الصيد الجائر في بحر غزة يهدد ثروته السمكية

الرابط المختصر

غزة - محمد منصور- مضمون جديد

يعود الصياد الفلسطيني خليل قنن (54 عامًا) سعيدًا إلى بيته، بعد صيده لكمية كبيرة من بذور الأسماك" أسماك صغيرة جدًا" التي باعها في السوق المحلي بمبلغ (500 شيكل) إسرائيلي، أي فيما يعادل (125 دولار) أمريكي.

ويستهدف الصيادين الفلسطينيين في قطاع غزة بسبب تقليص الاحتلال الإسرائيلي للمساحة المسموح الصيد بها والتي لا تصل إلى 3 ميل داخل البحر، صيد الأسماك الصغيرة جدًا التي لم يكتمل نموها بعد وتكون قريبة من الشاطئ، بسبب عدم قدرتهم إلى الإبحار إلى المسافات التي يكون بها الأسماك الكبيرة والمتنوعة.

ويمتهن عدد كبير من سكان قطاع غزة مهنة صيد الأسماك بسبب وجود القطاع على البحر المتوسط، ويعاني أصحاب هذه المهنة من فقر شديد بسبب عدم صيدهم للأسماك الغالية والكبيرة، إضافة إلى إحراقهم لكميات كبيرة من الوقود غالي الثمن في غزة، في مقابل عدم توفر صيد يعوض عن هذه الأموال.

منع إسرائيلي

ويقول الصياد قنن "لمضمون جديد" :"إنه أخذ مهنة الصيد عن والده الذي أخذها هو الأخر عن والده، ولكن كانت هذه المهنة تأتي بالربح الوفير على العائلة، بسبب توفر السمك الكبير والمتنوع وبيعه في الأسواق بل وإطعام الجيران من خلال التوزيع عليهم مجانًا".

ويضيف قنن وعلامات الإرهاق تسيطر عليه بسبب عودته من رحلة صيد " انه مع دخول انتفاضة الأقصى وتحديدًا بعد اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، فرضت البحرية الإسرائيلية حصارًا غير مسبوق على الصيادين ومنعت أي أحد من دخول المياه لأكثر من ثلاثة ميل، الأمر الذي جعل حياة الصيادين بغزة عبارة عن جحيم بسبب عدم توفر الأسماك ".

ويتابع :"بعد هذا المنع عاش الصيادين بغزة حالة من الفقر الشديد، وترك الكثير منهم مهنة الصيد، وبحثوا عن مهن أخرى، ولكن أنا وبعض من رفقائي الصيادين لا نعرف غير مهنة الصيد في حياتنا، فقررنا الإبحار إلى المسافة المسموح بها والتي نعلم أنها لا تجلب لنا أي من الأسماك غالية الثمن"

لا خوف على السمك

ويوضح بعد رحلات صيد تستمر ليومين في المسافة المحدد لنا، سيطرت حالة من الملل واليأس علينا بسب الخسارة المتكررة وعدم الصيد، لذلك قررنا صيد السمك الصغير في البحر والمعروف لدى أهل غزة باسم "البذرة" أي السمك الذي تكون أيام حياته في البحر قليلة جدًا.

وعند سؤال قنن عن صيده لهذا السمك الصغيرة يهدد الثروة السمكية، قال :" بالفعل ما نقوم به خطأ ولكن لا يوجد لنا فبديل، لدينا أطفال وعائلة نريد إطعامهم ولا نعرف غير مهنة الصيد، (..) السمك يتكاثر فلا خوف عليه ولكن الخوف علينا نحن وأبنائنا"!.

أما الصياد الستيني أبو نضال حمامي ، فيقول عن هذه الظاهرة :"إن الصيادين ينتظرون موسم تبيض السمك، حين تتكاثر الأسماك بالألاف في هذا الموسم ليتم استغلال ذلك من قبلنا وصيد كميات كبيرة من السمك الصغير جدًا وبيعه في الأسواق المحلية، حيث تجد هذه الأنواع من الأسماك رواجًا بين المواطنين".

ويضيف "إن صيد هذه الأسماك يعوض الخسارة الكبيرة التي لحقت قطاع الصيد في غزة نتيجة توقف الصيد، ولكن يعترف أبو نضال أن صيد الأسماك الصغيرة يهدد الثروة السمكية في بحر قطاع غزة وتناقص أعداد الأسماك ويؤثر سلباً على قدرته على تجديد نفسه طبيعياً ويعتبر خسارة كبيرة ، ولكن دوام الحال من المحال".

لا بدائل

الصياد محمود الحناوي له نظرة تختلف تمامًا عن زملائه الصيادين، حيث يقول :"إن صيد بذرة الأسماك يعد صيد جائر وتعدي خطير على الثروة السمكية البحرية في قطاع غزة، وذلك لأن صيد هذه الأسماك يهدد هذه الثروة، خصوصًا أن أنواعًا من هذه الأسماك الصغيرة يتغذى عليها السمك الكبير والغالي الثمن.

ويتابع :" يرمي الصيادون شباكهم في البحر لصيد السمك الصغير دول علم منهم أن صيدهم لهذه الأسماك الصغيرة يعد خطر حقيقي على الثروة السمكية على المدى البعيد، ولكن عدم توفر بديل أو تعويض للصيادين عن الفقر في الصيد يدفعهم إلى صيد الصيد الصغير".

ويوضح أن مراكب "الجر" وهي مراكب مثبت عليها شباك كبيرة تكون مهمتها سحب أي جسم في عمق البحر سواء كان سمك صغير أو بيض الأسماك أو حتى الأعشاب البحرية، موضحًا أن أصحاب هذه المراكب هم من يهددون الثروة السمكية بصيدهم الجائر وغير المسئول للسمك الصغير.

ويذكر الصياد أن دول الجوار تقوم بمنع الصيادين من دخول البحر والصيد فيه في أوقات تكاثر الأسماك، ولكن هذه المنع غير موجود في قطاع غزة، وهو ما يؤدي إلى جعل الصياد يصيد السمك الصغير دون خوف لعدم وجود أي منع أو رادع لذلك، مطالبًا بمنع الصيادين من الصيد في هذه الأوقات

انقراض الثروة السمكية

بدوره، جدد رئيس نقابة الصيادين في قطاع غزة تحذر نزار عياش عبر "مضمون جديد" ، من خطورة ممارسة بعض الصيادين للصيد الجائر على الثروة السمكية ، متوقعاً انقراض الثروة السمكية بشكل كامل خلال الأعوام الخمسة المقبلة ، خاصة سمك السردين .

وأشار عياش إلى تعمد الكثير من الصيادين صيد بذور الأسماك من خلال الشباك الضيقة، متهما هؤلاء بتدمير الثروة السمكية ومخالفة كل أنظمة وقوانين الصيد المحلية والدولية ، وذلك وفقاً لما ورد بجريدة " الايام " الفلسطينية .

واستعرض عياش الأخطار التي تواجه الثروة السمكية ومنها شباك " الشنشولة " والجر الضيقة التي تصطاد بذور الأسماك، بالإضافة إلى السموم والتفجيرات الصخرية ، واصفاً أوضاع الصيادين والثروة السمكية في قطاع غزة بالكارثية .

وقال رئيس نقابة الصيادين بقطاع غزة :" إن الصيادين لم يتمكنوا خلال الا أشهر الثلاثة الأخيرة من صيد الأسماك الكبيرة ، واقتصر صيدهم على البذور والأسماك الدقيقة جداَ " مشيراً إلى توقف معظم مراكب الصيد عن العمل خلال هذه الفترة بسبب ندرة الأسماك.

وطالب عياش المسئولين وأصحاب الاختصاص بفرض النظام والقانون ووقف عمليات هدر الثروة السمكية ، ووقف التجاوزات التي تحصل على الشاطئ .

وقال عياش :" إن الحكومة بغزة تقوم بمحاولات حثيثة لوقف هذه التجاوزات، معبرا عن أمله في نجاحها ".

وتطرق عياش إلى الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة بحق الصيادين ، محملاً قوات الاحتلال مسئولية انخفاض منتوج صيد الأسماك جراء الحظر الذي تفرضه البحرية الإسرائيلية على تحركات الصيادين.

وأشار عياش إلى استمرار منع قوات البحرية الإسرائيلية لقوارب الصيادين من تجاوز مسافة ثلاثة أميال داخل البحر ما يحد من قدرتهم على صيد الأسماك، لاسيما أن الأسماك تتواجد في منطقة ابعد من هذه المسافة، بالإضافة الى استقطاع قوات الاحتلال لمنطقتين عازلتين في المنطقة الحدودية مع مصر على شاطئ مدينة رفح، وأخرى على شاطئ مدينة بيت لاهيا على الحدود الشمالية للقطاع مع إسرائيل.