حبوب النحافة في الوسط العربي: لا حسيب ولا رقيب

الرابط المختصر

يروَّج لها بقوة عبر الفضائيات اللبنانية، وتسوق في البلاد بشكل غير قانوني. حبوب التنحيف "أمانة كير" – قد تخسرين كيلوغرامات عديدة في بضعة أسابيع، لكنك قد تخسرين حياتك أيضًا...

عرب 48 - هبة الزعبي - مضمون جديد

تضمن لك حبوب "أمانة كير" وشبيهاتها في سوق حبوب التنحيف غير القانونية خسارة عشرة كيلوغرامات وأكثر من وزنك في أقل من شهر، وتساعد على التوقف التام عن الأكل بدون أي صراعات داخلية بين شهوة الطعام والرغبة بحُسن القوام، وكل ذلك مقابل بضعة مئات من الشواقل وفي فترة لا تتعدى بضعة أسابيع. هذه الأخبار الجيدة.

أما الأخبار السيئة فتبدأ بقضية تداول هذه الأدوية بشكل غير قانوني ودون الحصول على أي ترخيص من أي جهة طبية رسمية محلية أو أجنبية ولا تنتهي بالأعراض الجانبية لهذه الحبوب التي تشمل ارتفاع ضغط الدم، اضطراب في نبض القلب، الجفاف، الاضطرابات النفسية، الأرق وأيضا، ارتفاع الوزن بشكل سريع بعد التوقف عن تناول الحبوب.

يزخر السوق المحلي منذ سنوات بعشرات المستحضرات والأدوية التي تساعد على تقليل الوزن وتنحيف القوام خلال فترات قصيرة نسبيا. وتأتي هذه الحبوب لتقدم البديل السريع لحلول الرجيم التقليدية القائمة على اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة وغيرها من برامج الحمية الصحية التي تتطلب مجهودا جسديا ونفسيا ونظاما طويل المدى لخسارة الوزن، لكنها في المقابل تكفل خسارة الوزن بشكل تدريجي دون تعريض الإنسان للأخطار الصحية المُختلفة.
سم طبيعي 100%!

لم يكن لأحد أن ينتبه إلى ظاهرة حبوب التنحيف غير القانونية ومخاطرها على صحة الإنسان، لو لم تكثر حالات الإصابة بالأعراض الجانبية لهذه الحبوب والتي قد تؤدي إلى حالات الوفاة. "لقد وصلت في الأشهر الأخيرة ثلاث فتيات من مناطق مختلفة دخلوا إلى المستشفى بعد باضطراب شديد في خفقان القلب نتيجة لتناولهن حبوب التنحيف التي تحتوي على مادة سيبوترامين، وهي مادة تساعد على فقدان الشهية لكنها محظورة منذ عام 2008.

الفتيات الثلاثة كن يعانين من وزن زائد واخترن طريق حبوب التنحيف كحل سريع" يقول الدكتور وسيم روك، اختصاصي الأمراض الباطنية في مستشفى هعيمك في العفولة. "لقد احتوت هذه الحبوب على 20 ملغ من مادة السيبوترامين، مع العلم أن 10 ملغ فقط يكفي للإلحاق الضرر بالإنسان. قد تُساعد هذه الحبوب على تخفيف الوزن لكنها سم خطير كاد أن يؤدي بحياة الفتيات".

إيريس زيادات، 21 سنة فتقول عن تجربتها "تناولت خمسة كبسولات على مدار خمسة أيام. حين تناولت الحبة الأولى عانيت من ألم في الرأس وفي اليوم الثاني شعرت بنفس الألم وفي اليوم الثالث شعرت بقشعريرة ثم تدهورت حالتي وشعرت بحرارة شديدة في صدري وبدقات قلب سريعة. اصبت برجفة شديدة ولم أتمكن من الوقوف وصار لون قدمي أزرق. ذهبت فورا للمستشفى وغضب الطبيب حين رأى حالتي وعلم أن ما حدث بسبب تناولي لذلك الدواء وقال أنك تقومين بقتل نقسك فما تناولته هو سم. مكثت في المستشفى ثلاثة أيام للعلاج لكني حتى اليوم لم أشفى من تأثير الدواء لقد كنت على شفا الموت لو لم ينقذني المستشفى.

ياسمين أبو راس، 45 عاما، جربت هي أيضا هذه الحبوب: "استخدمت الدواء قبل سنتين لمدة 4 أيام واعتقدت بعدها أنني سأموت، فقد شعرت بضعف شديد ورجفة في جسمي ووجع رأس قوي جدا وانعدام الطاقة والحيوية بل ودخلت في حالة اكتئاب شديد. وبعد أن توجهت للطبيب وعلم بأمر الحبوب، أمرني بالذهاب إلى المستشفى للعلاج، وفعلا مكثت هناك ثلاثة أيام للعلاج من آثار هذه الحبوب."
” تحتوي هذه الأدوية على مواد كيماوية حظرتها وزارة الصحة الإسرائيلية والـFBI والسلطات الكندية والأوروبية ومنعت تسويق هذه المواد لأنها تسبب مشاكل بالقلب.

هذه العقاقير تحتوي على مواد منشطة من الممكن أن تسبب نوبة قلبية أو نوبة دماغية وأخف الأعراض هي الأرق والتسبب بحالات عصبية ونفسية" يقول ميكي أريئيلي، مدير وحدة محاربة جرائم الدواء في وزارة الصحة. "تصلنا دائما تبليغات من مستشفيات مُختلفة حول دخول حالات مرضية صعبة بسبب تناول حبوب تنحيف أو مستحضرات غير مُصادق عليها. ووقعت قبل فترة حالتي وفاة لشابتين من الجليل تناولتا حبوب تنحيف. طبعا لا يمكننا البت أن السبب المباشر للوفاة هو هذه الحبوب لكن الشكوك تراودنا بشكل كبير".
ألو بيروت...

غالبية حبوب التنحيف تُباع في الأسواق بشكل غير قانوني، ولا تخضع لأي نوع من الرقابة وتوزع من خلال وكلاء "رسميين" في السوق السوداء يسوقون لهذه العقاقير بطريقة الترويج "زبون يُحضر زبون" أو "من الفم إلى الأذن" أي دون الإعلان بشكل رسمي في القنوات الإعلانية المُتعارف عليها. قسم كبير من الترويج يتم أيضا عبر لافتات صغيرة تُوضع على عند مفترقات الطرق أو على أعمدة الكهرباء وتضمن "خسارة 10 كيلو غرامات في أقل من شهر" وما شابه من وعود مُغرية للباحثين عن قوام رشيق ونحيف.
ا
لقسم الأكبر من هذه الحبوب تصل إلى السوق المحلية من دول الجوار، لبنان والأردن ومصر، وتُهرب بشكل غير قانوني تماما كالمخدرات وحبوب الهلوسة. أريئيلي، يوضح لمالكم آلية وصول هذه الحبوب إلى البلاد قائلا: "تنتج غالبية هذه العقاقير في الصين والهند وتوزع من هناك للأسواق المحلية. فمثلا، تصل حبوب ما يُسمى "اكس سلمنكرين" مُهربة عن طريق ميناء أشدود.

أما حبوب "أمانا كير سليميسرين" فتُهرب من الأردن عبر جسر الملك حسين وجسر اللنبي الذي يدخل هذه الحبوب إلى أسواق السلطة الفلسطينية، ومن هناك تصل إلى القدس لتُوزع في باقي مناطق البلاد العربية.

في الوسط اليهودي يصل الدواء عن طريق البريد السريع من الولايات المتحدة وأوروبا وقد نجحنا قبل فترة وجيزة بضبط 500 رزمة وصلت لشخص واحد."، ويضيف أرئيلي بأن "شبكة الإنترنت وشبكة الفيسبوك أيضا ملئية بالمواقع التي تعرض بيع هذه الحبوب، وقسم كبير من هذه المواقع يُشغلها إسرائيليون في الولايات المتحدة وكندا. والخطير في الموضوع أن هناك صيدليات وأطباء، خاصة في منطقة القدس الشرقية وفي شمال البلاد، ممن يبيعون

هذه الحبوب للزبائن رغم معرفتهم أن هذه الحبوب غير قانونية وخطيرة على الصحة.

مؤخرا قمنا بضبط 20,000 كبسولة مُهربة كانت في طريقها إلى طبيب مقدسي، وتُقدر قيمتها بمئات آلاف الشواقل، وأنا أعلم أن سعر بيع حبوب "سليمينكرين يصل إلى 300 شاقل لعبوة 30 حبة." ويؤكد أريئيلي أن هذه الحبوب تنتشر أيضا في صالونات الحلاقة للسيدات وحتى في بعض دكاكين البقالة.

وأكد أن كل إنسان يساهم في ترويج هذه الحبوب يقترف علميا فعلا جنائيا، فالمتاجرة بالأدوية المُزيفة أو المهربة وكل مستحضر لم يحصل على مصادقة قانونية من قبل الجهات المُختصة هي جريمة يُعاقب عليها القانون. وعليه، يطلب أرئيلي من كل شخص شعر أنه تعرض للخطر جراء تناول هذه الحبوب تقديم شطوى رسمية ليتم ملاحقة الجناة.
"من دكانة الحارة"

خلال الإعداد لهذا التقرير تحدثت مالكم مع عدد من السيدات اللواتي حصلن على هذه الحبوب ومن وصفهم لطريقة التوزيع يتبين أن البيع الحصول على هذه الحبوب الممنوعة والمحظورة هو أمر في غاية السهولة، بل وأن معظم النساء اللواتي تحدثن اعترفن أنهن لم يعلمن أن ما يشترونه كان محظورا.

إيريس زيادات، والتي كادت هذه الحبوب أن تودي بحياتها، تصف بساطة الحصول على هذه الأدوية "حضرت إلى مكان عملي سيدة ادعت أنها تبيع أدوية لتنحيف الوزن وتعهدت بأن تساعدني هذه الأدوية على خسارة وزني بصورة سريعة، وقالت أن هذه الأدوية تصل من الأردن وأنها متداولة في العالم العربي بل ويمكن مشاهدة برامج عنها في محطة فضائية لبنانية.

دفعت لها 400 شاقل وحصلت على علبة حبوب لم يُكتب عليها أي كلمة سوى الرقم 2004". أما بادرة، 31 عاما، فتقول أنها سمعت عن الدواء من إحدى صديقاتها فتوجهت إلى إحدى الصيدليات واشترت الدواء من الصيدلي. أما نيلي، البالغة من العمر 33، فقالت أنها اشترت الحبوب من بقالة في الحي الذي تسكنه.
بدورنا، قمنا بالاتصال ببعض موزعي حبوب التنحيف غير القانونية وأكد أحدهم أن الدواء مُصادق عليه في جميع أنحاء العالم ما عدا إسرائيل.

موزع آخر أصر أن عدم مصادقة وزارة الصحة على المُنتج هي لأنه صُنع في لبنان وأنه لو كانت هناك علاقات سياسية بين لبنان وإسرائيل لكان الدواء قانونيا.

وعندما سألناه عن الأدوية التي تأتي من الأردن تهرب من الجواب. ”لماذا لا تحمل العبوات أي شرح عن مُركبات الحبوب؟" نسأل احد الموزعين، فيرد أنه يكفل للمشتري أن مواد الحبوب طبيعية 100%.

أما عن الأعراض الجانبية فيصر الموزعون الذين تحدثنا معهم أنه "لا توجد أعراض جانبية خطرة، وأنه إذا حرص المستخدم على تناول الحبوب كما يجب مع الإكثار من شرب المياه فلن يحدث شيء". وعندما واجهنهم بقصص النساء المذكورة أعلاه تهربوا من الإجابة وبعضهم قطع المكالمة.