ربات منازل يهربن من الغلاء بشراء سلع تنظيف رخيصة

عمّان - محمد ابو عريضة - أعد هذا التقرير لصالح مشروع مضمون جديد

في الظروف المعيشية الصعبة المرافقة دوما للأزمات الاقتصادية, يشرد الفقراء من لسعة حرارة الاسعار إلى خيارات تجتهد فيها الاسواق لتوفير السلع والخدمات باسعار اقل بغض النظر عن الجودة. ولكن تكمن الخطورة في هذه الخيارات انها مسارب هروب تحتوي على الغام لا تقل خطورة عما شرد المواطنون منه.

من بين هذه المسارب الطريقة التي عالجت فيها ربات اليوم ارتفاع أسعار المنظفات والمعقمات التي انتشرت خلال السنوات القليلة الماضية كظاهرة عبر بيع مواد التنظيف والتعقيم بالكيلو سائب, خاصة في مناطق عمان الشرقية, إضافة الى محافظات والوية المملكة.

الطريقة التي يتم فيها بيع هذه السلع المقلدة هي في مركبات نصف نقل فانات وبكبات يضعها البائعون في براميل متوسطة الحجم يملأونها بمواد التنظيف والتعقيم كسائل الجلي, والصابون السائل والشامبو ومبيض الغسيل, ومنظف الحمامات والمعقمات وجل الارضيات, اضافة الى اكياس كبيرة شوالات فيها مسحوق غسيل واحيانا يحملون هذا المسحوق بعد تغليفه ببلاستيكات صغيرة من ذوات الكيلو غرام الواحد وغير ذلك.

مع أن ربات البيوت من الاسر الفقيرة يفضلن الشراء من المركبات المتنقلة الا ان بعض الاسر اعتادت على الشراء من محلات خاصة بالمنظفات المنتشرة في الاحياء الفقيرة بذريعة ان هذه المحلات مرخصة ولا تبيع سوى بضائع مضمونة الجودة.

وفي حالات نادرة خاصة لدى الاسر التي تمتلك سيارات تجد رب البيت يحمل معه في صندوق السيارة عبوات بلاستيكية فارغة مثل عبوات المياه الغازية ذاهبا بها الى المعمل منتج مواد التنظيات والتعقيم ليشتري احتياجاته من المصدر مباشرة وبالكيلو, وذلك لقناعته ان الشراء من هذه المعامل يقيهم مضار المواد ذات الجودة السيئة ويوفر عليهم بعض القروش.

د. عمر ابو لبن

بسبب غياب الوعي لدى المستهلكين فإنهم يستهلكون سلعا يدفعون ثمنها من دون معرفة انها قد تضر بصحتهم بهذه الكلمات بدأ اخصائي الامراض الجلدية د. عمر ابو لبن حديثه الذي اكد فيه ان مواد التنظيفات السائلة منها والمساحيق والمعقمات تتكون من مواد كيماوية تشكل خطرا على الانسان اذا لم يتم استخدامها بالشكل الصحيح, او اذا لم يتم تصنيفها وفقا للمواصفات القياسية المتبعة.

د. ابو لبن كطبيب امراض جلدية يتعامل - كما يقول - بشكل يومي مع حالات مرضية تأتي اليه في عيادته لعلاج اعراض تسببت بها هذه المواد. ولعل اكثرها شيوعا هذه الايام تلك المرتبطة باستخدام سيدات البيوت لسائل الجلي اكثر المواد استخداما.

يقول ابو لبن إن العامل الحاسم في انتشار المرض هو في مدة الاستخدام, فكلما زادت المدة - حتى وإن كان سائل الجلي ذو جودة عالية- زادت معها مخاطر تعرض السيدة للامراض
وغالبا من تكون بداية الاعراض عبارة عن تحسس جلدي يتحول مع الوقت الى مرض جليد ومع ان استخدام القفازات يقلل من مخاطر هذه الامراض الا ان هذه القفازات لا تكفي وحدها لحماية الجلد من المواد الكيماوية الطائرة, بما بات يعرف بحساسية ربات البيوت. يقول د. ابو لبن: غالبا ما لا تنجو اي سيدة من هذه الحساسية, وإن كانت بدرجات متفاوتة.

معادلة تركيز المادة الفعالة في مواد التنظيف والمعقمات ومساحيق الغسيل وصحة المستهلكين معادلة معقدة, ووجود المادة الفعالة بالتركيز المطلوب امر ضروري لتقوم هذه المواد بدورها المطلوب على اكمل وجه. لكن هذا لا يعني بالضرورة ان الالتزام بهذه القاعدة سيعني عدم اصابة المستهلكين باضرار صحية. فكل شيء في السياق يعتمد على نوعية الجلد, وعلى مدة الاستخدام لذا فان الطبيب ابو لبن ينصح السيدات ان لا يتجاوزن مدة الاستخدام في كل مرة 15 دقيقة.

وبشكل عام فان العامل الحاسم في سلامة مواد التنظيف والتعقيم - بحسب صاحب مصنع منظفات م. محمود العمد هو معادل ال¯ PH  اي المقياس الكيماوي الذي تصبح المادة بموجبه حامضية أو قلوية.
يقول ان زادت ال¯ PH  المادة الحامضية تتسبب في اصابة جلد الانسان بالحرق وما دون ذلك من التسبب بالحساسية أو تحرش الجلد

أمراض جلدية
الشامبو السيئ التصنيع حسب اخصائي الامراض الجلدية يتسبب باصابة الجلد بحروق ولاحقا بمرض الاكزيما وبالتحسس الحاد الذي ينتج عنه فقاعات مائية في الجلد قابلة للالتهاب البكتيري أو الفيروس. كما ان الشامبو غير الملتزم بالمواصفات القياسية الاردنية أو دخلت فيه مواد مشكوك في امرها ستتسبب في تساقط الشعر.

ومع ان الامراض التي تسببها مواد التنظيف والتعقيم حسب د. ابو لبن تأتي من استخدام الجلي والصابون السائل والشامبو الا ان هذا لا يعني عدم تأثير المواد الاخرى على صحة الانسان ان تم استخدامها بشكل غير صحي.
د. ابو لبن يضرب مثلا على ذلك, فيقول إن خلط مادة الكلور المبيضة للملابس مع مادة الفلاش المنظفة للحمامات تتسبب في انبعاث غاز قاتل, سبق وتسبب في مقتل عدد من المواطنين.

ومع ان عددا من التقارير الطبية اشارت ان التعامل مع المواد الكيماوية من دون وسائل وقائية علمية مثل الكمامات الطبية والقفازات من شأنه اصابة مستخدميه بامراض عادية مثل الامراض الجلدية او الصدرية او الجيوب الانفية. لكن قد تبدأ مثل هذه الامراض بسيطة وتنتهي بما لا يمكن السيطرة عليها, وهنا تظهر مخاطر العاملين في مصانع مثل هذه المواد, التي يتهددهم امراض السرطانات.

الا ان جهات علمية اخرى لم تؤكد صحة ما جاء في هذه التقارير لذلك فان الجدل حسب ابو لبن في امر تسبب مواد التنظيف بالاصابة بالسرطان لا زال قائما.

مواد مقلدة

المهندس العمد وغيره ممن التقاهم مضمون جديد من اصحاب معامل التنظيفات ومن العاملين يؤكدون ان صناعة المنظفات والمعقمات يمكن تقليدها بسهولة لاسباب موضوعية فهي صناعة تحويلية لا يتطلب تقليدها سوى المام بسيط ويكفي لعامل عمل في مصنع منظفات عاما ان يقوم بانشاء مشغل خاص له .. وهنا تكمن الخطورة.

يقول المهندس العمد: الامر لا يحتاج سوى الى مواد اولية يمكن شراؤها من السوق وعبوات كبيرة لعملية الخلط, ومكان مزوي بعيد عن الاعين لانتاج مواد التنظيف والتعقيم, من دون ترخيص.

وغالبا ما يلجأ المنتجون غير المرخصون الى اطفال صغار يستأجرونهم لتجميع العبوات الفارغة التي سبق استخدامها صاحبة العلامات التجارية المشهورة من اجل تقليدها, ومن ثم ليبيعونها مجددا على انها بالفعل منتج مرخص لبقالات صغيرة فيما يعتقد المستهلك انه تمكن من الحصول على سلعة رخيصة السعر من هذه البقالة من دون ان يخطر على باله انها مقلدة.

بل ان البعض يقوم بطباعة ملصقات المنتجات المرخصة على عبواتهم ومنتوجاتهم المقلدة ويبيعونها بعد تعبئتها بالمواد المقلدة على انها اصلية وباسعار تقل عن اسعار المنتج الاصلي.

اجهزة الرقابة

وتنفذ مؤسسة المواصفات والمقاييس جولات دورية بشكل منتظم وأخرى مفاجئة, مشيرا أن المؤسسة نفذت 70 جولة تفتيشية شملت 200 مصنع.

المواصفات والمقاييس

وقال مدير مؤسسة المواصفات والمقاييس ياسين الخياط ان لجان التفتيش ضبطت 7 منشآت صناعية تنتج منتجات غير مطابقة للقواعد الفنية والمواصفات والمقاييس الاردنية المعتمدة, حولت خلالها ملف أحد المصانع الى المدعي العام, فيما اكتفت بانذار المصانع الستة الاخرى ومنها مهلة زمنية لتصويب أوضاعها لتصبح كغيرها متقيدة باشتراطات المواصفات والمقاييس.

وبخصوص المنظفات والمطهرات التي تنتجها معامل غير مرخصة فان مديرية صحة المجتمع في امانة عمان وفي البلديات هي الجهة الرسمية المعنية برصدها, واتخاذ الاجراءات اللازمة بحقها.

دائرة صحة المجتمع في الامانة

وتقول مديرة دائرة صحة المجتمع في امانة عمان د. ميرفت المهيرات ان الامانة تتعاون مع وزارتي الصحة والبيئة والشرطة لمتابعة المنشآت الصناعية غير المرخصة والمرخصة التي لا تلتزم بالاشتراطات اللازمة ولكن كل ذلك لا يكفي اذا لم يكن المواطن متعاونا مع الجهات الرسمية المعنية فمن دون تعاون المواطنين وابلاغهم عن الذين يصنعون منتجات بطرق غير صحيحة تضر بالمواطنين فان الجهات الرسمية غير قادرة على القيام بعملها بالصورة المطلوبة خاصة ان بعض المصنعين ينتجون منتجاتهم المخالفة في اماكن مخفية مثل المنازل وتحت بيوت السلالم وفي مخازن مزوية بعيدة عن الأعين.

وطلبت المهيرات من المواطنين عدم شراء أية سلعة غير متأكدين من مصدرها, وتحتوي على بطاقة بيان تظهر التفاصيل المطلوبة.

وقالت المهيرات إن اجهزة صحة المجتمع في الامانة تقوم بجولات تفتيشية دورية على المنشآت الصناعية المرخصة. وأما غير المرخصة فالامر يعتمد على المعلومات التي ترد الدائرة بهذا الخصوص وغالبا ما يتم تحويل صاحب المنزل ان كانت المنشأة الصناعية غير المرخصة تقع داخل المنزل الى المدعي العام واما ان كان محلا فانه يتم تشميعه واتلاف المواد المضبوطة وغالبا لا يتم اتلاف مواد التنظيفات والمطهرات ومساحيق الغسيل في مكب الغباوي للنفايات بل في منطقة سواقة المخصصة للمواد الخطرة.

أضف تعليقك