كسور فواتير الفلسطينيين..الفرق دائما لصالح شركات الاتصالات!
قيس أبو سمرة – مضمون جديد
في كل مرة تقف المواطنة هبة نصر مستغربة ومتسائلة بعد دفع فاتورة هاتفها: أين تذهب فروق الكسور العشرية؟!
ودرجت العادة ان تقوم شركات الاتصالات عند استيفاء الفواتير بتقريب الكسور في القيمة المطلوبة الى عدد صحيح سواء نصف شيكل او شيكل اسرائيلي.
فمثلا اذا كانت قيمة الفاتورة 65.6 شيكلا فانه يدفع 66 شيكلا، واذا كانت 65,4 فانه يدفعها 65.
ويساوي الشيكل 26 سنتا اميركيا تقريبا، وهو ينقسم الى 100 وحدة معدنية تسمى الاغورة.
وتلجأ الشركات وكافة المؤسسات التجارية وحتى بعض البنوك الى طريقة تقريب الكسور بسبب اختفاء الاغورة من الاسواق الفلسطينية خلال السنوات الاخيرة رغم انها لا تزال متداولة في اسرائيل.
وكما ترى نصر، فان اسلوب تقريب الكسور يمثل في واقع الامر "سرقة علنية من جيب المواطن الذي يكابد لتأمين احتياجاته اليومية".
ومن جانبه يقول المواطن مناضل عمر "دوما يقرب موظف الصندوق الكسر لصالح الشركة بدلا من وضعه في رصيد المواطن".
أما المواطن كريم طلال فيؤكد انه طالما كان يسال موظف الصندوق عن سبب تقريب الكسور دائما لصالح الشركة، وفي كل مرة يبتسم الاخير دون ان يجيب.
وذات مرة الحت المواطنة سهاد طلال على موظف الصندوق طالبة تفسيرا، فرد قائلا: "الامر ليس بيدي، تحدثي مع المدير".
وعلى صعيده، يتهم المواطن ايراهيم السياني شركات الاتصالات بانها "تسرق اموال الشعب".
ويقول "بحساب بسيط يبين كم هي المبالغ التي تكسبها الشركات من الكسور التي تجبيها لصالحها من المواطن..انها تصل الى الملايين".
واعتبر ان "الحملات الدعائية والجوائز التي تقدم على انها كرم من الشركات هي من جيوب المواطنين الذين يدفعون الكسور العشرية للشركات بدون وجه حق".
نسبة وتناسب!
وردا على انتقادات المواطنين، قال مدير العلاقات العامة والإعلام في شركة الاتصالات الفلسطينية احمد السرغلي ل،"مضمون جديد" ان هناك "نسبة وتناسبا في عملية تقريب الكسور، فمرة تكون لصالح المواطن ومرة لصالح الشركة".
واضاف ان موظفي الصندوق دوما يتحدثون عن تقريبهم لنصف الشيكل وتكون في غالبها لصالح المواطن.
واكد إن الشركة هي وطنية وهمها الأول خدمة المواطن وتقديم الخدمة بشكل مريح وبسعر يناسب المواطنين.
وقد علق رئيس جمعية حماية المستهلك في الضفة الغربية صلاح هنية على تصريحات السرغلي قائلا "هذا الحديث سمعناه تكرارا من الشركة ومن الوزارة الا أننا لم نلمسه على ارض الواقع فالمواطن لم يلمس يوما انه تم إعفاؤه من كسور عشرية في فاتورته".
ذات الامر اكدته المواطنة نجلاء عزيز التي قالت أنها من اليوم الأول لاشتراكها وهي تدفع الكسور لصالح الشركة.
وطالبت عزيز الشركات إلى إرجاع هذه الأموال للمواطن أو احتسابها في رصيده كونها حق له وليس منة من الشركة.
وكما يؤكد هنية لـ"مضمون جديد"، فقد خاطبت جمعية حماية المستهلك وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات صاحبة الاختصاص في مجال الاتصالات عدة مرات بهذا الشأن، ولكن بلا جدوى.
وقال هنية المبالغ المستوفاة من المواطنين "طائلة وتصل لأرقام قياسية وتجنى بطريقة غير مفهومة".
واضاف "طالبنا الشركة باحتساب الكسور في رصيد المواطن، أي ان يدفع مرة زيادة ومرة يحتسب له ما دفعه سابقا ويخصم الكترونيا من الفاتورة، ولكن دون جدوى".
وارجع هنية الإشكالية إلى عدم وجود فئة الاغورة في الأسواق الفلسطينية.
وقال ان جمعية حماية المستهلك طالبت سلطة النقد الفلسطينية باعادة التعامل بالاغورة التي ما تزال متداولة حتى اليوم في إسرائيل.
واعتبر ان التعامل بالاغورة "يحفظ للمواطن حقه وللشركة أيضا وهذا ينطبق على الكثير من نواحي الحياة اليومية".
اين الاغورة؟
يعلق احد المواطنين في صفحة على الفيسبوك انشئت في اطار الحملات التي تشهدها الضفة الغربية من اجل اعادة التعامل بالاغورة قائلا: "كنا تشتري مصاصة باغورة هالحين مصاصة بنص مشان الله رجعوا الاغورة"
فمن المسؤول عن إلغاء الأغورة ولماذا الغيت؟
كما يرى خبراء فلسطينيون، فان الغاء هذه الفئة النقدية حصل كنتاج لعرف مالي بين المواطنين وليس بقرار رسمي.
ومن هؤلاء شاكر صرصور، الباحث في دائرة الأبحاث والسياسات النقدية في سلطة النقد، والذي اكد في تصريحات صحفية ان السلطة لم تقم بالغاء او فرض أية عملة.
وقال صرصور ان سلطة النقد "لم تلغ الأغورة، وإنما العرف المالي للمواطنين هو الذي ألغاها، لعدم إيمان المواطن بجدواها ماليا”.
واضاف "ومع هذا، لا يوجد إثبات اقتصادي إذا كان عدم استخدام الأغورة قد أثر على الاقتصاد الوطني سلبا أو إيجابا”.
وكشف صرصور عن وجود توجه لدى سلطة النقد من اجل "تحفيز المواطنين على استعمال الأغورة، حيث لا يوجد قانون مالي يمنع المواطنين أو المؤسسات من استعمالها”.
ومن جانبه، اعتبر مفيد ظاهر استاذ العلوم المصرفية في جامعة النجاح أن إعادة تداول الأغورة لن يكون له تأثير على الاقتصاد، لأنها لم تعد لها قيمة وإعادتها لن تؤثر في التعاملات المالية.
وقال في تصريحات صحفية أن قيمة صك النقود والقطع المعدنية من الأغورات أعلى من قيمة تجميعها في الأسواق، مؤكدا ان المواطنين لن يستفيدوا من عودتها نهائياً.
وعلى النقيض، فقد اكد خبراء اخرون ان أطرافا عدة ستستفيد من إعادة الأغورات إلى السوق المحلي، وأن مزايا وجودها أكثر من سلبياتها.
ومن هؤلاء، المسؤول في وزارة الاقتصاد عصام حرز الله الذي شدد على أن إلغاء الأغورة اضر بمصلحة المستهلك، ودعا أي مواطن تطالبه أي شركة بدفع الاغورات كرقم صحيح، أن يتوجه إلى الوزارة لتقديم شكوى.
اثر ملموس
ومن جانبه ايضا، يؤكد بسام زكارنه رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية، ان هناك اثرا سلبيا ملموسا لغياب الاغورة على المستهلكين وعلى الاقتصاد عموما.
وقال زكارنه إن دراسات اقتصادية أثبتت أن عدم التعامل بالاغورة يزيد الأسعار بنسبة لا تقل عن سبعة بالمائة.
وضرب مثالا قائلا انه إذا كان سعر كيلو الخبز 1.7 شيكل، فان التاجر يستوفي من المستهلك شيكلين.
وقال ان الامر ذاته ينسحب على فواتير الكهرباء والماء "فإذا كانت قيمة الفاتورة 65.6 شيكلا فان المواطن يدفع 66 شيكلا".
وطالب زكارنه سلطة النقد بالتعميم على البنوك بضرورة إعادة التعامل بالاغورة لما لها من تأثير ملموس على الاقتصاد الفلسطيني وعلى جيوب المواطنين على حد تعبيره.
ودعا المواطنين ايضا إلى مساندة المطالب باعادة الاغورة لما لذلك من تأثير على اوضاعهم الاقتصادية، مبينا أن "دولة الاحتلال تستعمل الاغورة في كل حساباتها وكذلك كل الدول التي تستخدم السنت والقرش وغيره يتم تداولها بشكل الزامي".
وكما يؤكد المواطن زياد مشاقي فان "الاغورة حق يجب على سلطة النقد الفلسطينية إن تعمل لعودتها للسوق الفلسطيني".
وبين موقف الجمعيات والوزارات المختصة وشركات الاتصالات يبقى المواطن الضحية الأولى لغياب الاغورة والية تقريب الكسور، بانتظار تدخل رسمي يحميه ويضع مصلحته قبل مصالح الشركات.
إستمع الآن