العاملون في المدارس الخاصة.. حقوق مهدورة وأصوات مقموعة!

العرب اليوم- وليد شنيكات ...

أعد هذا التقرير بدعم من مشروع مضمون جديد باشراف الصحفي لقمان اسكندر

تتجاهل مؤسسات تعليمية خاصة حقوق ومكتسبات اساسية للعاملين لديها تحت عناوين ومسميات متعددة, ولكن المشهد يفصح عن حرمان كامل حتى للاجازات المرضية والسنوية, في وقت لا تزال وزارة التربية والتعليم تغمض عينيها عن تلك الانتهاكات.

إن الشكاوى والتظلمات المخفية في ادراج الوزارة بحق هذه المؤسسات لا تحرك احدا من المسؤولين وكأن هذه الشكاوى لمواطنين في دولة افريقية نائية, وليست لاردنيين.
وما يزيد من حجم علامات الاستفهام حول صمت قبور المؤسسات التعليمية الرسمية والمدنية ما يمكن وصفه بتواطؤ نقابة اصحاب المدارس الخاصة التي يشرف عليها مستثمرون.

إن الهيئات التدريسية في المدارس الخاصة تتعرض سنويا للعديد من الانتهاكات والتعديات على حقوقها العمالية والانسانية, خاصة ما يتعلق بانخفاض الاجور والحرمان من الاجازات السنوية والمرضية واجازات الامومة للمعلمات المتزوجات وتمتعهم بالحماية الاجتماعية من خلال الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وفق ما تشير اليه تقارير حقوقية وشهادات عاملين في مؤسسات تعليمية خاصة.

ورغم تفاوت اجور المعلمين والمعلمات بين مدرسة وأخرى, كما في المدارس الكبيرة التي تتجاوز رواتب عدد منهم الالف دينار فإن غالبية المدارس تتراوح رواتب المعلمين فيها ما بين الحد الادنى للاجور البالغ 150 دينارا و 250 دينارا شهريا, غير ان اعدادا قليلة منها تتراوح اجورها الشهرية ما بين 250 - 400 دينار وهو ما يؤكده نقيب اصحاب المدارس الخاصة منذر الصوراني بقوله: هناك مدارس تلتزم بالحد الادنى للاجور, بينما نجد ان مدارس كبرى محدودة تدفع شهريا رواتب مرتفعة للعاملين لديها.

الصوراني لا يتوانى عن دعوة اي متظلم من رفع دعوى الى سلطة الاجور في وزارة العمل او التوجه الى نقابة اصحاب المدارس الخاصة لتسوية اية خلافات قد تنشب بين اطراف العملية التعليمية. ولكن يعرف المعلم ان تظلمه لن يجدي نفعا بل سيفقده دخلا وإن قل.

لا تخفي معلمات لمشروع مضمون جديد سرا عندما يشرن الى قيام اصحاب مدارس خاصة بإجبارهن على توقيع عقود عمل سنوية براتب 150 ديناراً بيد انهن يتقاضين رواتب اقل من ذلك بكثير.
ولا يقف الامر عند هذا الحد فغالبية معلمي ومعلمات هذا القطاع يتقاضون اجورا عن 10 اشهر في السنة الواحدة, الامر الذي يعد مخالفة صريحة للعقد الموحد الخاص بعمل العاملين في المدارس الخاصة والذي يعطي المعلمين والمعلمات الحق في اجور السنة كاملة بدءاً من سنة العمل الثانية.

ولا يتوقف الامر عند هذا الحد, فهناك العديد من المدارس الخاصة تفسخ عقود المدرسين في نهاية الفصل الدراسي الثاني, ومن ثم تعود لتجديد عقودهم في بداية الفصل الدراسي الاول للحيلولة دون دفع رواتبهم في العطلة الصيفية.

بل ان الامر يتعدى ذلك الى عدم توقيع بعض المدارس للعقود مع المعلمات والمعلمين. غير ان نقيب المدارس الخاصة الصوراني دافع بقوة عن هذه المدارس وهو يقول: العقد شريعة المتعاقدين وإذا صح هذا الكلام فإن هذا النوع من العقود يتم بالتراضي وليس هناك مخالفة متسائلا اذا قام احد المعلمين بتقديم استقالته هل يجوز ان تبقى المدرسة من دون معلم ام يتم توقيع عقد مع معلم جديد بدلا من الذي قدم استقالته يقول الصوراني.

تقول المعلمة هنادي الخطيب 28 سنة وهي تعمل في مدرسة خاصة في العاصمة ان هناك ظلما كبيرا يقع على المعلمات في المدارس الاهلية بسبب غياب الرقابة القانونية والاخلاقية على هذه المؤسسات التي تمارس اضطهادا ممنهجا بحق العاملين لديها سواء من ناحية قيمة الرواتب او التأخر في دفع هذه الرواتب التي تواجه تحديات لمعيشية صعبة.

وتزيد المعلمة الخطيب ان اقل رد يمكن ان يصدر عن اصحاب هذه المدارس (الباب يفوت جمل) في اشارة الى الاستغناء عن الموظف وهذا يجعل نفسية المعلم في اسوأ حاله في وقت يجب ان تكون هذه النفسية في احس حالاتها لما لذلك من تأثير على مستوى التدريس وتحسين اداء الطلبة التعليمي.

وتشير ارقام وزارة التربية والتعليم ان اعداد المعلمين والمعلمات في المؤسسات التعليمية الخاصة بلغ حتى نهاية العام الدراسي الماضي 23484 معلما ومعلمة بنسبة (87%) من الاناث والباقي من الذكور يتوزعون على 2140 مدرسة ورياض اطفال في مختلف انحاء المملكة.

واشتكت عدد من المعلمات ان رواتبهن لا تتجاوز 80 دينارا شهريا اضافة الى تأخير استلامها لاكثر من شهر وأحياناً شهرين في مخالفة صريحة للحد الاقصى الذي نصت عليه المادة (46) من قانون العمل التي تنص على دفع الاجر خلال مدة لا تزيد على سبعة ايام من تاريخ استحقاقه وهو ما اشارت اليه المعلمة فاطمة نعيمات 31 سنة بالقول  هناك معاناة حقيقية يواجهها المعلمون مع كل نهاية شهر حتى اصبح التوسل سيناريو متوقعا مع اصحاب العمل تحت وقع الاهانة والاذلال.

وتتجاوز ادارات بعض المدارس الخاصة مسألة تأخير رواتب العاملين الى القيام بعمليات خصم من رواتبهم بسبب ما يقع بحقهم من عقوبات. مثلا اذا تأخروا عن دوامهم الصباحي, لا تتوانى ادارات هذه المدارس بخصم يوم اجور عمل او يومين اذا تأخر المعلم او المعلمة 10 دقائق عن الدوام وهذا يعد مخالفة واضحة لنص المادة 47 من قانون العمل الاردني التي تنص على الحالات التي يحق لصاحب العمل ايقاع الخصم على راتب الموظف والتي ليس من بينها التأخير عن الدوام.

وتسجل المعلمة نعيمات شهادتها هنا بالقول: كثيرا ما يتم خصم جزء من راتبي من قبل مديري في العمل ولاسباب والله يشهد تكون في الغالب خارجة عن ارادتي.. مثل ان يكون ابني مريضا او انشغالي بإيصاله الى مدرسته (الحكومية) لانهم يرفضون تقديم خصومات لنا في المدارس التي ندرس فيها.

وتتساءل المعلمة نعيمات بمرارة اين وزارة التربية والتعليم عن ممارسات الذل والاهانة التي تمارس بحق قطاعات واسعة من المعلمين والمعلمات في المدارس الخاصة.

ويترافق مع ذلك كله امعان اصحاب هذه المدارس في حرمان العديد من المعلمين والمعلمات من بدل عمل اضافي عندما يمتد دوامهم لاكثر من ساعات العمل الرسمي وهو ما يخالف كذلك المادة 59 من قانون العمل الاردني.
ولا شك ان غياب الاستقرار الوظيفي للغالبية الساحقة من العاملين في المؤسسات التعليمية الخاصة بسبب اساليب الادارات المتبعة في غالبية هذه المدارس يخلق حالة من القلق لدى المعلمات والمعلمين ويولد لديهم شعورا بالاحباط العام وعدم الالتزام وإعطاء المدرسة والطلاب حقهم في التعليم لانه لا توجد ضمانات لاستمرارهم بالعمل لا سيما ان حقوقهم تسرق امام اعينهم الا بقدر ولائهم الشخصي لاصحاب ومديري هذه المدارس.

يقول المعلم اشرف ابو حلاوة - وهو مدير سابق لاحدى المدارس الخاصة في عمان - إن الظلم الذي يقع على الموظفين في بعض المدارس الخاصة يكاد لا يطاق بسبب التجاوزات والقسوة التي تمارس بحقهم من قبل اصحاب هذه المدارس مؤكدا ان ضعف الرقابة على هذه المؤسسات جعل عددا منها يتفنن في اذلال الموظفين من خلال التهديد بالطرد او توقيع عقود وهمية تحفظ عند اصحاب المدارس يتم استخدامها عن وقوع اول صدام مع المعلمين المجبرين على العمل بسبب الحاجة والفقر.

ولا تتوانى ادارات بعض المدارس في اقتطاع اشتراكات الضمان الاجتماعي كاملة من رواتب المعلمين مخالفة بذلك العديد من نصوص قانون الضمان الاجتماعي التي تحدد الاقتطاعات الواجب دفعها من قبل العامل ومن قبل المؤسسة والتي تصل في الوقت الحالي الى 5.5% من مجمل الاجر الشهري تخصم من اجر العامل و 11% من اجر العامل تدفعه المؤسسة وفيما يتعلق بالتأمين الصحي, فأعداد محدودة جداً من المدارس الخاصة توفر لمعلميها تأمينا صحيا والغالبية الكبرى من المعلمات والمعلمين في قطاع التعليم الخاص لا يتمتعون بالتأمين الصحي كما تفيد تقارير حقوقية عديدة.

وتؤكد ذات التقارير ان غالبية المدارس الخاصة تقوم بحرمان المعلمين والمعلمات من حق الاجازة المرضية والتي تصل سنويا الى 14 يوماً وفي ظروف مرضية خاصة تصل الى 28 يوما الامر الذي يعد انتهاكاً صريحا لقانون العمل الذي يحدد لكل عامل اجازة مرضية مدتها اربعة عشر يوماً خلال السنة الواحدة بأجر كامل بناء على تقرير من الطبيب المعتمد من قبل المؤسسة ويجوز تجديدها لمدة اربعة عشر يوما اخرى بأجر كامل اذا كان نزيل احد المستشفيات او بناء على تقرير لجنة طبية تعتمدها المؤسسة.

وإذا ما اضطرت المعلمة او المعلم للغياب لاسباب مرضية تقوم ادارات غالبية المدارس الخاصة باقتطاع اجور ايام الغياب من راتبه الشهري.
هل سيبقى المعلمون والمعلمات عمالا سخرة لدى بعض اصحاب المدارس الخاصة من التجار? وما هي الاسباب التي تجعل مسؤولي وزارة التربية والتعليم يغضون الطرف عما يجري لشبابنا في اماكن عملهم. وهل بات المواطن بحاجة لتحصيل حقوقه الطبيعية الى اعتصام هنا وهناك من اجل اسماع صوته?

لا يجد المعلم ابو حلاوة اجابة لسؤاله: كيف يطيق البعض حمل كل هذا الظلم على كاهله? ولكنه اكثر من ذلك يقول: اذا كانت وزارة التربية والتعليم غافلة فانها جريمة ولكن الجريمة الاكبر ان تكون تعلم ما الذي يجري ولا تفعل شيئا.. على حد قوله.. اذن فتش عن السبب في الفساد.

ما يمكن الالتفات اليه في هذا الصدد هو السؤال التالي: هل تجرؤ اي من المدارس الخاصة التي تظلم معلميها وموظفيها على ظلمهم لو كانت هناك نقابة للمعلمين. يقول معلمون اذا كانت الحكومة لا تريد الدفاع عن حقوقنا فلتتركنا ندافع عنها نحن.

أضف تعليقك