تراجع القيمة الشرائية لليرة السورية ينعكس على المواطن البسيط

الأغنياء والنظام شاركوا في تدهور الاقتصاد
حلب- محمد إقبال بلو:
تراجعت في الفترة الأخيرة القيمة الشرائية لليرة السورية بشكل كبير ومخيف، خاصة بالنسبة لمن يمتلكون مبالغ كبيرة , فسارع الكثيرون إلى شراء الدولار واليورو , وتحويل أموالهم كلها للعملة الصعبة، خشية أن تنهار الليرة انهياراً كاملاً، وهذا ما يتوقعه الكثيرون , مما زاد في تراجع قيمتها وبشكل مستمر منذ عدة شهور وحتى اليوم. وحتى أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة والمواطنين العاديين يقومون باستبدال ما يملكون من المال رغم قلته, ويعتقدون أن أيام الليرة السورية قد ولت إلى غير رجعة.
رمزي محمد مواطن حلبي من الطبقة المتوسطة قال لــ البديل : كل ما أملكه مبلغ صغير لا يزيد عن مليون ليرة سورية، وقد قمت بتحويله إلى الدولار منذ أن كان الدولار الواحد يعادل ثمانين ليرة سورية، واليوم وبعد أن أصبح سعر الدولار الواحد حوالي مئة وعشرين وجدت انني أصبت في ذلك , فمع انهيار الاقتصاد السوري تتراجع قيمة الليرة السوية , وما فائدة المال الذي أمتلكه في حال فقد قيمته , سيكون ورقاً لا اكثر, أفكر بالخروج من سورية إلى أية دولة مجاورة مثل تركيا , وهناك لا قيمة لليرة السورية، ففي الخارج فقدت اهميتها أكثر من الداخل، فقد أصبح سعر الليرة التركية الواحد يعادل سبعة وستين ليرة سورية، أي ضعف ما كان عليه الحال منذ عام تقريباً، نحن مواطنون بسطاء ولا نلام في ذلك , إن كبار رجال الأعمال في حلب حولوا أموالهم إلى العملة الصعبة منذ اليوم الاول للثورة، فهم توقعوا ذلك الانهيار , ولم يخسروا أي شيء، بل حولوا كل الأموال إلى بنوك في الخارج , ففي كل الظروف السيئة التي تمر بها المجتمعات فإن المواطن العادي ذو الوضع الاقتصادي المتوسط او الضعيف هو من يدفع الثمن غالباً.
أبو حسان موظف حكومي , وأب لخمسة أطفال يقول لــ البديل : منذ بداية الثورة السورية أقبض الراتب الشهري نفسه وحتى اليوم , علماً انني لا أستطيع الوصول إلى مكان عملي منذ عدة شهور إلا انني أحصل بطريقة ما كل رأس شهر على راتبي والذي يبلغ خمسة عشر ألف ليرة سورية , منذ عامين كنت أتدبر أمري بهذا المبلغ القليل أصلاً مع بعض الأعمال الأخرى التي أقوم بها , اما اليوم فهذا الراتب لا يساوي إلا القليل، ولا يكفي أسرتي إلا لمدة خمسة أيام أو سبعة على الأكثر , كان سابقاً يعادل ثلاثمائة دولار، أما اليوم فهو يعادل حوالي مائة وعشرين دولاراً . نقبض الراتب بالعملة السورية لكننا نشتري حوائجنا بالدولار , صحيح أننا لا نقوم بتحويله إلى عملة أخرى بل نشتري بالسوري إلا أن الأسعار في الأسواق تتبع للدولار فما سعره مائة اليوم قد تراه غداً بمائة وخمسين، وعند السؤال عن السبب يكون الرد أن الدولار ارتفع , والحقيقة أن الدولار لم يرتفع بل الليرة السورية هي التي تنهار بشكل مستمر وسريع , تصوروا الخضار والفواكه في بلدي أصبحت تتبع لسعر الدولار , وما علاقة الدولار بغلات البلاد وخيراتها , وهل نستورد البصل والبقدونس من الولايات المتحدة الامريكية يا ترى.
أحمد المصطفى شاب من ريف حلب خريج تجارة واقتصاد أخبر البديل أن تراجع قيمة الليرة السورية سببه التجار الكبار الذين يملكون المليارات، والتي تشكل أموالهم معظم الاقتصاد السوري, هؤلاء جميعهم حولوا أموالهم إلى عملات اخرى منذ بداية الثورة السورية , ولم يكتفوا بذلك، بل هربوها بالتدريج إلى خارج البلاد، فكل ما يهمهم من أمر بلادهم المال الذي يمتلكونه ومصالحهم الشخصية، ولا يعنيهم أبداً المواطن السوري أو الاقتصاد المحلي. كما أن الكثير من المسؤولين في الدولة عرفوا أن النظام سيسقط عاجلاً او آجلاً ومن الضروري سحب استثماراتهم إلى الخارج , فكل واحد منهم شريك كبار التجار في حلب , سواء بالمال او بسبب ما يقدمه لهم من حماية وغطاء قانوني للتهرب من الكثير من الالتزامات كالضرائب, هؤلاء يدمرون اقتصاد البلاد منذ فترة طويلة وقبل اندلاع الثورة السورية , لقد أصبحت الاموال السورية كلها في البنوك الأجنبية لصالح القليل من بائعي البلاد , مقابل تجويع باقي البسطاء في سورية, واليوم الاقتصاد السوري ينهار مقابل ازدهار في بعض الدول سببه الأموال السورية , فمثلاً مصر احتضنت مئات المؤسسات الصناعية السورية على أراضيها مما سيحسن اقتصادها على حساب جوع السوريين في الداخل.
أما حميد عبد القادر صاحب أحد المحال التجارية في واحدة من المناطق المحررة قال لــ البديل : بالنسبة لي أتعامل بكل العملات أبيع بضاعتي بالعملة السورية أو التركية أو بالدولار الأمريكي ولا يهمني ذلك (كله بحسابه) وعلي كل يوم معرفة سعر الدولار حتى أتمكن من بيع بضاعتي دون أن أخسر بها , فتقلب سعر الدولار يسبب تقلب السعر من المصدر الذي أحصل عليه على بضائعي سواء كان في الداخل أو من الأسواق التركية القريبة التي صرنا نعتمد عليها في تأمين الكثير من المتطلبات والحاجيات التي تخص المواطن , ومن يشعر بفرق الأسعار المواطن الذي يشتري حاجياته بالليرة السورية أما من بدا باستخدام الدولار فلن يشعر بذلك , المشكلة أننا مجبرون على ذلك وما باليد حيلة , فقد ابيع بضاعتي كلها وعندما احاول الحصول على بضائع جديدة أجد انني قد خسرت خسارة فادحة بسبب عدم متابعتي لسعر الدولار ووقعت في ذلك عدة مرات حيث اشتريت بعض الأصناف بأسعار أعلى بكثير مما كنت أبيع بها قبل يوم واحد.
• اعد هذا التقرير لصالح مشروع مضمون جديد.

أضف تعليقك