيادات مضطرة في تكاليف الحج والعمرة.

كما خلص تقرير اللجنة الى ان اللجان اعتدت على اموال الحجاج والمعتمرين بدون علمهم ، وان الامور المالية لم يتم ضبطها .

وأوصت لجنة تقصي بعد كل ذلك بإعفاء كل الجمعيات الفاعلة في هذا المجال من التعامل بتسفير الحجاج والمعتمرين بما في ذلك لجنة التنسيق واللجان المنبثقه عنها واعفاء جميع العاملين فيها وبشكل خاص رؤوساء، واعضاء، ومحاسبين، وموظفين، ومساندين واداريين محليين من التعامل في موضوع الحجاج والمعتمرين.

كما أوصت اللجنة باقامة جسم قانوني واحد جديد يتسم بالمهنية والكفاءة العالية في سبيل توفير سبل الراحة الجسدية والنفسية والمالية للحجاج والمعتمرين وتوفير الاجواء الروحانية لذلك .

وقد أعلنت لجنة المتابعة العليا خلال المؤتمر الصحفي، تأييدها التقرير على لسان محمد زيدان،

رئيس اللجنة، قائلا:" نحن نتبنى التقرير كاملا مع كل توصياته،ولكننا حتى الآن لايوجد لدينا أي تصور لما يمكن أن نقوم به وسنقوم بالاتصال مع لجان الحج والعمرة وإطلاعهم على التقرير.".

اما فيما يتعلق بموسم الحج القادم فقال زيدان بانه :"سنقوم بهذه الفترة بدراسة معطيات التقرير وسنطلع الجمهور من خلال الاعلام على خطواتنا القادمة وسنحول نسخة منه لوزارة الأوقاف الأردنية وسنكون على اتصال وتواصل معهم من أجل تحديد خطوط للمرحلة القادمة".

وقد قام زيدان، الأربعاء 5-10-2011، بتسليمهم نسخة عن التقرير الى رئيس وأعضاء لجنة التنسيق للجان الحج والعمرة، طالبا منهم الرد في موعد أقصاه نهاية العام الجاري 2011، آخذا بعين الاعتبار انشغال اللجنة بالتحضير لموسم الحج في هذه الفترة.

التنسيق وجمعيات الحج ترد

من جانبها رفضت جمعيات الحج والعمرة معطيات التقرير في بيان وزع صبيحة يوم الخميس 6.10.2011 واحتجت على ما وصفته بتسريب نتائج التقرير إلى وسائل الإعلام قبل أن تطلع عليه، رافضة الاعتراف بشرعية لجنة تقصي الحقائق.

وقد رفض البيان الذي صدر باسم رئيس لجنة التنسيق وأعضائها ما وصفوه بانه تسييس الحج والعمرة، وقال:" إن لجنة تقصي الحقائق التي نحملها المسؤولية القانونية والأخلاقية والشرعية والتاريخية فقدت مصداقيتها وشرعيتها وقانونيتها منذ لحظه خيانتها للأمانة التي حملتها عندما قامت :بتسريب توصياتها إلى الصحافة قبل تسليمها لرئيس لجنة المتابعة.

فقدت مصداقيتها لأنها رفضت رفع المواد التي جمعتها إلى المسؤولين في لجنة التنسيق للتعامل مع ما جمعوه من مواد".

واوضح البيان بان ما ورد في التقرير محض افتراءات معلنين بان :" أيدينا طاهرة وأننا ما زلنا نخدم بأمانة ونطلب من يدعى أن له دينارا أو شيقلا في ذمة لجنة الحج والعمرة أن يأتي ألينا وحقه على رؤوسنا"..

لكن البيان اقر بان :" هناك أمورا ما زالت بحاجه إلى تحسين مع أننا نؤكد ان لجنة التنسيق قفزت قفزه نوعيه في السنوات الأربع الأخيرة من حيث الأداء والتنظيم كما وأننا نشهد أن وزارة الأوقاف الأردنية نعمل معها كفريق واحد وبشفافية ووضوح وبمناقصات علنية ونشارك بفتح العطاءات والمناقصات ونفاوض معهم بعد فتحها ، ونشاركهم في الكشف على المساكن ومتابعة الحجاج والمعتمرين ".

شرعية لجنة التحقيق

ورد نواف العالم رئيس لجنة التحقيق بان لجنته تستمد شرعيتها من :" من لجنة المتابعة العليا، وقد انتهى عمل اللجنة الآن بعد أن سلمت تقريرها للجنة المتابعة العليا" مؤكدا بان اللجنة حرصت على :"إتباع المهنية والمصداقية واستندت في التقرير لمستندات تؤكد المعطيات الواردة".

مقترحا :"على الجميع التعامل مع الحقائق والوقائع التي وردت بتقرير رسمي صادر عن لجنة مهمة استمعت لكل الأطراف، وعليه فإنه يجب التعامل معه من منطلق المعطيات الموجودة به فقط ".