تلوث وأمراض من دون رقابة .. زبل الدواجن، الاغوار تغرق في الذباب
عمّان - عبد الله اليماني - مضمون جديد
لمواجهة زيادة الطلب على الغذاء نتيجة الكثافة السكانية يجري التوسّع في مشاريع إنتاج الغذاء, ومنها مشاريع تربية الدواجن والماشية. وهنا تكمن المشكلة.
لقد أدت زيادة الطلب على الغذاء إلى زيادة استخدام السماد العضوي بأنواعه المختمر وغير المختمر - وهي مخلفات مزارع الدواجن, المواشي والابقار. ويعد زبل الدجاج من أهم مدخلات الإنتاج الزراعي الأردني لما له من خصائص تعمل على تحسين التربة الزراعية, وزيادة قدرتها على الاحتفاظ بالرطوبة.
لكن هذا السماد زبل الدواجن يؤدي الى استفحال مشكلة الذباب المنزلي وانتشاره في المناطق الغورية خاصة, وعلى مستوى المملكة عامة, وذلك نتيجة للتوسع في استخدامه الزراعي في المناطق الغورية من الشونة الشمالية شمالا الى وادي عربة جنوبا
.
أسباب الاستعمال .. وتكاثر الذباب
ويعتبر استعمال زبل الدواجن كسماد عضوي غير معالج المصدر الرئيسي للتلوث البيئي في الاغوار.
بالنسبة الى الخبراء فإن سبب التوسع في استخدام الزبل غير المعالج يعود لعدم كفاية المنتج من الأسمدة المعالجة, وعدم وجود شبكة صرف صحي وجهة حكومية تتولى مراقبة التلوث وخدمة مناطق الأغوار, اضافة الى ترك المتنزهين مخلفات رحلاتهم على جوانب الطرق في الأماكن السياحية الشعبية, وجراء ذلك تفاقمت مشكلة الذباب المنزلي الذي يعيش ويتكاثر على الزبل
مليون متر مكعب من زبل الدواجن سنويا
تقول مديرة الوقاية في وزارة الزراعة المهندسة فداء الروابدة ل¯ مضمون جديد إن عدد مزارع الدواجن 3500 مزرعة مرخصة يتركز معظمها في مناطق شمال شرق المملكة الخالدية, والضليل وجنوب شرق عمان والكرك بالقرب من الخط الصحراوي, مشيرة ان انتاج الاردن من الزبل يتجاوز المليون متر مكعب سنويا.
ويعد زبل الدجاج موطنا لتكاثر الذباب المنزلي والبعوض لذلك تقوم مديرية الحراج بزراعة شجرة النيم وهي من الأشجار الحرجية كونها طاردة للحشرات البعوض والذباب.
وتتجهز المديرية هذا العام لزراعة 20 ألف شجرة على جانبي طريق البحر الميت, لتضاف إلى 10 آلاف شجرة زرعت العام الماضي, في الوقت الذي تؤكد فيه وزارة البيئة دعمها لمشروع زراعة أشجار النيم. واضافة الى النيم فقد توسعت مديرية الحراج في صناعة مصائد الذباب والمطعوم.
تقول الروابدة: هناك تعليمات بانتاج 40 ألف مصيدة, بعد ان كانت المديرية وزعت على المزارعين والبؤر الساخنة نحو 10 آلاف مصيدة.
ولا يستخف مدير إدارة المواد الخطرة والنفايات د. محمد الخشاشنه بالمصيدة. يقول الواحدة منها تصطاد ما بين 16- 40 ألف ذبابة يوميا.
وطعم القضاء على الذباب يحضره المزارع ويوزعه على مزرعته, ومكوناته ماء وخميرة الخبز وكربونات الامونيوم.
ووفق الخشاشنة فإن وزارة البيئة تسعى للحد من تدفق الزبل غير المعالج للمزارعين في الاغوار, باتباع خطة اساسها إنشاء مصانع لإنتاج السماد المعالج في مناطق تواجد المزارع مثالا الضليل.
يقول: تواصلنا مع أصحاب أكبر 6 مزارع دواجن, في المملكة لانتاج حوالي 50% من الزبل, باعتبارها موردا لمصانع يجري انشاؤها بالتعاون مع الاتحاد النوعي لمربي الدواجن.
ونوه أن الذباب المنزلي ناقل للأمراض, وان الزبل يؤدي لتكاثره وتغذيته, واضافة الى ذلك فان رائحته ملوثة للبيئة ومنفرة.
وأضاف نحن نراقب منافذ الأغوار لمنع دخوله حيث تتراوح مخالفة ادخال شحنات الزبل بين50-500دينار.
واشار إلى أن مركزا خاصا انشئ لهذه الغاية, في إدارة الملكية لحماية البيئة الشرطة البيئية ومقره في منطقة الزاره.
أما مستشار وزير البيئة للإعلام عيسى الشبول فيقول ل¯ مضمون جديد إن لوسائل الإعلام باختلاف أنواعها دور مهم في توعية ومتابعة ومراقبة كل اشكال تلوث البيئة ومنها هذه المشكلة الخطيرة زبل الدواجن والذباب في الأغوار
ربع مليون دينار لمكافحة الذباب سنويا
وتعتبر مديرة الوقاية في وزارة الزراعة المهندسة فداء الروابدة أن ما تحقق للان من تنفيذ برنامج مكافحة الذباب ومنع تدفق زبل الدواجن إلى الأغوار على ارض الواقع قصة نجاح للزراعة الاردنية.
تقول: موازنة برنامج مكافحة الذباب يبلغ نحو ربع مليون دينار سنويا, مشيرة الى ان الحملة تنفذ على مرحلتين تبدأ الأولى في شهري نيسان وأيار. والثانية في شهري ايلول وتشرين اول. عبر رش طواقم الوزارة بالتعاون مع كوادر البلديات في الأغوار للمبيدات الحشرية.
واشارت الى ان نجاح جهود الزراعة دفعها للتوسع في حملات المكافحة لهذا العام ,2012 لتشمل حملات الرش مزارع الثروة الحيوانية في جميع مناطق وادي الاردن, والاغوار الجنوبية, ومحافظتي المفرق ومادبا.
عامل نتافة
ويقول عامل نتافة م.ع يعمل في الاغوار إن هناك أشخاصا يضعون لدية أكياسا لوضع مخلفات الدواجن فيها رؤوس وأرجل وأحشاء وريش الدواجن وبعد أسبوع يأتي لنقلها.
ويضيف أن جمعها ليس من باب المحافظة على النظافة والبيئة, والحد من الروائح الكريهة, وإنما لغايات إعادة تصنيعها كأعلاف للدواجن كاشفا أنهم يدفعون أسبوعيا لقاء ذلك 15 دينارا, في حين أن الذي يجمعها يبيع الطن بمبلغ 65 دينارا لمصانع الأعلاف.
وقال نائب سابق رفض الكشف عن هويته انه شاهد سيارة تجر حمارا نافقا حتى وصلت لمصنع إنتاج أعلاف الدواجن.
يقول: يبدو ان الاعلاف تأخذ كل شيء نافق وهو ما يعني خطرا كبيرا على الصحة العامة كون الدجاج الذي يأكل الاعلاف يصل اخيرا الى جوف الانسان.
ويستهجن النائب السابق غياب الرقابة على أعلاف الدواجن, ويتساءل: أين الرقابة على نوعية الأعلاف لضمان سلامة الدواجن?
الشرطة البيئية
تقوم الجهات الرقابية في الحد من إدخال الزبل إلى الأغوار والممثلة في الإدارة الملكية لحماية البيئة وفي ما يتعلق بالحملة المتواصلة للحد من نقل وادخال السماد العضوي غير المعالج إلى مناطق الأغوار اوضحت الاحصائية انه تم ضبط (271) مخالفة في العام الماضي.
وكانت وزارة البيئة عممت بمنع استعمال هذا السماد من قبل المزارعين في الأغوار للتخلص من مشكلة الذباب التي تؤرق المواطنين والحفاظ على البيئة. وفور صدور التعميم جرى التقيد فيه ومراقبة تقييده من الجمعية الملكية لحماية البيئة. الا ان هذا التطبيق يفتقر الى نصوص رادعة تمنع من استخدام مثل هذا السماد
لسعات الذباب.. تدويد تحت الجلد
تقول الدكتورة دانا فروقه من وزارة الصحة ل¯ مضمون جديد إن الذباب ينقل كل الأمراض المعدية , منها الانيبيا, والدزنطاريا, والتفوئيد إذا كان الأكل ملوثا, والكوليرا, وإسهال الأطفال, والتسمم الغذائي والبكتيريا , التهاب الجهاز المعوي والامعاء. وتضيف إن لدغة الذباب تسبب الكثير من الأمراض الجلدية اخطرها تدويد تحت الجلد .
فيما يؤكد أخصائي عيون د. أسامة عبابنة من مستشفى الجامعة الأردنية أن أمراض العيون مثل مرض التراخوما هو من انتشار الذباب في المناطق التي لا يوجد فيها الصرف الصحي حيث البيئة الخصبة لتكاثر الذباب.
كما ان الذباب يسبب الرمد الجيبي وهو فيروس يؤدي إلى العمى والرمد الصديد يصيب ملتحمة العين ويتسبب في احمرار شديد كما أن المستنقعات والمياه الراكدة وحاويات النفايات بيئة خصبة لتكاثر الذباب وبالتالي انتشار الأمراض التي ينقلها
من الطرائف.. أرجل الدواجن بدولار
يقول مدير المسالخ في أمانة عمان د.مهدي العقرباوي: كل شيء يخرج من المسلخ يباع, فالأمانة تطرح كل عام مخلفات الدواجن للبيع, مشيرا الى أن السعر بعض الاحيان يصل الى 62 ألف دينار.
ويصل متوسط أعداد ذبح الدواجن في المملكة يوميا 22 ألف طير, وأحيانا يرتفع إلى 34 ألف طير.
وأضاف العقرباوي أن إنتاج أرجل الدواجن من المسلخ يباع إلى الصين حيث يصل سعر كل رجلين هناك دولا اضافة لصحن ماء. أما امعاء الدواجن فتباع لأصحاب مزارع الأسماك, بينما الريش والروس, تباع إلى أصحاب مصانع الأعلاف لإعادة تصنيعها أعلافا
فائدة أسرع سعر اقل
وقال المزارع أبو موسى العدوان إن المزارع يفضل استعمال السماد العضوي غير المعالج المنتج من الدواجن كون فائدته سريعة وثمنه أقل, بينما المعالج منه فائدته ضعيفة, وأسعاره مرتفعة.
اما السماد العضوي من روث الأغنام فيحتوي على بذور الأعشاب وتسبب للمزارع بنفقات اضافية, الايدي العاملة والمبيدات الكيماوية لإزالتها.
مضيف نكد
تقول الموظفة أم محمد انها تحب ان تقضي نهارها في الاغور بين أحضان الطبيعة الخلابة, لكن الذباب يحرمنا من مجرد الجلوس.
ودأب سكان الأغوار على مناشدة الجهات المختصة العمل على تخليصهم من مستوطن يكاد يطردهم من ديارهم.