شركات سياحية تضلل الاردنيين وتبيعهم الوهم!
عمان - مضمون جديد - طارق الدعجة
عندما وصل عبدالله محمود الى الفندق في منتجع شرم الشيخ المصري، فوجئ بانه كان من فئة ثلاثة نجوم وليس خمسة كما ينص عرض شركة السياحة التي سافر معها في عمان.
وايضا تبين له ان كافة تفاصيل البرنامج الذي اعلنت عنه الشركة في هذا العرض كانت وهمية ومغايرة تماما للواقع.
وعبثا حاول عبدالله والمجموعة التي سافرت معه في هذه الرحلة السياحية الاحتجاج لدى منسق الشركة، والذي انكر بداية ان وجود اختلاف بين البرنامج المعلن والحقيقة على الارض.
ولما وجد المنسق ان الانكار لم ينطل على عبدالله وزملائه في الرحلة، راح يسوق تبريرات غير منطقية فهم الجميع معها انهم وقعوا في المصيدة وان عليهم القبول بما هو موجود.
ويشكل عبدالله نموذجا لمئات المواطنين الذين يتعرضون سنويا لصنوف من الاحتيال تمارسها بعض شركات السياحة والسفر عبر اعلانات مبهمة تتيح لها التلاعب ببرامج الرحلات دون ان تلحقها اية تبعات قانونية.
ويبلغ عدد المكاتب والشركات الفعالة للسياحة الوافدة والصادرة (الداخلية والخارجية) في الاردن 470، نحو 370 منها تتعامل مع السياحة الصادرة، وذلك بحسب بيانات جمعية وكلاء السياحة والسفر.
وكما يرى عبدالله الذي يعمل موظفا في القطاع الخاص، فان الجهات الحكومية تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية عما يتعرض له المواطنون من "غش وخداع" بسبب عدم تشديدها الرقابة على المكاتب والشركات السياحية التي تعلن عن عروض مضللة للمواطنين.
وفي الوقت الذي تتلاعب فيه بعض الشركات بصياغات الاعلانات لاصطياد الزبائن، الا ان هناك شركات لا تكلف نفسها عناء مثل هذا التلاعب، وتمارس الخداع المكشوف دون خشية من التبعات.
وتتكئ تلك الشركات في مثل هذه اللامبالاة على البيروقراطية التي تجعل المواطنين ينفرون من تقديم الشكاوى الى الجهات المسؤولة، اضافة الى صعوبة اثبات حقوقهم في حال التقدم بمثل هذه الشكاوى.
ولعل هذه العقبات هي ما يجعل المواطنين يفضلون اللجوء الى وسائل الاعلام التي تحفل بعشرات الشكاوى من مواطنين حول تعرضهم للاحتيال او الغبن من قبل بعض شركات السياحة والسفر.
احتيال سلفا!!
وان كانت قصة عبدالله تتحدث عن وقائع حصلت خلال الرحلة، فان هناك قصصا اخرى لمواطنين يؤكدون فيها تعرضهم للتضليل والاحتيال حتى قبل انطلاق الرحلات السياحية المزعومة.
ومن هؤلاء، علا عدنان التي تروي قصتها قائلة انها قررت التوجه في رحلة سياحية الى تركيا، وخلال بحثها عن عروض قرأت اعلانا لاحد مكاتب السياحة يتحدث عن برنامج رحلة الى هذا البلد بأسعار مخفضة وبرنامج مميز يشتمل على المبيت في فندق من فئة خمسة نجوم.
وفي المحصلة، قررت علا الحجز في هذه الرحلة ودفعت ثمنها مقدما، وهو ثمن تبين انه كان اكبر من المعلن، حيث ان المكتب فاجأها بان السعر المذكور في الاعلان لم يكن شاملا الضرائب.
ورغم شعورها بالغبن، الا انها دفعت المبلغ الاضافي وكل همها ان تعيش هذه الرحلة التي طالما حلمت بها.
وفي اليوم التالي للحجز، توجهت علا الى مكتب السياحة للتأكد من بعض الامور المتعلقة بالرحلة، وبعد الاستفسار اكتشفت ان الفندق الذي ستقيم فيه هو من فئة ثلاثة نجوم وليس خمسة، كما وجدت اختلافات اخرى عن البرنامج المعلن.
وعندما قررت الغاء الرحلة، حذرها موظف المكتب من ان ذلك سيعني خسارتها لنقودها!.
وتقول علا انها الان في صدد رفع دعوى قضائية على المكتب السياحي من اجل استرجاع نقودها على الاقل.
وهي اذذاك تناشد الجهات الحكومية ضرورة مراقبة المكاتب السياحية التي تعلن عن عروض مضللة حماية للمواطنين وحتى لا يقعوا ضحايا لعروضها الوهمية والمضللة.
اجراءات قانونية
وبحسب ما يؤكده امين عام وزارة السياحة والاثار عيسى قموه فان القانون "يمنع قيام أي مكتب سياحي بالاعلان عن رحلات سياحية عبر وسائل الاعلام المختلفة إلا بعد اخذ موافقة رسمية من قبل الوزارة".
وكما يوضح قموه، فان "هناك اسسا واضحة لدى الوزارة في ما يتعلق بالمكاتب السياحية التي تعلن عن عروض السياحة سواء اكانت العروض داخل الاردن او خارجه، حيث يجب ان تتضمن تلك العروض تفاصيل الرحلة كاملة من حيث الاسعار ومكان ومدة الاقامة بشكل واضح للمواطنين".
وبين قموه ان المادة (12) من نظام مكاتب السياحة والسفر تلزم المكتب السياحي الذي ينظم رحلات للخارج بذكر كافة التفاصيل بما فيها الاسعار والحصول على موافقة الوزارة قبل نشر الاعلان في الصحف المحلية.
ويشير قموه الى ان هناك اجراءات قانونية تصل الى اغلاق المكتب السياحي وشطب رخصته بعد التنبه والانذار في حال اعلانه عن عروض مضللة للمواطنين.
ودعا المسؤول في وزارة السياحة المواطنين الذين يشعرون بانهم وقعوا ضحية عروض وهمية من قبل مكاتب سياحة الى الاسراع في ابلاغ الوزارة لاتخاذ الاجراءات القانونية بحقها.
ويتراوح معدل عدد شكاوى المواطنين من العروض السياحية المضللة خلال الموسم السياحي ما بين 15 و20 شكوى شهريا، بحسب قموه الذي اكد ان نتيجة معظم الشكاوى تكون لصالح المشتكي.
وحول الالية التي يتم من خلالها التعامل مع شكاوى المواطنين بخصوص مكاتب السياحة، يوضح قموة ان هناك لجنة للشكاوى تابعة للوزارة تسعى في بادئ الامر الى تسوية الخلاف بالطرق الودية بين المواطنين والمكاتب، وفي حال تعذر ذلك فان اللجنة تتخذ الاجراءات القانونية بخصوص الشكوى خلال مدة لا تتجاوز اليوم الواحد.
غير مرخصة
وعلى صعيده، يؤكد نائب رئيس جمعية وكلاء السياحة والسفر امجد مسلماني إن هنالك مكاتب غير مرخصة هي من تقوم بالترويج عبر وسائل الاعلام المختلفة لعروض سياحية مضللة للمواطنين.
ويبين مسلماني أن جمعيته التي تتولى المسؤولية عن تنظيم ومراقبة عمل مكاتب السياحة والسفر، قامت اخيرا بتشكيل لجنة بالتعاون مع وزارة السياحة والشرطة السياحية لمراقبة العروض التي تجريها المكاتب للتأكد من مصداقيتها اضافة الى التحقق من ان تلك المكاتب مرخص لها بإجراء مثل هذه العروض سواء اكان ذلك داخل او خارج المملكة.
ويؤكد مسلماني ان اي جميع العروض التي تجريها المكاتب يجب ان تمر على جمعية وكلاء السياحة والسفر ووزارة السياحة للمصادقة عليها قبل نشرها والترويج لها في وسائل الاعلام.
ويضيف ان لدى الجمعية لجنة مختصة مهمتها التحقق من شكاوى المواطنين ضد المكاتب السياحية والعمل على حلها في أسرع وقت.
ويكشف عن ان الجمعية بصدد اصدار شعار ستزود به المكاتب المنضوية فيها، ويبين انها مرخصة ويحق لها اجراء عروض سياحية، وذلك منعا للخلط بينها وبين غير المرخصة المشكوك في مصداقية عروضها، ولحماية المواطنين من الوقوع في مصائد العروض المضللة.
ويشدد مسلماني على ان المكاتب السياحية حريصة على مصداقية العروض التي تجريها على الرحلات للحفاظ على قاعدة الزبائن التي تتعامل معها، مؤكدا ان اي مكتب يقوم بالاعلان عن عروض مضللة سوف يخرج من السوق كونه لن يجد من يتعامل معه من المواطنين.
رقابة مطلوبة
من جانبها طالبت الجمعية الوطنية لحماية المستهلك الجهات المعنية بتكثيف رقابتها على عروض مكاتب السياحة، واصفة العروض المضللة بانها تشكل انتهاكا لحقوق المواطنين.
وقال رئيس الجمعية محمد عبيدات ان على الجهات المختصة ممثلة بوزارة السياحة والاثار تكثيف الرقابة على المكاتب السياحية التي تعلن عن عروض سياحة، ومتابعة جميع العروض التي تنشرها تلك المكاتب عبر وسائل الاعلام المختلفة.
واضاف ان اعلان اي شركة سياحية عن عروض وهمية ومضللة للمواطنين يعتبر انتهاكا لأبسط حقوق المواطنين في الحصول على عروض تتمتع بمصداقية عالية.
واكد عبيدات رفض الجمعية لأية ممارسات غش وخداع قد تمارسها المكاتب السياحية، مطالبا في الوقت نفسه تلك المكاتب بالتعامل مع المواطنين بمصداقية عالية في العروض السياحية التي تعلن عنها.
كما دعا المواطنين الى مخاطبة الجمعية في حال تعرضهم لممارسات غش من قبل اي مكتب سياحي وذلك من اجل ايصال الشكاوى الى الجهات الرسمية ومتابعتها.