عمان – ايهاب مجاهد - مضمون جديد
طوى أهالي قريتي حيان في محافظة المفرق خلافهم "البيئي" مع مصنع اسمنت الراجحي بعد أن تعهدت إدارة المصنع بتشغيل عدد من أبناء المنطقة بعقود في وظائف الأمن والحماية.
وقال الأهالي إنهم تلقوا وعودا من المصنع بدعم مشاريع إنتاجية وخدمية في المنطقة في إطار المسؤولية الاجتماعية.
ولم تعد الخلافات البيئة بين المصنع والأهالي مشكلة للأهالي استنادا إلى الاتفاق، الذين سبق وساندتهم نقابة الجيولوجيين بمطالبهم البيئة. وذكرت مصادر الأهالي أنه تم الاتفاق على أن يتوقف المصنع عن استخدام الفحم الحجري مع بداية العام المقبل.
ولكن نقابة الجيولوجيين التي تبنت شكوى الأهالي "البيئية" قالت إن "هناك تضاربا في موضوع الاتفاق الذي تم التوصل إليه".
وكان أهالي قريتي حيان الرويبض الشرقي وحيان الرويبض الغربي ناشدوا رئيس الوزراء في كتاب بعثوه له في حزيران (يونيو) الماضي إلزام مصنع الراحجي بوقف استخدام الفحم الحجري بدل الوقود الخفيف أو الغاز في تشغيل أفران الاسمنت.
ووقع على المذكرة عشرات المواطنين في المنطقة. ونقلت المذكرة معلومات قانونية تؤكد أن استخدام الفحم الحجري حُرّم دولياً بموجب المواثيق والاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بشؤون البيئة ومن ضمنها "اتفاقية كيوتو" التي دخلت حيز التنفيذ العام 2005 والتي تم انتخاب الأردن عضواً في لجنة الامتثال لهذه الاتفاقية مندوبا وممثلاً عن قارة آسيا.
وجاء منع وتحريم استخدام الفحم الحجري لأضراره الخطيرة ولتي تؤدي إلى سرطانات الدم والجهاز التنفسي وأمراض التحسس الجلدي والتنفسي وتهيج العينين والأنف وتقرحات في الأذن الوسطى وأمراض العقم وعدم الإنجاب وأمراض تشوه الأجنة واختلالات في الدماغ وأمراض تخثر الدم والتهابات رئوية وأمراض كثيرة وعديدة، فضلا عن تلوث الهواء المستنشق ومياه الشرب ومياه الاستخدام اليومي.
وأعرب الأهالي في حينه عن خشيتهم من انتشار طبقة سوداء من الغبار والفحم الحجري التي تحتوي على عناصر كيميائية خطيرة تحمل إشعاعات كيميائية واندفاعات موجية وعناصر مختلطة، ما يسبب إنتاج مركبات خطيرة جدا على حياة البشر والحيوانات، فضلا عن خطورتها على التربة الزراعية، حيث يعتمد معظم سكان تلك القرى على الزراعة وتربية المواشي في حياتهم اليومية.
وعارض الأهالي في مذكرتهم فكرة الربحية التي ستحققها المشاريع الاستثمارية مقابل المحافظة على البيئة بشكل عام وصحة الإنسان بشكل خاص.
وقالت المذكرة إن من أبرز متطلبات الموافقة على الاستثمارات الأجنبية في مختلف دول العالم هي مراعاة الشروط البيئية مهما كانت صارمة، إضافة إلى مساهمة هذه الاستثمارات في تنمية المجتمعات المحلية وعلى المستويين الاقتصادي والاجتماعي ضمن حدود المناطق الحاضنة لهذه الاستثمارات.
فيما أكدت نقابة الجيولوجيين التي تبنت شكوى الأهالي "البيئية" إنها ليست على اطلاع على الاتفاق الذي تم التوصل إليه، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن هناك تضاربا في موضوع الاتفاق الذي تم التوصل إليه.
مصادر الأهالي أكدت أنه تم الاتفاق على أن يتوقف المصنع عن استخدام الفحم الحجري مع بداية العام المقبل، فيما نفت مصادر المصنع وجود مثل هكذا اتفاق، مشيرة إلى أن الاتفاق ينص على أن يقوم المصنع بنقل كميات الفحم الحجري إلى مستودعات خاصة.
وسبق أن قامت نقابة الجيولوجيين بناء على طالب أهالي القرى المحيطة بالمصنع بتشكيل لجنة برئاسة نقيب الجيولوجيين بهجت العدوان لدراسة الشكوى بحق المصنع.
وتحدث أهالي المنطقة للنقابة عن معاناتهم من استخدام المصنع لمادة الفحم الحجري كوقود بدلاً من النفط أو الغاز، ما يؤدي إلى الأضرار بصحتهم وبالأراضي المحيطة بالمصنع.
ونقل نقيب الجيولوجيين بهجت العدوان الفتوى العلمية للجنة التي شكلتها النقابة للوقوف على الشكوى، وقالت إنه تبين عدم وجود أي أضرار بيئية على أهالي المنطقة كونها تبعد عن المصنع حوالي 6 كيلو متر وغرب الموقع أي بعكس اتجاه الرياح، ولكن اللجنة عادت وأكدت أن غبار الكلنكر يتواجد حول المصنع ويضر بالمزروعات المحيطة.
وتطلق فوهات المداخن العملاقة لمصانع الإسمنت غبار الكلنكر وغبار الإسمنت والدخان وأكاسيد الكربون والكبريتيك والنيتروجين والهيدروجين والرصاص وغيرها من الغازات وهي المُكون الرئيسي لتلوث البيئة حيث يعلق رذاذ هذه الأكاسيد بالغبار.
وتعتبر صناعة الإسمنت من الصناعات الملوثة للبيئة بشكل خطير وتتسبب بمشاكل صحية للعاملين فيها وللسكان المحيطيين والمجاورين بالمصنع نتيجة لغبار الإسمنت والكلنكر ورذاذ الغازات المنبعثة عن هذه الصناعة الناتجة عن تحميص الكلنكر حيث تنبعث غازات سامة جزيئاتها تعلق بغبارالكلنكر عند خروجه من فوهة المصنع وانتشاره في المناطق المجاورة له.
وتقول بعض الدراسات إن طحن ألفي طن من الكلنكر ينتج عنها من 40-50 طن أتربة، علما أن النسبة المسموح بها عالميا هي 15-25 ملغرام بالمتر المكعب، فإذا كان الغبار أقل من 10 ميكرون يكون خطره كبيراً لأنه قابل للاستنشاق بسهولة، وإذا كان الغبار أقل من 3 ميكرون فإنه يتسبب بإضرار صحية بالغة للإنسان لإنه والحالة هذه يكون قادرا على اختراق الدفاعات التنفسية للإنسان والحيوان.
أما أهم الأمراض التي تتسبب فيها صناعة الإسمنت، للعاملين فيها بشكل خاص وعلى صحة الإنسان المجاور بشكل عام، فهي أمراض الرئة بشكل عام وتغيرات فسيولوجية في جسم الإنسان، وخمول القدرة على التفكير، كما تسبب الصرع والضعف العام وتتسبب بآلام تشنجية بالمعدة، ولها تأثير بعيد المدى على الدماغ وأمراض الكلى، والتأثير على النبات والإنسان والحيوان، كما أن الأسمنت شديد التحرش بالأغشية المخاطية والقصبات الهوائية، والتراكيز المرتفعة منه تسبب الاختناق والتسبب في حرمان الجسم من الأكسجين عند اتحاده مع هيموجلوبين الدم، كما تؤثر على صحة الأطفال من 1- 3 سنوات بشكل خاص كونها من الأكاسيد الملوثة.
المدير التنفيذي للاتصال بالمجتمع المحلي والبيئة في مصنع إسمنت الراجحي الدكتور برهم مضاعين يؤكد أن الاتفاق تضمن أن يقوم المصنع بإنشاء صندوق لدعم الطالب المجتهد في المنطقة وتقديم مساعدات لطلبة المدارس ودعم مشاريع إنتاجية تساعد في تشغيل الأهالي، مثل مكبس للكندرين يساعد في رصف الطرق ومشغل للخياطة تستفيد منه سيدات المنطقة.
وأشار إلى أن هناك برنامج دعم سنوي خصص لدعم وتنمية المجتمع المحلي، وأن الشركة بصدد إعادة تأهيل المقالع القديمة في المنطقة والتي تم هجرها من دون إعادة تأهيلها كونها كانت تستغل من دون ترخيص.
وبين المضاعين أن إدارة الشركة اتفقت مع لجنة من أبناء المجتمع المحلي في منطقة الحيانات على تقديم دعم منهجي وبناء للمناطق المجاورة لنشاطات المصنع، إذ أكد أبناء المجتمع المحلي على ضرورة أن تكون البرامج تنموية وإنسانية بعيدة عن الطابع الاستهلاكي.
وأكد أن متطلبات المجتمع المحلي بالمفرق بعيدة كل البعد عن المصالح الشخصية وأنها مطالب عامة تجعل من المصنع ومؤسسات المجتمع المحلي شركاء إلى أمد طويل.
كما أكد مضاعين على نية إدارة الشركة مساعدة الطلبة المتفوقين بالمنطقة ودعم المدارس باللباس والحقائب، وكذلك تقديم الإسمنت لاحتياجات المنطقة المجاورة، إضافة إلى فتح وظائف مباشرة وغير مباشرة بالمصنع لأبناء المجتمع المحلي، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن عدد العاملين في المصنع 150 موظفا من محافظة المفرق حسبما أفادت إدارة الشركة.
وأشار إلى أن الشركة أبرمت اتفاقية مع سلطة المصادر الطبيعية لإعادة تأهيل محاجر منطقة الحيانات المهجورة، وفي هذا الشأن تترك الباب مفتوحا للجهات المهتمة والمختصة للوقوف أو المشاركة بهذه الخطة التي ستخلص المنطقة من المكرهة البيئية الناجمة عن التحجير الجائر والعشوائي بالمنطقة.
واستنادا إلى هذا الاتفاق، قال نقيب الجيولوجيين إن النقابة مستعدة للإشراف على خطة التأهيل من أجل إعادة المنطقة إلى طبيعتها قبل العبث بها، وتعهد بتقديم الدعم المعلوماتي والإداري والفني لهذا المشروع.