انتشار التشوهات الخلقية بين جيرانها محطة توليد الكهرباء .. تمديد لانتهاء العمر افتراضي

عمان – هدى الحنايفة - مضمون جديد

يتقلبون في الفراش حتى يتعبون .. لا يمكن أن ينام هؤلاء الأطفال كما ينام أطفال الأردن الآخرون. هكذا تمضي الساعات عليهم حتى يتعبون ويغفون جبرا.
أم أحمد تنظر بقلق وحزن على ليل أطفالها، وتسأل هل يمكن ان يؤثر ذلك على صحتهم كما أثر على نومهم؟

ضجيج، واهتزازات، وأزيز لا ينتهي في جنوب العاصمة ليلا، حيث محطة توليد الكهرباء، التي جاورت السكان، وجاوروها منذ نحو العقدين.
"المقابلين وام قصير والعالوكية"، جيران المحطة منذ أكثر من 20 عام. "جيرة النكد هذه" على حد وصف "أبو عمر" لا تكف عن تذكير السكان بان حياتهم ليست على ما يرام، وأنهم يعيشون كما لا يعيش الاخرون.

بحكم معطيات التوسع العمراني أمسوا جيرانا لمحطة توليد الكهرباء. وبحكم المعطيات العلمية فإنهم باتوا مرشحين كمرضى للأمراض التالية: أمراض الرئوية والربو، والقلب، والتشوهات الخلقية، وسلة من الأمراض النفسية.

منزل "أبو عمر" لا يبتعد سوى بضع عشرات أمتار عن المحطة. لم يكن الرجل يعلم انه بتشييده منزل اسرته هناك انما يشيد معه امراض لاطفاله وله ولكل ساكني المنطقة.
لا أحد يستطيع أن يقول لـ "أبو عمر" أن أطفاله سيكونون بخير، وأن مستقبلهم وصحتهم لن تحددها جوارهم للمحطة. "لماذا سمحوا لنا بالبناء في المنطقة ما داموا يدركون خطرها؟ أما الرحيل فهو يساوي الموت. فإلى اين نرحل؟ الى الشارع؟" يسأل ابو عمر.

مع اتساع المد العمراني هناك اتساع مقابل فقد اعلنت المحطة نيتها التوسعة، كما صرح مدير الشركة الوطنية للكهرباء الدكتور غالب معابرة مؤخرا. في الحقيقة هو خبر بالنسبة الى بعض السكان الأقرب مجاورة للمحطة سعيد، فهو يعني تعويضات وتحسين مستواهم المعيشي. ولكن اصحاب الشأن ينفون بقاء المحطة في اختصاصها الحالي.

من دون قوانين إلزامية من أي وزارة معنية بعدم البناء حولها لمسافات آمنة تجنبا للضرر البيئي والصحي، أحاط المد العمراني بالمحطة منذ فترة الثمانينات حتى باتت لا تبعد إلا أمتارا عن التجمعات السكانية.
ووفق ما أخبره المهندس فيصل العناني من الجمعية العلمية الملكية لـ "مضمون جديد" فلا يوجد قانون في الاردن حتى اللحظة يلزم بإبعادها عن التجمعات السكنية، مسافة علمية كافية.
تعويضات ولكن

عندما علم السكان بالأمر طالبوا بالتعويضات عبر قضايا رفعوها على الجهات المعنية لقاء مرور كابيلات المحطة بأراضيهم وفي عام كسبوا القضية 1998م، فلبت الحكومة لبعضهم مطالباتهم دون السكان الآخرين.
المراقب لصحة السكان يلاحط ان جيران المحطة تنتشر بينهم التشوهات الخلقية، رغم عدم وجود دراسات تفسر او تثبت ارتباط ذلك بوجود المحطة بينهم.

يقول الدكتور سامي الخطيب استشاري الأورام والكشف المبكر: لم يثبت علميا ارتباط التشوهات مع الملوثات، ولكن حرق الديزل والغازات في المحطة يؤدي الى إزدياد نسبة الرصاص بالجو مما يسبب للسكان المجاورين امراض متعددة كالحساسية والربو وأمراض القلب.

أما التردد العالي – يقول د. الخطيب - فيؤثر سلبا على مزاج الإنسان كشيوع الإكتئاب والدخول في حالة من المؤثرات الفيسيولوجية والسيكولوجية نتيجة الإهتزازات في حال تجاوزت الحد المسموح به كالشعور بالإعياء ونقص القدره الإنتاجية للفرد.

وينصح استشاري الاورام السكان الطلب من الجهات الصحية المختصة دراسة مسحية للمنطقة لتعليل السبب والقوف على المشكلة لحلها وبطلان التكهنات بأقرب وقت ممكن.
ولا ينقص سكان المنطقة الامراض التي يعانون منها. هناك خشية بينهم أخرى يصفها سكان المنطقة المقابلين وام قصير والعالوكية بالقنبلة الموقوتة إذا حصل اي طارئ سواء في المحطة نفسها او في المنطقة.
المهندس فيصل العناني من الجمعية العلمية الملكية يؤكد انه لا يوجد ما يستدعي الشعور بالخطر من أي خلل قد يصيب محطات التوليد أو التحويل.

فيما تقول المهندسة نهال الشوابكة مؤسسة المواصفات والمقاييس لـ "مضمون جديد": لا توجد مواصفات خاصة بانشاء محطات الكهرباء الا مواصفة خاصة بالمنشأت الثابتة ولكنها توقعت وجود تعليمات للحد من الضجيج والإنبعاثات في وزارة البيئة التي بدورها تلزم المنشآت عند انشائها حسب قانون البيئة الأردني درء للمخاطر باتباع السلامة العامة والبيئية حسب قانون نظام حماية الهواء المادة 6/2005.
وتشترط وزارة البيئة عدم تجاوز الحدود المسموح بها من ملوثات الهواء، وفق القاعد الفنية المتبعة.
انتهاء العمر الافتراضي للمحطة

وفي نظام الوزارة لتقييم الأثر البيئي 2005 تصنف المنشآت حسب نوعية الملوثات الصادره منها. ويؤكد على ذلك الناطق الإعلامي عيسى الشبول في الوزارة عندما قال لـ "مضمون جديد": إن تعليمات قسم الأثر البيئي لدينا لإختيار مواقع النشاطات التنموية قائم منذ عام 2007 حيث ان القانون واضح في المادة ب التي توجب أن تبعد محطات الكهرباء عن التجمعات السكنية من مدارس ومستشفيات ودور عبادة ما لا يقل عن 5 كم!!!

ولكنه يستدرك، عند التكلم عن محطة جنوب عمان وغيرها فقد انشأت قبل اصدار القانون، مشيرا الى ان وزارة البيئة تدرس كل منشأة بحسب أثرها البيئي.
ويؤكد الشبول وجود رقابة دورية للحد من نسبة التلوث مما يأمن عدم تأثر الهواء المحيط او المياه الجوفيه. فيما لا يرى الناطق باسم الوزارة أن اثار البيئية للمحطات حاسمة ويشير الى انه ثلوث يؤخذ بالحسبان.
والشبول يبني رأيه هذا كون لا يوجد دراسة علمية حتى الآن تربط الأمراض والتشوهات بوجود محطات الكهرباء.

ولكنه عاد واشار الى ان محطات التوليد ذات اثر بيئي اكبر من محطات التحويل خاصة تلك التي تعتمد على طاقة الديزل. وحول الترددات فإن لها معدل معين لا يجوز للمحطة أن تتجاوزه الا في حالات طارئة.

وهذا الحديث يسترجعه المهندس حامد فيصل رئيس قسم البيئة والسلامة في شركة توليد الطاقة مستهجنا رغبة بعض المواطنين بترحيل المحطة درءا لمخاوفهم ويقول أن 60% من مواصلات الأردن تستخدم الديزل والهواتف النقالة تنتج ترددات خطيرة على صحة الإنسان وهذا يؤثر على الهواء اما بالنسبة للمحطة فانها لا تشغل سوى 10% خلال العام، ينفي وجود أي اثر بيئي يذكر لها.
كما يؤكد انها في طريقها الى التوقف بحكم إنتهاء عمرها الإفتراضي، الا ان الحكومة مددت لهم هذا العام.

فيما يشير الى ان ملف التوسعة لغاية التحويل من اختصاص الشركة الوطنية لكهرباء وليس توليد الطاقة وأنها ستبيع الموالدات كسكراب.
لكن ماذا يعني هذا الكلام بعد أن زار وزير الطاقة ووزير البيئة مطلع آب الحالي محطة المناخر رغم أن المنطقة المحطية بها ليست بالكثافة السكانية كمنطقة محطة جنوب عمان.
وكان سكان محطة المناخر قدموا شكاوى متكررة من الاصوات والاهتزازات والادخنة الصادرة عن محطة توليد كهرباء شرق عمان والأضرار التي تنجم عن تلك الظواهر المتكررة.
محطات التحويل

تعمل محطات التحويل على نقل الطاقة المولدة للمستهلكين وتعتمد المحولات في عملها على الحث الكهرومغناطيسي لرفع قيم الفولتيه وتخفيض قيم التيار وبالعكس للحيلول دون فقد الطاقة عبر مسافات بعيدة.
ويمكن النظر باهتمام الى الهيئات الأمريكية التي أعدت مقاييس خاصة لشدة المجالات الكهرومغناطيسية واقترحت مواصفات مسموح بها عند تسخين المعدات وضبط الإهتزازات للحد من ضررها البيئي مما يبين بالفعل وجود أخطار لمحطات التوليد والتحويل على حد سواء خاصة تلك المجاورة للمناطق الآهلة بالسكان.

وتنصح هذه الهيئات بتحويل مسار المحولات عن مسارها. ولكن يبدو ان مسؤولي شركة الكهرباء الوطنية لم تصلهم نتائج هذه الهيئات حيث يصرون على عدم وجود أبحاث علمية عالمية تؤكد ان الضغط العالي يؤدي الى أي نوع من أنواع التلوث. وفي السياق يتوقع الخبراء المحليين هنا أن سبب اصرار المسؤولين على ذلك هو التكلفة المادية الكبيرة لتغيير مسار المحولات.

بدوره يؤكد المهندس خير الدين حوا مدير تصميم محطات التحويل لـ "مضمون جديد" خلو محطات التحويل من محركات تبعث غازات. ويقول: الموالدات هي التي تفعل ذلك وليس المحركات بناء على حرق الوقود.

ولا يعتبر حوا المحركات ملوثة لحد ما، لأن أي محطة مقيدة بنظام وزارة البيئة بالنسبة للإنبعاثات او الترددات, وهناك حسابات آمنه لسلامة السكان وبالنسبة للترددات والتيار هي 132كيلو فولط، ولا يسمح بالعادة للسكان الإقامة في تلك الحدود من دون تحديد مسافة ارضية آمنة.

وتسهم الطاقة الأحفورية علميا بنسبة (65%) من الطاقة الكهربائية المستخدمة في العالم في الوقت الحاضر، ويرافق استخدام هذه الطاقة تلوث الهواء من الانبعاثات الغازية التي تؤثر في ارتفاع درجة حرارة الأرض من خلال ظاهرة الاحتباس الحراري، والأثر البيئي لمحطة كهربائية بقدرة ( 1000MW ) سنجد عند استخدام كوقود حفوري او غازي فانه سينبعث(1طن) من غاز (CO.

أضف تعليقك