المواطن الفلسطيني: احتكار قطاع الاتصالات الى متى؟

الرابط المختصر

قطاع غزة – محمود أبو هنود - مضمون جديد

لم يكن يعلم المواطن أحمد رجب، أن انقطاع الاتصال عن هاتفه المنزلي من دون إنذار مسبق سيتبعه بعد عدة ساعات توقف خدمة الاتصال من جواله الخاص.

أحمد الذي سارع لمراجعة موظفي شركتي الاتصالات وجوال في أحد مكاتب الشركتين الوحيدتين العاملتين في قطاع غزة، اشترط عليه لإعادة خدمة الاتصال تسديد فواتير مالية مستحقة عليه.
بالنسبة لأحمد فمن حقهم قطع الخدمة عن هاتف المنزل إن لم يدفع ولكن لماذا الجوال خاصة وانه ملتزم بتسديد كل فواتير الخدمات سواء كانت (كهرباء، ومياه، وهاتف، وجوال)
ما أن سمعت الشركة بإعلان وسائل الإعلام عن تحديد موعد لصرف رواتب الموظفين الحكوميين قطعت الخدمة عنه، حتى قبل أن يتسلم راتبه.

ليس بعيدا عن أحمد يعبر المواطن إسماعيل المخ عن استيائه من الضغط الكبير الحاصل على شبكة الاتصال، بحيث يؤدي ذلك إلى منع إجرائه الكثير من المكالمات. يقول: من حقي الحصول على خدمة صالحة للاستخدام ما داموا يحصلون على مقابل مني لها.

المفارقة ان أميرة محمد اشتكت من قائمة الخدمات المدفوعة التي تضعها شركة الاتصالات الفلسطينية على المشترك الجديد، من دون أن يطلبها بنفسه. فيما لا يعني حذفها انها ستحذف من الفاتورة.

تقول أميرة ان لديها تحفظات كثيرة عى الشركة ومنها سرعة إختفاء الرصيد الممنوح في كروت الجوال، والضغط الكبير على الشبكة الذي يمنع في أوقات كثيرة الوصول للرقم المطلوب.
ووجهت أميرة تساؤلاً إلى الجهات المسؤولة عن موعد إنتهاء الاحتكار في قطاع الاتصالات، داعية إلى السماح بدخول شركات جديدة ليتم التفاعل والتنافس بين الشركات بما يخدم الأفراد.

أما شريف عبد الحميد الطالب الجامعي فيرى أن الخدمات التي تقدمها شركات الاتصال العاملة في الأراضي الفلسطينية يتم تحصيلها بطريقة ملتوية، مطالباً بضرورة فتح باب المنافسة ودخول شركات جديدة لسوق الاتصالات، ليتسنى للمواطن اختيار الشركة التي يراها مناسبة من دون فرضها عليه.

ولمواجهة الاحتكار السائد في قطاع الاتصالات قام صحفيون فلسطينيون بانشاء صفحات على موقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك " تحت شعار " الشعب يريد اسقاط جوال، وصحفيون ضد الاحتكار " التي قالوا أنها تأتي للتعبير عن احتجاجهم ورفضهم لسياسة الاحتكار السائدة في قطاع الاتصالات، وغياب الرقابة الرسمية.

وبحسب أحد تقارير اتحاد شركات أنظمة المعلومات الفلسطينية "بيتا" فإن الطبيعة الاحتكارية للعقد الموقع بين شركة الاتصالات والسلطة الفلسطينية، أدت الى عدد من النتائج السلبية التي لحقت بقطاع الاتصالات نتيجة للممارسات التي كرست هذا الاحتكار من قبلها، وخصوصا فيما يتعلق بالتأخير الكبير للعديد من الخدمات بصورة غير مبررة، والاستمرار في ارتفاع أسعار الاتصالات بدون مبرر.

وأظهرت البيانات الإحصائية الواردة في تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني خلال العام 2010 أن 45.5% من الأسر في الاراضي الفلسطينية لديها خط هاتف في العام 2010 ، وأن نسبة الاسر التي يتوفر لديها هاتف نقال فلسطيني في الأراضي الفلسطينية بلغت ، 85.1% بواقع 79.6% في الضفة الغربية مقابل 95.7% في قطاع غزة ، فيما كانت نسبة الأسر التي يتوفر لديها هاتف نقال إسرائيلي إلى 32.2% في الأراضي الفلسطينية ، وكانت النسبة الأكبر في الضفة بواقع 34.7% مقابل 0.9% في قطاع غزة.
شركة الاتصالات الفلسطينية

وتأسست شركة الاتصالات الفلسطينية عام 1995م وكانت أول شركة اتصالات مملوكة للقطاع الخاص في العالم العربي وباشرت أعمالها في الأول من يناير عام 1997م كمشغل ومقدم لكافة أنواع خدمات الاتصالات في فلسطين.

وقامت الشركة برفع رأس مالها عام 2005 وهو ما أهلها أن تصبح المشغل الأكبر في فلسطين والشركة الأكبر حجماَ في تداولات سوق فلسطين للأوراق المالية ليصل عدد الأسهم إلى 131.625 مليون سهم.

وتتكون مجموعة الاتصالات الفلسطينية من عدة شركات هي " شركة الاتصالات الفلسطينية"، وشركة "جوال" المزود الفلسطيني الأول لخدمة الاتصال الخلوي في فلسطين وشركة "حضارة" لخدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالإضافة الى شركة "حلول" لتكنولوجية المعلومات وشركة "بال ميديا" لتقديم الخدمات المرئية والإعلامية المميزة.

وتعتبر شركة الاتصالات الخلوية الفلسطينية "جوال" العمود الفقري لمجموعة الاتصالات ، وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجهها جوال في ظل المنافسة غير الشرعية مع أربع شركات خلوية إسرائيلية، وبرغم العقبات والتحديات التي تواجهها، إلا أن تغطية الشبكة امتدت لتشمل 98% من المناطق الفلسطينية، وقد قاربت شبكة جوال إلى الوصول الى قاعدة مشتركين قوامها 2.000.000 مليون مشترك قبل نهاية العام الحالي.

وأظهرت النتائج المالية الأولية لمجموعة الاتصالات الفلسطينية للنصف الأول من العام 2011. ارتفاعاً في الإيرادات التشغيلية للشركة بنسبة 11% عن الفترة ذاتها من العام الماضي لتصل إلى 182.2 مليون دينار أردني مقارنة ب 164.1 مليون أردني في النصف الأول من عام 2010.

كما أظهرت البيانات المالية ارتفاعا في صافي الارباح، حيث بلغ صافي دخل الشركة في النصف الاول ما قيمته 47.6 مليون دينار أردني مرتفعاً عن الفترة ذاتها من عام 2010 بما نسبته 16.6%، حيث بلغ صافي الدخل من نفس الفترة في العام 2010، 40.8 مليون دينار أردني.

واشتكى عدد كبير من المشتركين في غزة خلال الشهر الحالي من انقطاع خدمة الهاتف الأرضي والمحمول " جوال " وشبكة الانترنت لمدة تزيد عن 20 ساعة الذي اعتبرته راوية الشوا النائبة في المجلس التشريعي الفلسطيني في بيان لها نشر بتاريخ 10/ أغسطس /2011 بمثابة استهتارا وعدم مبالاة بالمواطن من قبل مجموعة الاتصالات الفلسطينية، ، وقالت الشوا أن قطع خدمة الاتصالات والإنترنت، يعد مساساً بحقوق التواصل الاجتماعي وانتهاك صريح لحقوق الإنسان.
ودعت النائبة الشواء وزارة الاتصالات في غزة ورام الله بتحمل المسؤولية وبالتحرك الفوري لوضع قوانين وضوابط لعمل أي شركة جديدة وتنظيم عمل الشركات القائمة .

ولكن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الحكومة المقالة بغزة قد أكدت أن سبب الانقطاع نتج عن قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بعمليات تجريف شرق وشمال غزة أدت إلى تدمير كوابل الفايبر المغذية لشبكة الاتصالات في القطاع.

ويجمع الخبراء أن سياسة الاحتكار السائدة قد حدت من نسبة التطور التقني في الأراضي الفلسطينية، حيث كان التطور يسير بتسارع أكبر قبل أن تسود هذه السياسة، مقارنة مع الدول المحيطة بفلسطين وحتى مع العالم العربي.

وقال د. زيا الجرجاوي مدير منطقة غزة التعليمية بجامعة القدس المفتوحة لـ "مضمون جديد:" إن وجود منافس جديد في سوق الاتصالات في قطاع غزة أمر ضروري لتحسين الخدمة".
وفي اجابتها على اسئلة "مضمون جديد" قالت شركة الاتصالات الخلوية الفلسطينية "جوال": إنها تخطّت اشتراك المليونين ومئتان وخمسة وعشرون ألف مشترك للجوال.

وقالت ان شبكة "جوال" باتت تغطي 97% من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، وتخدم مشتركيها من خلال 25 معرضاً و400 موزعاً رئيسياً وفرعياً منتشرين في كافة أنحاء الوطن، إضافة إلى إتاحة خدمة التجوال الدولي مع 364 مشغل خلوي في أكثر من 156 دولة حول العالم.

وأوضحت الشركة أنها شركة وطنية فلسطينية نشأت في أجواء منافسة مع أربع شركات إسرائيلية تحاول فرض العزلة عليها وعرقلة نموها وتطورها، إلى أن استطاعت جوال ابتكار الحلول التقنية الخلقة بفضل كادرها الوظيفي المؤهل والتحايل على العقبات والعراقيل الإسرائيلية لخدمة المواطن الفلسطيني.

وحول دخول شركات جديدة للمنافسة في سوق الاتصالات أكدت الشركة أنها ترحب بدخول منافس جديد لسوق الاتصالات لأنه سيعيش بنفس الظروف التي تعيشها، وبالتالي سيكون هناك من يعاونها في قطاع الاتصالات الفلسطينية لمواجهة التحديات وظروف الحصار الصعبة التي نعيشها منذ سنوات عديدة
واضافت أن مبدأ المنافسة أمر صحي للمشترك وللشركة، موضحة أنها ستنافس بكل الطرق المشروعة، وستعمل معهم كيد واحدة من أجل تحقيق مكاسب مشتركة للمواطن الفلسطيني.

أما بالنسبة لأسعار المكالمات شددت الشركة على أن أسعار المكالمات يتم تعميمها بعد أخذ موافقة وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عليها، كما أن جميع الأسعار موضحة من خلال إعلانات الشركة التجارية وعبر الموقع الالكتروني.
وتصف الشركة أسعارها بالمتميزة والمنخفضة مقارنة بأسعار الشركات المحيطة، اضافة إلى اطلاقها العديد من الحملات الخاصة بتخفيض أسعار المكالمات سواء كانت محلية أو دولية
شركة موبايل في الضفة

وفي الضفة الغربية، دخلت الشركة الوطنية موبايل لسوق الاتصالات، التي تأسست في كانون الثاني من العام 2007، وحصلت على رخصة المشغل الثاني للهاتف الخلوي في الأراضي الفلسطينية في آذار من نفس العام.

لكن الخبير الاقتصادي عمر شعبان كان قد ذكر في تقرير نشر بتاريخ 23/ ابريل / 2011 أن شركة "موبايل الوطنية الفلسطينية للاتصالات" ثاني مشغل للهاتف الخلوي في أراضي السلطة الفلسطينية لم تحقق أرباحًا منذ بدء عملها في الضفة الغربية، وعزى خسارة الشركة لعدة أسباب منها بطء شديد في إعطائها الترخيص لمزاولة عملها في الضفة، ووجود منافس لها من عدة شركات مزودة لخدمة الاتصالات،

مشيراً إلى أن سوق الضفة يعاني من ضعف شديد نظرًا لوجود منافسة كبيرة مع شركات إسرائيلية أخرى ناهيك عن عدم وجود احتكار لشركة معينة، لافتًا إلى أن السلطة دفعت ثمن الرخصة للعمل كشركة ثانية لخدمات الهاتف النقال منذ أربع سنوات، وبين أن سوق غزة يقتصر فقط على شركة الاتصالات الفلسطينية "جوال" التي تحتكر العمل بشكل كامل على الرغم من أنها تعاني من مشكلة قانونية بحسب رأيه نظرًا لأنها تجاوزت مدة العقد الموقع مع السلطة.

وأظهر تقرير البيانات المالية الأولية للسنة المالية المنتهية 2010 لمجموعة الاتصالات الفلسطينية التي تضم الاتصالات إلى جانب شركة " جوال " نموّاً ملحوظاً على صعيد إيراداتها التشغيلية الموحّدة بنسبة 7.88% لتصل في نهاية عام 2010 إلى 339.9 مليون دينار أردني مقارنة بـعام 2009 ويأتي هذا نتيجة للارتفاع الذي حققته الشركة في الايرادات التشغيلية لأنشطة الاتصالات السلكية والاتصالات اللاسلكية والخدمات الرقمية وتكنولوجيا المعلومات والتي ارتفعت بنسبة 10.04% و 9.07% و %9.52 و 13.60% على التوالي.

أما الارباح التشغيلية قبل الضريبة للشركة فقد بلغت 111.8 مليون دينار مقارنة بـ 104.4 مليون دينار في نهاية العام 2009 مرتفعة بنسبة 7.09% وهذا يعود الى الارتفاع في الايرادات التشغيلية للشركة ونتائج الاعمال وبدء سريان تنفيذ التوجهات التشغيلية الجديدة على ضوء متغيرات السوق.

من جهته قال محمد الاسطل أستاذ علم الاقتصاد بجامعة الأقصى بغزة لمضمون جديد ، أن قطاع الاتصالات الفلسطيني ، يحتل دورا مهماً في حياة السكان الفلسطينيين بحكم وجود الاحتلال الإسرائيلي و تحويله المناطق الفلسطينية إلى كانتونات معزولة تحيط بها الحواجز العسكرية ناهيك عن الاغلاقات المستمرة للمعابر والمدن الفلسطينية وعزلها من خلال الجدار الأمني مما حال دون تنقل الأفراد والبضائع بحرية ، الأمر الذي عزز من أهمية استخدام وسائل الاتصال وخدمات المعلوماتية الفلسطيني عامة ، موضحاً أن الشركات الإسرائيلية استفادت تجارياً واقتصادياً من السوق الفلسطيني بشكل كبير ، بينما لم تستفد فلسطين بالشكل المطلوب من التطور الكبير الحاصل في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الإسرائيلي.

مضيفاً أن التأثيرات السلبية لسياسة الاحتكار والتي تعود للوضع الفلسطيني الداخلي والإجراءات الإسرائيلية ، قد تؤثر سلبا علي الاقتصاد الوطني بشكل يمنع تطوره ، وتعمل على إعاقة جهود التنمية في قطاع الاتصالات، داعياً إلى فتح سوق الاتصالات أمام الشركات الجديدة وتقديم التسهيلات الكافية لها، لتساهم في خلق بيئة تنافسية تعود بالنفع علي المواطن وعلي الاقتصاد الفلسطيني.